لقد حاول والي الخرطوم جاهداً أن يحكم الخرطوم الولاية، العاصمة القومية محل الرئيس بنوم والطائرة بتقوم، والتي أطلق عليها أهلها كرش الفيل، وعندما ضرب البلاد الجفاف والتصحر أغلب اقاليم السودان كانت الهجرات من كل فج عميق، فأصبحت مصدر إعاشه لكل أهل السودان تقريباً، خاصة مهنة من لا مهنة له، وزاد الطين بلة لذات الأسباب والحروب أمّ الخرطوم اللاجئون والهائمون من الدول المجاورة وغير المجاورة وتمددت الخرطوم حتى حدود الولايات الاخرى، كل هذا وسط دهشة أهل الخرطوم، الذين ولدوا فيها وترعرعوا ونهلوا العلم في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها، وتوظفوا وتزوجوا وولدوا احفاد من صلب احفاد، فأصبحت الخرطوم عندهم أمنيات سندوشات عمنا زكي، وشربوا الشاي والقهوة في المحطة الوسطى في قهوة خباز والزيبق، واكلوا البقلاوه والباسطة في شناكا، وحاجات اخرى الجيب وسان جميس ومرحبا، وقدامي سكانها يتحسرون ويقولون نحن ما قايلين الحكاية حتبقى كده !! لقد نافح وكافح الوالي في كل مناحي الحياة ، فلم يشاركه معاونوه على الاقل الهمة والذمة، فأصبح يلعب ويدير الملعب لوحده كلاعب الاكروبات، لذا تحمل الأخطاء وحده وأهلنا قالوا الذي يعمل كثيراً هو الذي يخطئ، ورحم الله أبوتمام حكيم وشاعر الذي قال (افادتني التجارب والعناء) ورحم الله طاغور حكيم الهند الذي قال النجاح هو التجارب الفاشلة، وحتى لا نصبح نكارين جميل، نقول إن الرجل أصاب في مواقع كثيرة وأنا شخصياً أعزي بعض الاخفاقات للشورى التي كان يتلقاها من أصحاب المصالح الذاتية والسبب الاساسي اخفاقه في اختياره لمعاونيه في كل الجهات ماعدا الجهة الاجتماعية واستعان بجداد الخلال الاقصى جداد البيت، والخرطوم في كل تجاربها أهلت اعداد من الشباب، تجاوزهم الوالي ودفع بقليلي الخبرة والتجربة والدراية تعلموا الحلاقة في رأس اليتامى. وأقول بكل صراحة الخرطوم، ظلت تعمل بالشلليات وشيلني واشيلك. لذا ياسيادة الوالي لقد نلت أصوات الصادقين من أهل المؤتمر الوطني وكنت أعشم أن يتأدب معاونوك ويحشدوا لك، كما يفعلون دوماً، إلا هذه المرة حشدوا لأنفسهم ما خلاص طلعت في رأسهم، والكتوف اتلاحقت وعلمتهم نظم القوافي ولم تعلموها هجوك. واعتقد جازماً أنك تستحق العود مرة أخرى.. ولكن بعد أن تطهر نفسك من هؤلاء، وفي البداية أبدأ بأمانه تنظيمية سياسية قوية تعينك وتفتح عيونك على ما لا تراه، والصادقين المخلصين موجودين وبخير يعضون على المبادئ والوصايا العشرة واستمسك بقول سيدي الإمام الشافعي: ودع الذين إذا اتوم تنسكوا وإذا خلو فهم ذئاب خراف لاخير في ود امري متلون اذا الريح مالت مال حيث تميل وما أكثر الاخوان حيث تعدهم ولكنهم في النائبات قليل وقال : أرى قمراً ترعى وتعلف ما تهوى واسداً جياعاً تظمأ الدهر ولا تروى وأشراف قوم لاينالون قوتهم وقوماً لئاما تأكل المني والسلوى قضاء لديان الخلائق سابقاً وليس على امر القضا احد يقوى فمن عرف الدهر الخؤون وصرفة تصبر للبلوى ولم يظهر الشكوى