ارتبطت آلة الطمبور في الآونة الأخيرة بقبيلة الشايقية في شمال السودان، ما جعل البعض يعتقد أن تاريخها يعود للمنطقة التي برعت أنامل مبدعيها في مداعبة أوتارها، ولكن المفارقة أن للآلة تاريخاً ضارباً في القدم يعود للحضارة الفرعونية. ويرجع الفضل، بحسب باحثين في التراث، في انتساب الطمبور للشايقية إلى قبيلة المناصير التي تلقفت تلك الآلة من الفراعنة والنوبة وتفوقت عليهما بممارستها حتى أصبحت تتعلق بتفاصيل الحياة في تلك المنطقة. ويروي المطرب السوداني الكبير محمد وردي قصة مع الطمبور تؤكد ارتباطه بالمناصير. وقال وردي سابقاً إنه تعلم العزف على الآلة على يد أبناء تلك القبيلة الذين كانوا يجوبون من نهر عطبرة إلى مناطق المحس بأقصى الشمال في شكل طوف للحصول على حطب الدوم ويتخذون الآلة متنفساً طبيعياً وملاذاً دافئاً في حلهم وترحالهم. ارتباط بالعزلة ويوجد اعتقاد سائد عند الكثيرين بأن آلة الطمبور تصدر لحناً حزيناً لكونها ارتبطت بالوحدة والعزلة لأنها كانت تسلي وتؤنس راعى الإبل في الصحراء. وتنتشر آلة الطمبور في مناطق كثيرة من السودان، ويطلق عليها في أنحاء عديدة من كردفان لفظ "الربابة". وفي بعض أجزاء دارفور، يطلق عليها لفظ أم بري بري، أما في شرق البلاد فيطلق عليها لفظ الباسكنوب. وتصنع تلك الآله في أشكال متعددة ومراحل متباينة في التركيب، وتتحكم في أنغامها قدرة الإنسان على استخدامها، وهذا ما تفوقت فيه قبيلة الشايقية التي نقلت الحنين من الوجدان إلى الوتر ليكون نغماً ذا نكهة خاصة تتسابق القبائل الأخرى لسماعه. ويقول صانع الطمبور بدر الدين عثمان للشروق، إن تلك الآلة تتكون من الخشب والجلد والأسلاك بنوعيها (الرقشة والعصب). صناعة في ساعات ويوضح عثمان أن صناعة الطمبور لا تحتاج إلى كثير عناء وإنما تتم في ساعات قليلة. وتتكون آلة الطمبور من خمسة أسلاك (أوتار) يمكن ضبطها على وترين وهما الغدير وهو للرقص بالسيف والهركاك وهو للراقص أو بمفهوم قبيلة العبابدة التربالة. ويبرر إبراهيم بابكر، أحد المهتمين بالتراث السوداني، ارتباط الآلة ذات الأصول الفرعونية بقبيلة الشايقية، ويقول إنسان الشمال معروف عنه الحنية وهذه الحنية انتقلت من وجدانه إلى أنامله لتخلق هذه النغمة الحنينة والعجيبة ذات الجاذبية والتأثير الكبير. ويضيف الرجل الخمسيني، أن أغاني الطمبور واحدة من الإشراقات السودانية وأنها أصبحت منتشرة بصورة ملحوظة في بقاع السودان وأن عشقها يمتد من جيل إلى جيل.