انفرد سكان قرية العكد التي ترقد على الضفة الشرقية لنهر النيل وتتوسط مدينتي عطبرةوالدامر في ولاية نهر النيل بنظام أهلي محكم امتد لسنوات تحت مسمى "التكيب" يُعنى بتسيير الحياة في المنطقة. ويشمل النظام طريقة الزواج والمآتم وسلوك تلاميذ المدارس والتعامل مع المساجد. وجعل النظام العام الذي يدار وفق أسس شورية من القرية أنموذجاً للترابط والتكاتف الاجتماعي بين أهل المنطقة في السراء والضراء، الأمر الذي جعلهم يحتفظون بقيم وأخلاق نادرة ظلت سمة بارزة لدى الأجيال المتعاقبة في المنطقة. وتدار المنطقة التي تحتفظ ببساطة الريف بنظام "التكيب" وهو عبارة عن عشرة بيوت كبيرة يتم انتخابها بطريقة محددة ليختار منها لاحقاً ثلاثون عضواً يجتمعون شهرياً للنظر في الموضوعات المهمة بالمنطقة. الكلمة الفصل " "التكيب" الذي يعود إلى تاريخ قديم يعد برلماناً أهلياً نافذاً وراسخاً بقيمه ومبادئه ويضع خارطة إرشادية للمنطقة يهتدي بها السكان ويلتزمون بها دون تخاذل أو تراجع "ويعمل أعضاء التكيب على حسم كل الأمور وحلها، وتكون الكلمة الفصل لهذه المجموعة التي جاءت عن طريق الشورى. ويعتبر "التكيب" الذي يعود إلى تاريخ قديم برلماناً أهلياً نافذاً وراسخاً بقيمه ومبادئه ويضع خارطة إرشادية للمنطقة يهتدي بها السكان ويلتزمون بها من دون تخاذل أو تراجع. وفرض البرلمان الأهلي المنتخب طريقة معينة للزواج تقوم على التبسيط وتقليل التكلفة وتم تحديد محتويات "شنطة العروس وشيلة الأرياح" وهي عادات سودانية تسبق الزواج. ويلزم النظام الأسر بذبح بهيمة واحدة لإشهار الزواج، وأيضاً وضع ضوابط محكمة لسلوك الطلاب وللنادي الرياضي في القرية. وتتبع العكد أيضاً نظاماً معيناً عند المآتم وإعالة المريض وتقديم يد العون له. إغلاق المناشط ويعمد أهل العكد عند سماع الآذان لايقاف المناشط كافة أياً كان نوعها للتوجه إلى المسجد لأداء الفريضة والاستماع إلى خطبة قصيرة يلقيها إمام المسجد ليعودوا بعدها إلى مواقع عملهم مزودين بطاعة الله سبحانه وتعالى. ويعود أصل كلمة "العكد" إلى اللغة النوبية، ولكن لم تتوصل الأبحاث بعد لمعنى الاسم، ولكن ما تأكد تماماً أنه قديم منذ الدولة المسيحية وسبق مسمى منطقة الدامر. ويقول أحد أعيان المنطقة إبراهيم الطاهر، إن أصل الكلمة نوبي ولا يعرف معناه بعد، مؤكداً أن سكانها ينتمون إلى قبيلة الجعلية وهم أبناء كبوس بن حمد بن عبدالعال بن عرمان. وأكد الطاهر أن المنطقة اشتهرت بنظام "التكيب" الذي يعتبر إدارة أهلية ذاتية تفصل في القضايا. موقف شهير " المسجد يحتضن اجتماعات لجنة التكيب الشهرية، ويكون مقصداً للتفاكر في أمور القرية وتجمع في باحته التبرعات للمرضى وأصحاب الظروف الصعبة "وحكى رئيس التكيب الحاج عبدالماجد العمدة أحد المواقف القديمة لسكان المنطقة، يبرهن على وحدة وتكاتف أهل المنطقة في أحرج الظروف. ويقول العمدة إن لهم مواقف قوية ومشهودة، ففي أيام حكم الرئيس الراحل جعفر النميري رفضوا التصويت له بأمر من "التكيب"، وإن الصناديق عادت إلى المركز خاوية بعد أن نفذ أهل المنطقة القرار من دون تخاذل أو تراجع. وأضاف: "هكذا درج سكان القرية على توحيد كلمتهم دون نكوص من صغير أو كبير". ويقول إمام المسجد بالمنطقة أبشر الطاهر عندما ينادي المنادي للصلاة تغلق الأسواق والمدارس والمحال التجارية ليتوجه أصحابها إلى المسجد. ويحتضن المسجد اجتماعات لجنة التكيب الشهرية ويكون مقصداً للتفاكر في أمور القرية وتجمع في باحته التبرعات للمرضى وأصحاب الظروف الصعبة.