كامل إدريس يؤكد إهتمام الحكومة بتطوير العلاقات مع إيطاليا    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الهلال يتوج بلقب النخبة برباعية بيضاء .. والمريخ يهوي للمركز الثالث    رباعية تاريخية في شباك المريخ.. الهلال يتوج بطلاً لدوري النخبة السوداني    ريال مدريد وأندية أخرى تطالب "فيفا" بمونديال للأندية كل عامين    الهلال يذلّ المريخ ويحسم اللقب    السودان: من الفشل البنيوي إلى الوصاية الدولية -عار النخب ودرس السيادة المهدورة    اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: تساوت (الكتوف) وقل (المعروف)    "المشتركة" تثير الرعب وسط المدنيين وترفض مغادرة الخرطوم وبورتسودان    بأمر من ترامب.. أميركا تنسحب من منظمة اليونسكو    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    الخلية الأمنية بسنار تُحبط محاولة تهريب أسلحة وتفكك شبكة إجرامية    مناوي يهنئ القوات المسلحة وأبطال الفاشر على "الانتصار العظيم" ضد مليشيا الجنجويد    ترمب يلوّح بتوجيه ضربة جديدة إلى منشآت إيران النووية "إذا لزم الأمر"    نتنياهو: حرب غزة لن تتوقف    علم الدين هاشم يكتب" قبل القمة.. حسبة معقدة ولائحة مفقودة!    السودان..الجيش يكشف تفاصيل مثيرة في معركة ال3 ساعات    تنويه مهمّ لسكان الخرطوم    الطاهر ساتي يكتب: أكثر إفصاحاً ..!!    هلال اللهب والغضب… الديربي ما فيهو لعب، انتصار وذهب!    نتائج مثيرة في الجولة الأخيرة من دوري النخبة السوداني وتأهيل أفريقي على المحك..أهلي مدني يربك حسابات التأهل    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (السوداني دا)    كلام كميل يمحوه جبريل    انهيار تاريخي للجنيه السوداني وارتفاع جنوني للأسعار    "لموت مستدام".. طرح تابوت قابل للتحلل خلال 45 يوما (صور)    المريخ يتلقى ضربة موجعة ويفقد خدمات مايسترو الوسط في مباراة القمة    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    حظر خدمة الإتصال الصوتي والمرئي ل "واتساب" تثير جدلاً في السودان    شاهد بالصور.. "يفرهد بكرة بستاني النضير".. السلطانة هدى عربي تواصل خطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة ساحرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تقتحم حفل الفنان أحمد فتح الله بالقاهرة وتنهار بالبكاء والبندول يتعاطف ويتفاعل معها ويقبل يدها    الكشف عن بشرى سارة في منطقة الصالحة    السودان.. تقرير يكشف عن تحديات بشأن سوق أمدرمان    د.ابراهيم الصديق علي يكتب: *تقييد اتصال الواتساب: قضية أمن أم اتصالات؟*    شاهد بالصورة والفيديو.. ظهور "خواجات" بإحدى الطرق السفرية بالسودان في طريقهم إلى الخرطوم وساخرون: (الخواجات رجعوا وجنقو مصر لسه)    مصر تخصص قطاراً لنقل السودانيين العائدين طوعاً إلى أرض الوطن    قرار مثير في السودان بشأن تطبيق واتساب    شاهد بالفيديو.. الطفل الذي تعرض للإعتداء من الفنانة إنصاف مدني يظهر مع والده ويكشف حقيقة الواقعة وملكة الدلوكة ترد: (ما بتوروني جبر الخواطر ولا بتوروني الحنيه ولا منتظره زول يلفت نظري)    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    الإستخبارات الأوكرانية تستعد لمعركة في أفريقيا    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    لجنة أمن ولاية الخرطوم تؤكد دعمها للخطة التفصيلية لضبط الوجود الأجنبي بولاية الخرطوم    المباحث الجنائية تضبط عربة بوكس تويوتا وسلاح ناري وتلقي القبض على المتهم    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    الأزرق… وين ضحكتك؟! و كيف روّضتك؟    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    المباحث الجنائية المركزية ولاية الخرطوم تكشف غموض جريمة مقتل مواطن ونهب هاتفه بالحارة 60 وتوقف المتهم    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    أم درمان.. سيولة أمنية وحوادث عنف بواسطة عصابات    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعم مصر للكيزان ليس هناك ما يدعو للدهشة!
نشر في الصيحة يوم 21 - 07 - 2025


رشا عوض
في عالم السياسة الخارجية للدول لا توجد مبادئ ارثوذكسية صارمة، ولا توجد رومانسيات حالمة، منطق مصلحة الدولة المعنية هو الحاكم، لا يشذ عن قاعدة المصلحة في ادارة العلاقات الخارجية إلا السودان الذي أدار علاقاته الخارجية طوال تاريخه المستقل بمنطق الرومانسيات اليسارية والقومية العربية تارة، ثم بمنطق الشغب الايدولوجي الاسلاموي تارة أخرى.
مصر ترتبط مصالحها باستتباع السودان، ووسيلتها الوحيدة لذلك هي حكم عسكري ضعيف وغير وطني وفاسد بحيث يسمح فساده بتدفق الذهب المهرب والماشية الحية والمحاصيل الاستراتيجية إلى مصر بأثمان زهيدة ودون أي ضوابط تراعي مصلحة السودان، حكم تابع يجعل صوت السودان صدى لترديد الصوت المصري في قضايا مياه النيل وغيرها، ومن مصلحة مصر أن يتعطل الانتاج الزراعي في مشاريع السودان المروية من النيل حتى تذهب إليها حصته من المياه ، وهذا أمر قديم جداً، مثلاً عندما كان ثوار ثورة 1924 يرفعون في تظاهراتهم صورة الملك المصري فؤاد الأول ويهتفون بوحدة وادي النيل تحت التاج المصري كان زعيم الأمة المصرية سعد زغلول يجتهد في اقناع الانجليز بالتراجع عن تنفيذ مشروع الجزيرة! أما الاورطات المصرية التي كان ينتظر الثوار مساندتها فقد أغلقت منهم مخازن السلاح واستدعيت إلى مصر وتركت ثوارنا الرومانسيين يحصدهم رصاص الانجليز!
لذلك لا داعي للدهشة بسبب تحالف مصر مع الاسلامويين أو احد تياراتهم في السودان، نعم، مصر استأصلت الاخوان المسلمين من الحكم بعملية جراحية رغم انهم وصلوا إلى السلطة هناك بانتخابات ذات مصداقية بل هي أول انتخابات ديمقراطية حقيقية في تاريخ مصر، استأصلتهم لأن " عقل الدولة" في مصر ناضج ويقظ ويعلم أن جرثومة الإسلام السياسي مدمرة للاوطان، وتمكنها من أي وطن لا يعني سوى تمزيقه وإرجاعه قرونا إلى الوراء، ولكن تمكن الإسلام السياسي في السودان خصوصاً في نسخته الكيزانية الموجودة حالياً والتي قوامها الخونة والارزقية المستعدون حتى لبيع أمهاتهم مقابل السلطة والمال والتشفي في الخصوم هو المؤهل لخدمة المصالح المصرية ولذلك تدعم مصر الكيزان عبر دعمها للجيش، وتدافع عنهم في المحافل الاقليمية والدولية عبر تمسكها بهيمنة الجيش المسيطر عليه بواسطة الكيزان على مستقبل السودان، وعبر سعيها بصورة منهجية لاستبعاد القوى المدنية الديمقراطية من أي منبر اقليمي معني بالشأن السوداني .
سيطرة الكيزان على السودان تعني أن يرزح تحت العقوبات والعزلة الدولية، وأن تظل مصر هي نافذته الوحيدة على العالم وهذا يدر على مصر ارباحاً اقتصادية بمليارات الدولارات، اما السياسات الاقتصادية للكيزان فهي كفيلة بإخراجه من دائرة الانتاج الزراعي والصناعي واغراقه في الاقتصاد الطفيلي فلا يستفيد شيئاً من الميزات التي يوفرها له سد النهضة، ولو نجح مشروع التقسيم وانفصلت دارفور واجزاء من كردفان سيكون ما تبقى من السودان مجرد محافظات جنوبية لمصر، لذلك ليس هناك تناقضاً في تحالف مصر مع تيار كيزاني امني عسكري في السودان في ذات الوقت الذي تحارب فيه الكيزان المصريين ممثلين في جماعة الاخوان المسلمين لدرجة استئصالهم من السلطة التي وصلوا اليها بالانتخابات، فالذي يحكم الدولة المصرية في علاقاتها الخارجية هو مصالحها، وهذا أمر طبيعي جداً لا يدهش أحداً في هذا العالم إلا السودانيين الرومانسيين! الذين يتحدثون عن منطق المصلحة – وهو بالمناسبة منطق مشروع وموضوعي في السياسة – يتحدثون عنه باستنكار وتجريم اخلاقي! الواجب هو ان ننطلق كسودانيين من أرضية مصالحنا الوطنية السياسية والاقتصادية ونجعلها أهم معيار يحكم تحالفاتنا، والعمل في هذا الاتجاه طويل وشاق، يبدأ بفصل الرومانسيات عن العلاقات الخارجية، وفصل الخبل والعبط الايدولوجي عن الاقتصاد أسوة بفصل الدين عن الدولة.
هل موقف مصر الداعم للحكم العسكري في السودان والداعم لتيار كيزاني أمني وعسكري لا يمكن ان يتغير؟.
حسب المعطيات الراهنة لا يمكن أن يتغير إلا تحت ضغوط دولية واقليمية كبيرة على مصر تجبرها على الكف عن إعادة تمكين تيار امنوعسكركيزاني من رقبة السودان، وذلك يحدث في حالة توفر إرادة دولية واقليمية حقيقية ونافذة لمنع الكيزان من السيطرة على السودان، ليس لسواد عيون السودانيين بل لتحقيق مصالح مرتبطة بأمن البحر الأحمر والقرن الافريقي.
على المستوى السوداني الوطني وهذا هو الأهم، يجب تنظيم كتلة تاريخية تشكل ترساً منيعاً ضد عودة الدكتاتورية العسكرية والنظام الكيزاني لحكم السودان بالقوة.
ويجب أن لا نفهم الدعوة لاحتشاد السودانيين للدفاع عن مصالحهم كدعوة عداء مطلق لمصر، بل هي دعوة لمعادلة سياسية جديدة في الداخل السوداني قادرة على ان تجعل الخيار الوحيد لمصر هو إعادة هيكلة مصالحها في السودان وفق منهج جديد يجعل أساس العلاقات المصالح المشتركة وليس الاستغلال، التكافؤ وليس الاستتباع! ومن ناحية استراتيجية فإن بناء المصالح على أسس عادلة يجعلها مستدامة، طريق الاستغلال والاستتباع ربما يبدو في الظاهر طريقاً سريعاً لمكاسب كبيرة ولكنها لن تكون مستدامة ومأمونة خصوصاً في رمال السودان المتحركة والمتغيرات الكبيرة على مستوى الوعي السياسي في السودان فضلاً عن متغيرات الإقليم .
السودانيون ولا سيما النخبة السياسية يجب أن تدرك أن السياسة المصرية تجاه السودان لن تتغير بالحكمة والموعظة الحسنة وحديث المجاملات، بل تتغير عبر خطاب وطني جرئ يكشف للشعب كل المسكوت عنه تاريخياً والان في علاقات البلدين بشرط أن يكون كل ذلك مسنوداً بكتلة سياسية صلبة ومؤثرة في الداخل، وعبر حلف دولي واقليمي ذكي مساند للسودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.