الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    طلب للحزب الشيوعي على طاولة رئيس اللجنة الأمنية بأمدرمان    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    البرهان : " لايمكن أن نرهن سيادتنا لأي دولة مهما كانت علاقتنا معها "    يوفنتوس يجبر دورتموند على التعادل    نادي دبيرة جنوب يعزز صفوفه إستعداداً لدوري حلفا    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في منشور المركزي .. المُصدِّرون يتحفَّظون على سياسات الصادر والاستيراد
نشر في الصيحة يوم 05 - 09 - 2020


تخوفات من هيمنة الشركات الكبيرة على صادر الذهب
تقييد استخدام الحصائل يثير حفيظة المصدرين
الخرطوم: جمعة عبد الله سارة إبراهيم
تباينت اراء المتعاملين في قطاعي الصادر والوارد حول منشور بنك السودان المركزي الأخير المتعلق باستخدامات حصائل الصادر، وضوابط الاستيراد، وقلل مصدرون من أهمية المنشور وجدواه لوجود كثير من البنود مطبقة بالفعل، فيما يري آخرون أن تقييد الاستيراد وربطه بموافقة مسبقة من وزارة الصناعة والتجارة "أمر غريب وغير منطقي"، أما مصدرو الذهب فلم يتوانوا عن إعلان مخاوفهم من هيمنة الشركات الكبيرة على الصادر وتضييق الخناق على صغار المصدرين..
تقييد استخدام الحصائل
وحسب المنشور، فقد حدد البنك المركزي، ضوابط استخدامات حصائل صادر الذهب والسلع الأخرى بناء على قرار لجنة الطوارئ الاقتصادية وبالإشارة إلى خطاب وزارة التجارة والصناعة بتاريخ 31 أغسطس وعملًا بسلطات المحافظ من لائحة تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي.
وشمل المنشور تقييد استخدامات حصائل الصادر، وحظر الاستيراد عن طريق الدفع المقدم مع استثناء الادوية ومواد تغليفها وتعبئتها والمستلزمات الطبية، وحصر المنشور استخدام حصائل الذهب الحر وذهب شركات مخلّفات التعدين، في استيراد السلع الاستراتيجية فقط بكافة طرق الدفع عدا الدفع المقدم، وحدد السلع في "الأدوية والمعدات الطبية، المواد البترولية والقمح ودقيق القمح"، ونص على أن يتم الاحتفاظ بحصيلة صادر الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين في حساب مكتبي بالنقد الأجنبي باسم المصدر يفتح لهذا الغرض لدى المصارف المعتمدة باسم"حساب صادر ذهب"، يُغذى بالحصيلة فور استلامها، وتكون مسؤولية المصرف إبلاغ المصدِر بوصول الحصيلة فوراً على أن تبقى الحصيلة لفترة ثلاثة أسابيع كحد أقصى من تاريخ استلامها، وفي حالة تجاوز الفترة المحددة لبقاء الحصيلة في حساب الصادر يتم شراؤها لصالح بنك السودان.
صادر الذهب
وفي حالة صادر الذهب الحر والشركات على المصدر إيداع ضمان جدية عيناً من الذهب المصفى يعادل 10% من الكمية المراد تصديرها تحفظ لدى البنك المركزي لمدة ثلاثة أشهر، وإلزام العميل بتقديم الشهادة الجمركية وشهادة الوارد خلال شهر من تاريخ استخراج استمارة الاستيراد "إي إم" كما نص المنشور على أن يتم تنفيذ كافة عمليات استيراد السلع المذكورة بفتح حساب مكتبي وسيط يسمى حساب استيراد السلع الاستراتيجية باسم المستورد ولا يجوز أن تبقى المبالغ المضافة في الحساب لفترة تزيد عن ثلاثة أسابيع من تاريخ إضافتها للحساب، كما نص المنشور أن يتم استخدام حصائل الصادر للسلع الأخرى في استيراد السلع المذكورة أعلاه والسلع الضرورية وبكافة طرق الدفع عدا الدفع المقدم، ومنع الخصم من حساب الاستيراد إلا لأغراض سداد الهوامش النقدية للاعتمادات أو سداد قيمة مستندات استيراد حان أجل سدادها، ونص على إعادة المبالغ المخصومة لحساب الاستيراد في حالة إلغاء عملية الاستيراد، وسمح المنشور بالاستيراد من الموارد الذاتية للعملاء في استيراد السلع الأخرى خلاف السلع الاستراتيجية وقائمة السلع الضرورية شريطة الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الصناعة والتجارة قبل بدء الإجراءات المصرفية، على أن يقوم المستورد بدفع كامل قيمة الاستيراد مقدماً وبهامش نقدي بنسبة 100% على الأقل من قيمة المستندات.
دون الطموحات
ويبدو أن المنشور الأخير هو انعكاس للقاء الغرفة القومية للمصدرين، مع بنك السودان المركزي، وإشارتها عقب اللقاء أن هناك منشوراً سيصدر بشأن مضاربات الذهب ومعالجة معوقات الصادر، كما أعلنت الغرفة عن اتفاق مع محافظ بنك السودان على تشكيل لجنة مشتركة لإزالة المعوقات التي تعترض حركة الصادرات السودانية تضم بنك السودان وغرفة المصدرين ووزارة التجارة وهيئة الجمارك والأمن الاقتصادي.
إلا أن فحوى المنشور وما حمله من سياسات كان أقل من طموحات المصدرين والمستوردين، كما لم يحوِ المنشور جديداً باستثناء تقليل فترة السماح لاستخدام من شهر لثلاثة أسابيع، أما بقية البنود، فهي اجترار وإعادة للأزمة التي عصفت بالصادرات طوال السنوات الماضية، وأغلبتها سياسات مجربة ولم تثبت جدواها على حد تعبير مصدرين.
وأوضح المصدر محمد عباس، أن تقليص فترة سماح حصيلة الصادر من شهر إلى 3 أسابيع هي أبرز ما حمله المنشور، وقال إن بقية البنود معلومة وجاري العمل بها.
تضييق الصادر
ووصف عباس ل "الصيحة" منشور المركزي بأنه "ضمن قرارات لتضييق عملية الصادر"، وقال إن السياسات متبعة بالفعل، وأرجع سبب إعلانها رغم تطبيقها لعدم خبرة من يتولون الأمر وصناع القرار، كاشفاً عن ممارسات معيقة للصادر تتغاضى عنها السلطات تتمثل في التضييق على المصدرين بالموانئ وتأخيرهم لحد فساد بعض البضائع المجهزة للصادر، مع تحميلهم قيمة أرضيات أثقلت كاهل المصدر، لافتاً إلى أن الكثير مما تفرضه الحكومة على المصدرين "غير قانوني" مع تفشي الممارسات التعسفية التي تضر بالصادر، ووصف ما يحدث في قطاع الصادر ب "الهرجلة والفوضى".
وطالب عباس البنك المركزي بعدم تقييد الصادر والبحث عن مراسلين لجلب حصائل الصادر وتسهيل انسياب الحصائل بدل التعسف والقرارات التي لا جدوى منها بل تزيد وتضيق على الصادر وتصعّبه، مشيراً إلى أن مهمة الحكومة التسهيل وليس التعقيد، وقال إن كل العالم يشجع الصادر عدا ما يحدث في السودان من تشدد أفرز ظاهرة الوراقة ومستأجري وبائعي سجلات الصادر والتهرب وضياع ثروة هائلة من البلد بسبب السياسات الخاطئة.
تخوفات
بدوره، تخوف الأمين العام للجنة التسييرية شعبة واتحاد الصاغة، عاطف أحمد، من هيمنة الشركات الكبرى على الصادر باستغلال بنود المنشور، وقال إنه يأتي خصمًا على صغار المصدريين والشركات الصغيرة، موضحاً أن اشتراط سداد حصيلة الصادر عيناً أمر عادي ولا غضاضة فيه، لكن المشكلة تأتي في إلزام المصدرين باستخدام حصيلة الصادر في استيراد سلع تحددها الحكومة، مع سداد قيمتها بسعر الصرف الرسمي وهو ما وصفه بالخسارة المؤكدة.
أما المحلل الاقتصادي د. محمد الناير، فيرى أن المنشور فيه سلبيات وإيجابيات، بيد أن الأولى أكثر من الثانية، ودعا البنك المركزي للتعلم من التجارب السابقة التي أضرت كثيراً بالصادر.
وقال الناير أن بيع حصائل الصادر وتخصيصها لاستيراد سلع محددة تكبد المصدر خسائر كبيرة جداً لجهة عدم تناسب السعر الرسمي مع السعر الموازي، لافتًا الى أن بنك السودان ليست لديه أي وصاية عللا سعر الصرف الموازي وبالتالي لا ينبغي أن يتدخل فيه، وقال: لا بد لبنك السودان أن يتعلم من السياسات السابقة واستخلاص التجارب منها لوضع سياسات، وقال: حتى الآن لا توجد سياسات جديدة للصادرات، ومع زيادة الوارد وتناقص الصادر يصعب الأمر، وزاد: لابد من إصلاح السياسات وإشراك القطاع الخاص لخدمة المصدرين.
ولم تتوقف التحفظات على منشور المركزي الأخير على مصدري الذهب فقط، بل أبدى مُصِّدر الماشية سعيد علي، اعتراضه على تقييد استخدام حصيلة الصادر وتخصيصها لاستيراد سلع للحكومة، موضحاً أن المصدرين طالما التزموا بسداد حصيلة صادرهم عيناً ومقدماً قبل التصدير، فليس من المنطقي إرغامهم على استيراد سلع تحددها الحكومة، لافتاً إلى أن قيمة الاستيراد ستكون أقل طبقاً لاختلاف السعر الرسمي للحكومة عن أسعار السوق الموازي، وطالب بإلغاء هذه الجزئية على أن يقرر البنك المركزي كيفية وطريقة تحصيل نسبة ال 10% من حصيلة الصادر سواء نقداً أو مقدماً أو عيناً وفق ما يراه مناسباً.
تعديلات
ولكن الخبيرة الاقتصادية، د. إيناس إبراهيم، ترى أن التعديلات الأخيرة ليست أفضل من الوضع السابق في شيء ولم تحوِ جديداً سوى التضييق على المصدرين.
وقالت ل "الصيحة" إن اعتماد الدفع المقدم للصادر الذي كان سارياً سابقاً أضمن وسيلة للحكومة لضمان عودة كل الحصائل لبنك المركزي، بيد أنها أشارت إلى أن العقبات الأخرى في السياسات المتعلقة بالصادر تجعل المصدرين في وضع أصعب وتقلل من حجم الصادرات نفسها وبالتالي تنعكس على تقليل الحصائل لتدني حجم الصادر، وأوضحت أن المركزي كان يشترط بيع كل حصيلة الدفع المقدم المستلم بواسطة البنوك التجارية إلي بنك السودان بالسعر الرسمي هذا القرار من بنك السودان كان بغرض فك الارتباط بين بيع ورق الصادر للأجانب وتجارة العملة ونشاط الصادر.
وأدت سياسات الصادر السابقة لتزايد تجنيب حصائل الصادر بسبب انفلات سعر الصرف واتساع الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، ففي العام الماضي حصل البنك المركزي على 1.2 مليار دولار فقط تمثل أقل من 10% من حصائل الصادر، رغم عمل أكثر من 400 شركة واسم عمل في قطاع الصادرات، أما الربع الأول من العام الجاري فلم تزد حصائل الصادر عن 430 مليون دولار، ويرى خبراء اقتصاد أن هذا الرقم الضئيل يعطي لمحة عن حجم التلاعب في حصائل الصادر، خاصة عند مقارنته بحصائل صادر 2017 على سبيل المثال التي تجاوزت مبلغ 3 مليارات دولار ووقتها كان سعر الدولار 19 جنيهاً.
ويقول مصدرو ذهب إن هناك جهات ما تزال مستفيدة من الفوضى التي تسيطر على قطاع الصادر خاصة الذهب، وتصفهم بأنهم "شبكة من المفسدين وأصحاب المصالح" كما كانت شركات حكومية نافذة تفرض ما تشاء من قرارات تضمن لها مصلحتها دون النظر للمصلحة الكلية، وحذر المصدرون من مغبة استمرار السياسات الخاطئة لجهة أنها السبب في كل المشكلات التي يعاني من قطاع الذهب حاليًا علاوة على تسببها في زيادة حجم التهريب وإفقاد البلاد موارد ضخمة.
وتتسق اتهامات المصدرين مع المنطق، بسبب عدم جدوى سياسات البنك المركزي لصادر الذهب سواء السابقة أو الجديدة، ويقولون إن المنتجين التقليديين يفضلون بيع إنتاجهم لجهات غير رسمية تقوم بدورها بتهريبه لخارج الحدود، مع صعوبة واستحالة ضبط كامل التهري، لأن كثيرا من مواقع الإنتاج التقليدي خارج الرقابة وبعيداً عن السيطرة مما يفقد الحكومة العوائد الجليلة من الإنتاج وهي تعادل "10%" عن كل جرام ذهب، بإجمالي فاقد سنوي يقدر بعدة مليارات من الدولارات، مع كون قطاع التعدين في السودان لا ينحصر في الذهب فقط، حيث تتواجد معادن أخرى بكميات هائلة لم يطلها الاستكشاف بعد، ومعادن أخرى توقف فيها الاستشكاف بسبب الحرب في ولاية النيل الأزرق مثل الحديد والكروم والنحاس والرمال البيضاء والأحجار الكريمة.

سلبي وإيجابي
وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أن الضوابط التي صدرت من بنك السودان بالتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة فيها السلبي والإيجابي، ومن حق الدولة أن تحصي حصيلة الصادر على سلع استراتيجية محددة تحتاجها الدولة، ويمكن لحصيلة الصادر الخاصة بالذهب أن توظف لهذا الغرض، لكنه قال: المدة الزمنية المحددة بثلاثة أسابيع علمًا بأن معظم السلع الإستراتيجية تستورد عبر الدولة، إلا إذا رأت الدولة في المرحلة القادمة فتح استيراد الوقود عبر القطاع الخاص، وهذه مشكلة حقيقية قد لا تنجح بصورة كبيرة، وبالتالي أن الوضع الطبيعي بيع حصيلة الصادر لأحد المستوردين أو إذا استوردت الدولة كما في السابق لابد من شراء الدولار في فترة ثلاثة أسابيع، لافتاً إلى صمت وتجاهل بنك السودان عن السعر.
وتساءل الناير: ما هو السعر الذي يحاسب عليه المصدر، مشددًا على أهمية إعلان السعر بصورة شفافة لأنها واحدة من العقبات إذا لم يتم بيع حصيلة الصادر في الفترة الزمنية المحددة ستكون الكارثة الأكبر فقدان الحصيلة، فضلاً عن عدم تحديد السعر وسيتكبد المصدرون خسائر كبيرة جداً، وقال إن بنك السودان ظل يصدر منشورات وليست لديه أي وصاية على سعر الصرف وليس لديه احتياطي، وظل السوق الموازي هو المتحكم في السعر منذ انفصال جنوب السودان وفقدان السودان عائدات البترول وعدم قدرة النظام السابق في هيكلة الاقتصاد، لذلك لابد من أن يتعامل بنك السودان بسياسة الأمر الواقع ويوضح في منشوراته كيفية التعامل مع سعر الصرف سواء كان البيع للمستوردين حتى لا تكون عقبة جديدة أمام الصادرات علماً بأن مؤشرات الأداء في الربع الأول تشهد تراجعًا كبيراً جداً في حجم الصادرات وزيادة في حجم الواردات وزيادة العجز في الميزان التجاري.
عدم يقين
وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي، إن هناك تعدداً في السياسات وعدم اليقين للقرار الاقتصادي والاستثماري والتجاري مما يترتب عليه الكثير من الخلل في عقود الاستيراد والتصدير.
أهمها عدم ثبات سياسات النقد، فالمصدر يقوم بشراء منتجات الصادر بتكلفة معينة وبعدها يفاجأ بمتغيرات كثيرة مما يعرضه لخسائر كبيرة، وأضاف هيثم في حديثه ل(الصيحة): من المعروف أن هامش الربح للصادر ليس بالأرباح العالية، وكان مصدرو الذهب منتظمين جداً، وهناك توفر في النقد الأجنبي ومنذ اعتماد نظام الدفع الآجل ظهر عدد من المصدرين الوهميين مما مكنهم من التلاعب بحصائل الصادر، لافتاً إلى أن المشكلة حالياً ليست في حصائل الصادر، ولكن هنالك مشاكل كثيرة تواجه الصادرات السودانية عموماً ومعوقات حقيقية، داعياً لضرورة تصحيح وضع التجارة الخارجية السودانية ومراجعة سجل الشركات المصدرة والمستوردة وحسم أي شركة ليس لها وجود وإلغاء ترخيصها وتعاملاتها بالكامل.
وقال إن هناك شركات تعمل في الواسطة والسمسرة وتحقق أرباحاً عالية، مما يزيد الأسعار لكل الواردات.
ثغرات مصرفية
وشدد هيثم على أهمية تغيير السياسة المصرفية، لأن فاقد حصائل الصادر جاء نتيجة لوجود ثغرات في السياسة المصرفية وعدم ثبات تلك السياسة مع انتشار التهريب شبه المقنن والذي يتم عبر الوثائق بالتزوير مع ولوج (شركات وهمية) مجال الصادر ليس رغبة في عملية الصادر، ولكن لأنها وسيلة للتجارة بالعملة الأجنبية والاحتفاظ ببعض أو كل حصائل الصادر، وإعطاء سعر أقل من الحقيقي.
وتأسف أستاذ الاقتصاد بجامعة المشرق بروفسور عصام الدين الزين من كثرة المنشورات وتعددها في الصادرات والواردات، وقال: تقاطعت بشكل مربك تماماً، حيث أصبح لا يمكن التمييز بين المصدرين والمستوردين وتجار العملات!
ووصف المنشور بالمرتبك، ومرتبط باستخدامات حصائل الصادر، حيث حدد استخدام حصائل صادر الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين في استيراد السلع الاستراتيجية فقط بكافة طرق الدفع عدا الدفع المقدم، وحدد السلع في الأدوية والمعدات الطبية، المواد البترولية، والقمح ودقيق القمح، وعاد المنشور مرة أخرى واستثنى الأدوية ومواد تعبئتها وتغليفها والمستلزمات الطبية من حظر استيرادها عن طريق الدفع المقدم.
وأوضح عصام في حديثه ل (الصيحة)، أن المنشور أوضح آلية فتح الحسابات الكتابية للصادر والوارد، محدداً فترات بقاء حصيلة الصادر، لفترة 3 أسابيع، بعدها تباع للبنك المركزي؟ وتساءل ما هو سعر الشراء؟
وطرح عدداً من الأسئلة قائلاً للحساب المكتبي للوارد، ما هي العلاقة بين هذا الحساب وحساب الصادر؟ ومن يحدد ويحرك أسعار الدولار؟ وهل للبنك المركزي دور في ذلك؟ أم انسحب وترك واجباته لمافيا السوق؟ وعن ال 10٪ من الذهب المصفي المودعة طرف البنك المركزي لمدة 3 أشهر كضمان جدية عيني في حالة صادر الذهب، هل هذه الضمانة تفي بالمطلوب؟ قائلاً: لا أعتقد ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.