السلطات في الإمارات تعتقل مواطنا سودانيا    البيان الختامي للقمة التاسعة للبحيرات يوصي مجلس الأمن بإدانة مليشيا الدعم السريع    مجلس رابطة مدينة الثورة الرياضية يقرر تجميد نشاط نادي الهدايا ببورتسودان    أمم إفريقيا أول خطوات ليفربول لإبعاد صلاح    دراعة للأدب والطاعة    تحكيم سوداني لمباراة بيراميدز المصري وريفرز يونايتد النيجيري بقيادة شانتير    المعركة ليست عن الأشخاص... إنها عن رمزية الجيش وبقاء الدولة    الأهلي ممثلاً رسمياً لاتحاد كوستي في منافسة كأس السودان القومي    السودان..مقاطع فيديو تقود إلى اعتقال فتاة    شاهد بالفيديو.. "كازقيل" كاكي أخضر.. الجيش يواصل التقدم في كردفان ويستعيد منطقتين من مليشيا الدعم السريع    شاهد.. "القروش بتخلي البني آدم سمح".. جمهور مواقع التواصل بالسودان يواصل سخريته من المذيعة تسابيح خاطر بنشر صور قديمة لها قبل ظهورها في الإعلام    الخلية الأمنية تقبض على معدات متطورة لتزوير العملة بحي المعمورة بالخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. بعد أن سألها على الهواء مباشرة "انتي مرتبطة؟".. الفنان المصري سعد الصغير يعرض على "مونيكا" الزواج والمطربة السودانية ترد عليه (انت عايز تأكل بس)    شاهد بالصور والفيديو.. بأزياء مثيرة للجدل.. زوجة فنان الثورة السودانية تشعل مواقع التواصل في أول ظهور لها على السوشيال ميديا والجمهور يسخر: (دي القروية الكنت بتغني ليها؟)    شاهد بالفيديو.. الفنان المصري سعد الصغير يثير غضب السودانيين أثناء ترحيبه بالفنانة "مونيكا": (أنا أعرف أن السوداني لازم يبقى أسود أو أسمر لكن من السودان وبيضاء أزاي مش عارف!!)    خسارة مصر أمام أوزبكستان تدق ناقوس الخطر    عامر حسن عباس يكتب: الامارات تسعى لإجبار دولة جنوب السودان لدخول الحرب .    ضربة روسية قوية بصواريخ كينجال على مواقع عسكرية حساسة في أوكرانيا    من هوانها علي الدنيا والناس أن هذه المليشي المتشيخ لايعرف عن خبرها شيئاً .. ولايعرف إن كانت متزوجة أم لا !!    الالعاب الإلكترونية… مستقبل الشباب في العصر الرقمي    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    تعادل الإمارات والعراق يؤجل حسم بطاقة المونديال إلى موقعة البصرة    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    روبيو يدعو إلى وقف إمدادات الأسلحة لقوات الدعم السريع السودانية    نجم ريال مدريد يدافع عن لامين يامال: يعاملونه مثل فينيسيوس    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    المنتخب الوطني يتدرب بمجمع السلطان قابوس والسفير السوداني يشّرف المران    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بابكر فيصل يكتب: في سيرة التحولات الفكرية
نشر في باج نيوز يوم 05 - 05 - 2022

*في عام 1986، صدر عن دار الزهراء للإعلام العربي (المقربة من جماعة الأخوان المسلمين), كتاب بعنوان "مقدمة في فقه الجاهلية المعاصرة" للمستشار، عبد الجواد يس، وقد احتوى الكتاب على أفكار سلفية وتكفيرية تصف المجتمع المصري بأنه مجتمع جاهلي وتضع تصورات دينية متشددة لمفاهيم الدولة والتشريع والمواطنة.
*اعتمد الكتاب على القراءة الحرفية للآيات القرآنية وتبنى الثنائية المانوية في تعريف تلك المفاهيم المعقدة، بحيث جعل للإسلام تصورا و تعريفا واحدا للمفاهيم وما عداه يعتبر بعيدا عن الإسلام (دولة إسلامية/دولة كافرة، مجتمع إسلامي/مجتمع جاهلي.. إلخ).
*ومن أكثر المفاهيم التي وردت في الكتاب وعكست القراءة اللاتاريخية للنص القرآني والابتعاد عن روح العصر هو ما طرحه الكاتب حول مفهوم الدولة الإسلامية وما يرتبط بها من مفاهيم أخرى متعلقة بالمواطنة والحقوق والواجبات والقوانين والدستور وغيرها.
*يقول الكتاب في هذا الإطار: "ففي دولة الإسلام – أيا كان اسمها – ينقسم الناس إلى قسمين : المسلمين وغير المسلمين, فأما المسلمون فهم أصحاب الدولة والسلطان والقائمون على أمر الناس بالقسط، وأما غيرهم فهم أهل عهد وذمة إذا رضوا. فلهم عهدهم وعلى المسلمين برهم وهم تحت السلطان. وإن لم يرضوا فهم أهل حرب وعدوان".
*وهو يرفض فكرة "الوطن" لأنها "تتسق مع مجمل المبادئ والتصورات الجاهلية القائمة على نبذ منهاج الله تعالى أن يحكم الحياة في الأرض"، ذلك أنه في "حكم الوطنية المسلم والنصراني واليهودي والملحد سواء. وفي حكم الإسلام ليسوا كذلك على إطلاق التسوية. وإنما لهم أحكام في شريعة الإسلام مخالفة لأحكام المسلمين وإن كانت لهم في ظل الإسلام حقوق العهد والذمة والبر والإحسان".
*ولا يعترف الكاتب بالدولة الوطنية الحديثة التي نشأت عقب صلح ويستفاليا في 1846 والتي أصبح الانتماء القطري يشكل أساسها وأضحت الحقوق والواجبات فيها تنبني على مفهوم المواطنة.
*ويقول في هذا الإطار: "أما الدين والعقيدة فهما المعيار الوحيد الذي ينعقد به التمييز بين الخلق في الإسلام .. فدار الإسلام قد تضم في إقليمها، إلى جانب المسلمين بعضا من أهل الذمة غير المسلمين الذين ارتضوا حكم المسلمين وسلطانهم, وهؤلاء لهم في تلك الدار أحكام مغايرة لأحكام المسلمين، إنهم مثلا يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون. وهم لا يشاركون المسلمين جهادهم ولا فيئهم ولا غنائمهم، ولهم الاقساط إن أحسنوا، وعليهم الدائرة إن حاربوا، وليس لهم أن ينكحوا نساء المؤمنين، وللمؤمنين أن ينكحوا نسائهم).
*وبالنسبة للكاتب فإن الدستور الذي ينص على عدم تمايز المواطنين داخل الدولة بسبب من الدين أو العقيدة فهو دستور لا علاقة له بالإسلام, كما أن الأحكام التي لا تستند إلى الدين في التمييز بين الناس لا تعتبر أحكاما إسلامية.
*ويقول الكتاب في هذا الخصوص : "وعلى ذلك فإن دولة تريد أن توصف حقا بوصف الإسلام، لا تملك إلا أن تجعل الإسلام أساس 'الجنسية' ومقياس المغايرة في الأحكام بين الناس، لأن الدولة المسلمة دولة محكومة بما أمر الله، وفي حكم الله لا يجتمع الناس إلا على رابطة العقيدة فيه تبارك وتعالى".
*ويضيف "أما الدولة التي تنص في دستورها على أنه لا تمييز في الحقوق والواجبات العامة بسبب 'الدين أو العقيدة' فلا بد أنها دولة لا يعنيها في شئ أن توصف بوصف الإسلام. فالرباط الوحيد عندها هو رباط 'الجنسية الوطنية'، به تتخالف الأحكام وتتمايز الأقدار وينقسم الناس إلى وطنيين وأجانب".
*أما نظرة الكتاب للأحكام المتعلقة بأهل الذمة فلا تخرج عن النظرة التراثية التي تقوم على التمييز بينهم وبين المسلمين باعتبار أنهم يعيشون في دار الإسلام ويخضعون لأحكامها، ويشير الكتاب لشروط الذمة الستة المعروفة ويضيف إليها الشروط المستحبة مستندا إلى ما جاء في "عهد عمر" لنصارى الشام.
*ويقول: "وتكلم كثير من أهل الفقه عن شروط أخرى مستحبة منها: لبس الغيار وهي الملابس ذات اللون المخالف لملابس المسلمين لتمييزهم عنهم، ومنها كذلك ألا تعلو أصوات نواقيسهم وتلاوة كتبهم، وألا تعلو أبنيتهم فوق أبنية المسلمين، وألا يجاهروا بشرب الخمر أو يظهروا صلبانهم وخنازيرهم، وأن يخفوا دفن موتاهم ولا يجاهروا بندب عليهم ولا نياحة، وأن يمنعوا من ركوب الخيل".
*وبعد مرور حوالي عقدين من الزمن وقع تحول كبير في المسار الفكري للمستشار ،عبد الجواد يس، جعله يُعيد النظر جذريا في القضايا التي تناولها في كتاب "مقدمة في فقه الجاهلية المعاصرة" ليتبنى مواقف مختلفة حول مفاهيم الدولة والشريعة والعلمانية.
*وقد بدأت الاتجاهات الفكرية الجديدة في كتاب من جزأين هما: "السلطة فى الإسلام: العقل السلفي بين النص والتاريخ" و"السلطة فى الإسلام.. نقد للنظرية السياسية",،ثم جاءت العلامة الفارقة في التحول مع كتابه "الدين والتدين: التشريع والنص والاجتماع".
*انخرط المستشار عبد الجواد في قراءات عميقة للفقه والتاريخ الإسلامي وعلم الاجتماع الديني وعلوم القرآن والحديث والأنثربولوجيا وتشكلت لديه قناعات جديدة ضمَّنها كتابه عن السلطة في الإسلام، واعتبر أن كتابه الأول "نص منسوخ" لم يعد يعبّر عما يحمله من أفكار.
*في كتاب السلطة في الإسلام، قام المستشار يس بعملية تشريح للعقل السلفي وخلص إلى أن "الإسلام المتعارف عليه بين الناس ليس إسلاما نصيا، ليس إسلاما راجعا إلى الوحي الإلهي، ولكن كتلة كبيرة منه جاءت من المنظومة الفقهية التي أنتجها السلف في مرحلة التدوين التي استمرت من القرن الأول الهجري حتى القرن الخامس".
*وفي كتابه "الدين والتدين" أوضح أن التشريع فعل اجتماعي، وسيظل كذلك حتى وإن تبناه نص ديني.
*وقال في هذا الخصوص: "التاريخ الاجتماعي فرض حضوره المعتاد في الإسلام منذ البداية، حيث تجلى في النص الديني ذاته، من خلال تبني لخيارات تشريعية وطقوسية بعينها. وثانيا: بعد إغلاق النص, أنتج من خلال الممارسة، منظومات التدين المتعددة التي اضيفت إلى منطوق الدين النصي، مكونة معه بنية كلية متضخمة، على مستوى اللاهوت والطقوس والتشريع).
*وكذلك رأى أن أي نظرة تجديدية للدين تقتضي ضرورة التفرقة بين "النصوص الكلية ذات الغرض الاخلاقي", وهي النصوص الجوهرية في الدين والتي ينبغي أن تكون باقية ومستمرة، وبين النصوص المتعلقة بالتشريع, ذلك أن الأخيرة تعكس واقع الاجتماع المتغير بتغير الزمان والمكان, وهي بالتالي غير ثابتة مثل النصوص الأخلاقية.
*وعندما سئل المستشار عبد الجواد يس عن السبب وراء التحول الفكري الكبير الذي حدث له أجاب بالقول: "الأصل في الأشياء التحول وليس الجمود، هذه طبيعة الاجتماع وطبيعة الفكر، على المستوى الفردي تحدث التحولات بشكل طبيعي عند ممارسة التفكير، المشكل هنا ليس في الفكر المتحول، بل في ذهنية الطرح الفقهي الموروث الذي يصر على فكرة 'الإجماع' وفكرة 'البدعة'، ما يعني التنكر لقوانين الاجتماع الطبيعي: قانون 'التعدد' وقانون 'التطور'".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.