* اتجهت أندية القمة ومنذ فترة ليست بالقصيرة للاستعانة بالمدربين الأجانب لقيادة الدفة الفنية لها، وذلك لاعتقادهم الراسخ أن هؤلاء المدربين أكثر فكراً ودهاءً من أبناء الوطن وظناً منهم أنهم بإمكانهم قيادتها إلى منصات التتويج الغائبة عنا ردحاً من الزمن لدرجة أن معظم الشباب من الجيل الحالي لم يشاهد يوماً بطولة خارجية جاءت محمولة جواً إلى السودان عبر مطار الخرطوم فلم تستمع أنظارهم بغير الخروج المرير في كل عام سواءً على مستوى الفرق أو المنتخبات وأصبح الأمر يعاد ويكرر بذات النسق مع اختلاف الإدارات والأشخاص وثبات المضمون والمحصلة النهائية أن المدربين أصحاب الجنسيات المختلفة فشلوا في إضافة جديد إلى الكرة السودانية، بل إنهم هم المستفيدون على المستوى الشخصي من الشقق الفندقية والعربات الفارهة والراتب الدولاري المغري، فكان من الأولى وضع الثقة في المدرب الوطني خاصة قدامى اللاعبين الذين أثبتوا تميزاً في مجال التدريب فمن الأولى الاعتماد عليهم وأن دعى الداعي لابتعاثهم خارجياً على حساب النادي من أجل تطوير مقدراتهم والمواكبة أكثر لكل ماهو جديد في عالم التدريب والشئ المؤسف حتى الأندية الأخرى غير القمة سارت في ذات الدرجة وانجرفت وراء موضة المدرب الأجنبي، الذي أثبتت الأيام أن هذه النظرة غير سليمة بدليل أن الهلال والمريخ يلجآن للاستعانة بالمدرب الوطني بمجرد إنهاء التعاقد مع المدرب الأجنبي ومع ذلك لا يرفضون هذا التكليف، بل يعيدون الأمور إلى نصابها سريعاً مع صعوبة المهمة وتعقدها ويتجاوزا تلك الظروف بما لديهم من خبرة وحنكة ومعرفة دقيقة بالحالة النفسية للاعب السوداني فآخر إنجاز حققه المريخ في العام السابق في العام السابق كان حصوله على بطولة شرق ووسط أفريقيا سيكافا بواسطة الثنائي محسن سيد والخبير برهان تية ليأتي بعد ذلك غارزيتو الذي فشل مع الهلال وعاد ليفعل ذات الأمر مع المريخ، والآن المدرب المصري طارق العشري الذي كان السبب الرئيس لخروج الهلال من الأبطال وليس أن المدربين دائماً شماعة يعلق عليها الإخفاقات، بل العشري المساهم الأكبر في هذا الوداع طال الزمن أم قصر سيندم مجلس الهلال على تهوره واستعجاله في قرار إقالة الفرنسي المظلوم كافلي. شرف تفوق على غارزيتو * المدرب الوحيد الذي تفوق على المستر غارزيتو وبجدارة خلال عام واحد وبفريقين مختلفين وداخل القلعة الحمراء هو شرف الدين أحمد موسى حيث تمكن تحقيق الفوز الأول في مباراة الأحداث الشهيرة حينما تولى الإشراف على فريق مريخ الفاشر واستطاع هزيمة المريخ بهدف حسن كمال في معقله ووسط أنصاره التي هاجت وماجت ورفضت تدخل الشرطة ثم عاد وكرر الفوز مجدداً بفريق هلال الأبيض وهذا يدل على أن شرف الدين صاحب فكر تدريبي عالي جداً وما كان له أن يفوز على المدرب الفرنسي الذي قاد فيما بعد المريخ حتى المربع الذهبي وبات قريباً من التتويج باللقب لولا اصطدامه بعقبة تي بي مازيمبي العنيد الذي أذاقه مرارة الخروج من مربع الذهب وجعل أنصاره تتحسر على ضياع بطولة كانت الأقرب إليهم من أي وقت مضى ولكنها ضاعت بأمر غارزيتو. نجاح باهر مع أسود الجبال * امتداداً لنجاحاته السابقة مع مريخ الفاشر وهلال الأبيض عاد إلى الواجهة من جديد وهذه المرة مع فرقة أسود الجبال التي تقدم مستويات باهرة هذه الأيام واستطاع أن يسير في تصاعد مستمر حتى بلغ المركز الثاني في روليت المنافسة إلى أشعار أخر من المريخ الذي لديه عدد من المباريات المؤجلة فقصة هلال كادوقلي تشابه إلى حد كبير قصة فريق ليستر سيتي الإنجليزي الذي كان مرشحاً للهبوط إلى الدرجة الأولى في العام السابق واليوم يسير بخطى ثابتة نحو إنجاز عظيم وهو التتويج بكأس الدوري الإنجليزي الذي يعد أصعب من أبطال أوربا ومن هنا تأتي إثارة الدوري الإنجليزي ومتعته فإذا واصل هلال كادوقلي صحوته هذه بلا شك سيكون من أقوى المرشحين لتمثيل السودان في بطولة الاتحاد الأفريقي العام القادم، وهذا وحده يكفي أن يتوج شرف كأفضل مدرب وطني نسبة لنهضته بالفرق الأخرى غير هلال مريخ مع ضعف إمكانياتها، ومع ذلك تمكن من إخراج أفضل ما يمتلكه أولئك اللاعبون . المدرب الوطني مظلوووووم * آن الآوان إلى إعادة النظر في هذا الملف الحساس والنتائج معروضة أمام الجميع فمنذ مطلع الألفية وإلى يومنا هذا لم ينجح أي من المدربين العرب أو الخواجات في الصعود بالقمة إلى منصات التتويج وهذا هو الهدف الأساسي من استقدامهم، فلماذا لا نتيح الفرصة لواحد من الوطنيين وأن نضع أيدينا في أيديه ونوفر إليه كل ما يحتاجه ثم نأتي في خاتمة المطاف لتقييم تجربته؟ طالما أننا لم نكل أو نمل من التجريب المستمر وإخفاقاته ظاهرة للعيان فالغاية ليست الوصول إلى المربع الذهبي فهذا ليست انجازاً يمكن أن تباهي به، فالفريق الحائز على اللقب وحده من يدوِّن اسمه في السجلات الذهبية للكاف ويصبح ذلك فيما بعد جزءاً من تاريخه الناصع الذي يباهي به عشاقه في كل الأماكن، فنملك مدربين مميزين فقط يحتاجون إلى الثقة وكل الانجازات التي تحققت كانت تحت قيادتهم وحتى وصول الهلال للنهائي في 92 كان بقيادة وطنية خالصة إذا كان هناك ضرورة قصوى للاعتماد على مدربين أجانب يجب أن نأتي بخبراء على أعلى مستوى وذلك لتدريب النشء وتلقينهم الأساليب الحديثة في كرة القدم لنبنى بذلك جيلاً قادراً على جعل كل الأحلام حقيقة.