الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في لقاء مع المفكر اللبناني الدكتور علي حرب : استقالة أمة من التفكير الخلاق!
نشر في حريات يوم 21 - 10 - 2010

أحمد علي الزين: أنت على طول هيك عندك إحساس بالرهبة أمام الكاميرا؟
علي حرب: إيه بالفعل بحس كأنني آتٍ إلى المقصلة، بفقد البداهة بمعنى أنه قدراتي الفكرية تتناقص يمكن إلى أقل من النصف، هلأ طبعاً يعني لا يمكن على الشاشة أن تقول ما تريد قوله وبالطريقة التي تريد قولها كما تكتب.
أحمد علي الزين: يفضّل هذا الرجل أن تعفيه من حوار متلفز خشية أن تضيع الفكرة ويتعثر الجواب، فالكلام حين يقال على الهواء يفلت من الرقابة الذاتية ولا يمكن تصويبه أو تصحيحه، أظن هذه حال معظم المفكرين خاصةً منهم من يعالج المسائل الخطرة التي تصنف في باب التابوه، وبالتأكيد عندما يكون الكاتب أمام ورقته البيضاء لديه الوقت في التعديل في الحذف والإضافة والتحسين والتأمل وإعادة النظر، وحين نقرأ كتاباً أو نصاً لمفكر فد نعثر ربما على أسباب المخاوف من إطلالةٍ متلفزة، ولكن علي حرب لم يكن أقل إسهاباً أو دقة في حواره مما يكتبه، وخشيته من تعثر ضياع الجوهر لم يكن في مطرحه، أظن أنه وضع الإصبع على الجرح وأصاب في التهديف.
العالم في أزمة كونية متعددة الأوجه
يعني عادةً اللي بيشتغلوا بالفكر دائماً هم عندهم أسلحة ملحاحة هيك دائماً بيحملوها، يعني هلأ إذا بدنا نسأل عن السؤال الأكثر إلحاح اللي هو مطروح أو أنت بتطرحه على نفسك أمام هذا المشهد الإنساني والعالمي شو هو؟
علي حرب: المشهد العالمي اليوم يمكن أن نصفه بأنه هو الأزمة لقد تعدى الأمر الأزمة، إذا أخذنا الأمن ثمة تدهور على المستوى الكوني, إفلاس الأمن عما كان عليه يعني في عقود, إلى حد يمكن الحديث عن نوع من الحرب الأهلية الكونية، فالعالم في أزمة, عدا عن المستويات الأخرى يعني فيما يتعلق بتلوث البيئة وهي مسألة ليست قليلة الأهمية, اليوم البشرية تدمر الإنسان بمركزيته البشرية, وتسخيره كل شيء لما يعتبره من مصلحته سواء من منطلق ديني أو من منطلق ديكارتي، منطلق ديني وسخرنا للإنسان كل ما في البر والبحر أو ديكارت الإنسان سيد الطبيعة ومالكها, هذا المنطق يؤدي يعني إلى تلويث البيئة وتدمير.. أما العنف العنف هو ثمرات النرجسية البشرية النرجسية الثقافية، والآن الصراع يعني بين القوى والكتل المساحة الكونية وخاصةً بين الأصوليتين الأصولية الجهادية والأصولية الإنجيلية، العلة هي المعتقد الاصطفائي, أن يعتقد أناس أنهم يمتلكون الحقيقة أنهم الأحق والأفضل والأرقى من غيرهم، يعني مجرد ما يعتبر الواحد أنه مالك الحقيقة معنى ذلك أنه استبعد سواه, مجرد ما يعتبر أن معتقده هو الأصح والأقوم والأفضل معنى ذلك أنه اعتدى رمزياً على الأقل على سواه مقدمةً لاستئصاله إذا أمكن، أما في العالم العربي هنا المشكلة..
أحمد علي الزين: المأزق مضاعف طبعاً..
علي حرب: مضاعف لأننا نهرب لا نسلط الضوء على المشكلات نهرب أو نتهم الغير بأنه مسؤول عن مشكلاتنا لكي..
بيروت هي نموذج لمدينة المستقبل المرعبة
أحمد علي الزين: طيب أنت ألا ترى أو تؤكد مش ترى فقط أنه هذا القرن القرن الواحد والعشرين أن الإنسانية أو العالم دخل بنفق جداً معتم, والمجتمع الإنساني أو الكون كما تصفه أنت في كتابك الإنسان الأدنى يعيش حالة طوارئ حالة طوارئ كونية، السؤال هو بتقديرك هل فشل العقل في اجتراح الحلول على الأقل يعني لتخفيف المأساة وليس لإلغاء المأساة؟
علي حرب: أما أنها حالة طوارئ فهذه المدينة تشهد, تكاد بيروت تتحول إلى ثكنة، برأيي أن بيروت ستكون هي نموذج لمدينة المستقبل المرعبة، يعني الفرق بيني وبين الحداثيين يعني يعتبرون أن المشكلة.. يعني يطرحون علاج للمشكلة بمفردات الحداثة أنهم يتباكون عن الإنسانية، أنا أعتقد العكس ما يحصل هو ثمرة إنسانيتنا، ما يحصل.. طيب لماذا..
أحمد علي الزين: ثمرة ثقافتنا مش إنسانيتنا.
علي حرب: يعني إنسانيتنا بنماذجها الثقافية وقيمها الخلقية وكل يعني ترسانتها الرمزية، ولذلك يعني العقل الحديث يعني لم يعد برشده, العقلانية الحديثة هي يعني العقلانية الحديثة أحلت نفسها محل الدين، بمعنى أنه تعاطينا مع ألهنا العقل حولنا الحداثة إلى ديانة حولنا التقدم أيضاً إلى ديانة..
أحمد علي الزين: وأنت واحد منهم؟
علي حرب: أنا طبعاً انخرطت في هذا, ولكن فيما بعد إزاء ما يحدث ولعل الحرب اللبنانية.. الحرب اللبنانية يعني كوني عانيت الحرب, إن هذه الحرب بالفعل يعني تركت الأثر الأكبر في تغيير قناعاتي وقيمي، ماذا فعلت بي الحرب؟ ارتديت على ذاتي، وهذا هو النقض الأساسي، النقض الأساسي النقض الفلسفي هو نقض الذات وليس نقض الآخر، الحرب علمتني بأن الطاغية والإرهابي والفاشي والعنصري يتغذى من الذات، ولذلك أنا كتبت في الحرب في الثمانينات كلما قتل إنسان نظيره فزعت من نفسي.
أحمد علي الزين: الحوار مع المشتغلين بالفكر والفلسفة دائماً يحرض العقل على التأمل وعلى طرح الأسئلة، وإذا كان المشتغل في هذا الميدان حراً وغير أسير لمنظومة أيديولوجية, ومرجعيته هي عقله النقضي الفاحص المدرب على المقاربات والمجتهد في تجديد المفاهيم والمنفتح على السؤال والتطور, عند ذلك يتسع فضاء النقاش, ويطال الحوار عمق المسائل الشائكة، وكلما كان الفكر حياً كلما ازدادت حرارة الكلام الدال على مواضع الأعطاب والأزمات والمآزق الإنسانية والخراب البشري.
تقول في مكان ما من شغلك أن القرن 21 سوف يكون قرناً دينياً بامتياز, أنت أو ما بعرف استعرت من أحد, طبعاً هذا يتجلى بنشوء الأصوليات يعني إن كان في العالم الإسلامي أو في الغرب يعني بأميركا أنه فيه كمان هذه الموجة الردة الإنجيلية الأصولية إن صح التعبير, السؤال هو هل فشل العقل الوضعي أو الفكر الوضعي؟
علي حرب: الأصولية هي احتمال القائم, يعني ولذلك اليوم الأصولية بالولايات المتحدة يعني ناشطة, والمثال على ذلك نظرية التطور, يعني ثمة من يطالب الآن ليس فقط بأن يعلموا نظرية الخلق الدينية أو عقيدة الخلق على قدم المساواة مع نظير.. ثمة ولايات يطالب أهلها بإلغاء نظرية التطور العلمية والاكتفاء على نظريات.. صاحب القول هو الكاتب الكبير أندريه مارو اللي كان أيضاً وزير ثقافة في أيام شارل, هو قال أنه سيكون القرن 21 دينياً، أنا في الحقيقة يعني عندي تعليق, وبهذا التعليق خليني إرجع لماركس ولرجيسدوا بريه, لأن ماركس بالنسبة له الدين أفيون الشعوب..
أحمد علي الزين: وجيسيدوا بيريه بقول فيتامين الشعوب.
علي حرب: فيتامين الضعفاء، رد عليه وقال له فيتامين الضعفاء، أنا برأيي أن الدين لم يعد لا أفيون ولا حتى فيتامين أصبح فيروس قاتل إنها الجرثومة الأصولية، طيب وأنت تسألني عن الحل الديني, يعني طبعاً الأصولية استفادت من انهيار المشروع القومي ومن فشل المشروع..
أحمد علي الزين: شو اللي فشّل المشروع القومي؟ خلينا نقطة نقطة شو اللي فشل المشروع القومي لأنه استمد عناصر بقاؤه من الفكر الديني؟ أو طرح شعارات يعني كان عاجز عن تنفيذها؟
علي حرب: لماذا اشتغل.. هيدا سؤال طبعاً مهم لماذا اشتغل العقل القومي كمصنع للفرقة؟ يعني أتى إلى الفكر القومي بالأحزاب القومية، أتت الأحزاب القومية حسب ادعائها وطرحها يمكن تكون صادقة لتوحيد المنقسم، فإذا بالأحزاب القومية نفسها تتشرذم باختلاف اتجاهاتها لماذا؟ لأنها تعاملت مع فكرة الوحدة بطريقة أحادية عنصرية مغلقة, بطريقة لا تتسع سوى أحياناً يعني فكرة الوحدة لا تتسع إلا للزعيم الأوحد.
استقالة أمة من التفكير الخلاق!
أحمد علي الزين: بتقديرك ليش العالم الإسلامي أكثر استعداداً من سواه في العالم يعني في الغرق بالسكونية المطلقة وأكثر جهوزية بالسير عكس التاريخ عكس حركة الزمن؟
علي حرب: مهو لأنه يسير عكس.. أنا أعتقد لا توجد أمة على وجه الأرض قد قرر أهلها الاستقالة من التفكير الحي الخلاق المبتكر أكثر من العرب، للاشتغال بشو بعبادات الأصول والنصوص, كل الأمم عندها تراثات وتعتز فيه من اليابان إلى جنوب أفريقيا إلى دول.. ولكن هذا التراث الحي تراث يعني يحولوه إلى عملة حضارية إلى إبداع ثقافي أو فكري أو إلى مخترعات تقنية، نحن بالعكس نحول نحن نملك تراثاً ولا أغنى تراث هائل نحوله..
أحمد علي الزين: شو السبب فيه سر ما؟
علي حرب: سر ثقافي, يعني السر هيدا العبادة عبادة النصوص التعلق..
أحمد علي الزين: أدونيس بيجاوب تقريباً على السؤال بقول ما بأنه يعني هذه الشعوب إذا بقيت هيك هي في طور الانقراض, إذا بقيت بهالطريقة مثل ما انقرضوا البابليين والسومريين كمان ممكن تنقرض هذه الشعوب..
علي حرب: ما هي ميزة الإنسان؟ الإنسان هو كائن يمتلك أهم ميزة له مش أنه يمتلك ثروات طبيعية، يمكن أن يمتلك ثروات طبيعية ويهدر هذه الثروات الطبيعية، وممكن أن لا يمتلك ثروات طبيعية مثلاً ولكن رأس ماله الفكري والعقلي يوظفه كما اليابان وكما ماليزيا يعني فيه دول لا تمتلك نفس الثروات التي تمتلكها الدول العربية، يعني يتذرعون بالخارج بالصراع وبأنه نحن مستنفرون ولكن هذا لا يكفي, أنا برأيي العلة هي فكرية, العلة في الفكر, طريقة التفكير عبادة, أنت تتخلى عن رأس مالك الأساسي اللي هو الفكر، تصور مثقفي هذه الأمة يا سيدي شو شغلتهم؟ يخافون المتغيرات, فيه فريق كبير من المثقفين في العالم العربي وفي العالم الغربي.. وفي العالم الغربي يعني من تشومسكي إلى طارق علي إلى الفيلسوف زيزك الذين.. يعني زيزك فيلسوف سلافي يتحدث عن بيل غيتس بأن عدو التقدم، لما عدو التقدم؟ بيل غيتس كان مبتكر, بيل غيت برأيي يعني على صعيد علاقته بالحقيقة مبتكر إذ أنه فتح فتحاً في عالم الكمبيوتر والمعلوماتية, هذا عطل كبير, أن المثقفين وإذا شئنا هون حتى الحداثيين والفلاسفة منهم بعض الفلاسفة يؤسف أنهم مثلاً يعادون الفهم, ماذا أقصد بالفهم؟ يعادون الموجات الحديثة من الحداثة، وأنا تعرضت للنقد أنه أنا أُعد من تيار ما بعد الحداثة، يا أخي ما هي ما بعد الحداثة؟ ما بعد الحداثة هي موجة من موجات شو الحداثة، ولو عدنا إلى أكبر مؤسس للحداثة أو أحد مؤسسيها لا أقول أكبر كان هو نقض العقل مش نقض الآخرين.
أحمد علي الزين: علي حرب فحاص لأعطال الحداثة وأمراض الدين وأزمات الهوية ونشوء الأصوليات وبواعث الإرهاب ومرجعياته، ومُسائل للأسباب المؤدية إلى الاستبداد والفساد وغياب الحرية وفقدان العدالة وغياب العقل السجالي أو التناظري كما يسميه محمد أركون، فالوحش الإرهابي كما يقول يتغذى من ثقافتنا، فهناك علبة سوداء تعشش في العقول بعقدها ومتحجراتها وتهويماتها وخرافاتها وتصنيفاتها العنصرية.
ولعل علي حرب هو واحد من بين الذين تجرؤوا على وضع هذه المضامين التي تحتويها العلبة السوداء تحت مجهر الفحص متحققاً من أمراضها التي تفتك بإنسانيتنا وعقولنا.
تقول أيضاً بكتابك “الإنسان الأدنى” تقول إن الثقافة الإسلامية هي المؤسسة بما معناه ليس يعني حرف حرف للتطرف عبر الدعاة وعبر المرجعيات والأحكام والفتاوى، يعني بتقديرك الفقر الاستبداد فقدان العدالة والحرية أيضاً هي ما بتساهم في خلق هذا التطرف والأصوليات؟
علي حرب: يعني هلأ الإرهاب والعنف له طبعاً ما فينا نحصره بسبب واحد, الفقر طبعاً الفقر دافع لشو؟ للعنف والإرهاب, والمثل القديم مشهور عجبت لمن لا يجد خبزاً في بيته كيف لا يخرج شاهراً سيفه.. هلأ ممكن الواحد يدافع.. ما يكون فقير بس يدافع عن هويته أو عن كرامته أو عن يعني يكون مثلاً محل إقصاء..
أحمد علي الزين: يعني التطرف الأصولياتي شكل من أشكال التعبير عن الهوية أو عن أزمة الهوية؟
علي حرب: آه ممكن.. اللي بدي قوله أنا ممكن يكون فيه أسباب يعني.. دفاع عن الهوية عن الكرامة عن العدالة ولكن أنا برأيي هذه الأسباب ليست كافية, لأن الأصوليين يعني في.. أكثر زعماء الأصوليين هم أثرياء، طيب إذا كان الأمر كذلك دفاع في مواجهة الغرب, كيف نفسر الاقتتال الداخلي؟ كيف نفسر الاقتتال الداخلي في العالم..
الإسلام متعدد والقرآن واحد
أحمد علي الزين: هم عندهم تفسير لهالشيء.
علي حرب: التفسير أنه هو مالك الحقيقة وأن إسلامه هو الإسلام الوحيد الصحيح طبعاً هذا هو التفسير، ما الذي يؤدي إلى.. ولذلك أنا أقول العلة ليست فقط في الجيوب وإنما في العقول, أن تعتقد أن إسلامك هو الإسلام الوحيد الصحيح يعني وهذا وهم كبير مزدوج، الوهم الأول هو أنك تدّعي أنك أنت فهمت الإسلام الفهم الأصولي الصحيح، مع أن الإسلام وأنا لا أريد أن أتحدث عن الإسلام، الإسلام متعدد ولكن القرآن واحد, والقرآن يتسع لما ضيقته المذاهب الإسلامية، يتسع لما ضيقته.. فالوهم المزدوج أنه يعني يتطابق يقبض على معاني النصوص بحرفيتها وحذافيرها وهذا شيء مستحيل, لأن النص كل نص هو مجال للتأويل، أي نص ليس فقط القرآن فكيف إذا كان نصاً دينياً، من شان هيك أنا أقول أنه يعني الكرة في ملعب الأصوليين, يعني هلأ الأصوليين وبقول شغلة ثانية الخطر ليس الصراع بين الأصوليين والحداثيين بين السلفيين والحداثيين, يعني الصراع الخطير هو الصراع بين مين؟ بين المذاهب الدينية أو الطوائف الدينية.
أحمد علي الزين: بس أنت عندك هيك بارقة أمل بنفس المكان تقول أنه ربما يعني ما يحدث.. أو تسأل أنت أيضاً تسأل هل ما يحدث من تطرف هو ما تبقى من رصيد أخير في جعبة الأصوليات؟
علي حرب: أعتقد أنا أن الفكرة الأصولية في طريقها إلى الاحتراق, ماذا أتى؟ لننظر حولينا أنتجت إمارات للجهاد تخرب المجتمعات العربية، طبعاً البعض بسميه نصر, كثيرون يعني يقولون أن هذا نصر ولكنه تخريب للمجتمعات العربية، أنا برأيي الديانات بعقائدها الاصطفائية الأحادية هي يعني تنتج ما نعاني منه، ولذلك عندنا يحتج أو يستنكر رجال الدين سلوك الإرهابيين وأعمالهم البربرية أو الهمجية, أقول طيب هم يستنكرون ما زرعوه في العقول, من أين أتى هؤلاء؟ هؤلاء نتيجة تعليم, الذي يعني احتل الدعاة الجدد الشاشة 25 سنة من بعد الثورة الإيرانية وأفغانستان احتلوا, وأنتجوا جيلاً مغلقاً نهائياً قوانين مقدسة ثوابت مطلقة, ولذلك أنا أقول أنه ممكن يكون الأمل وأقول أحلام لأنه ما عاد فيه أحلام يمكن أنا ما بحلم هلأ لا بحلم لا بالعالم العربي ولا عالمياً ولا في لبنان ما بحلم بحلول قصوى ونهائية انتهى زمن الحلول القصوى والنهائية، بحلم أنه على الأقل بتسويات واتفاقات.
أحمد علي الزين: لم أعد أحلم بحلول قصوى فزمن الحلول القصوى انتهى، والقبول بالتسويات والاتفاقات قد يكون هو الأجدى في هذه الأيام، ولكن ترى من يعترف بمن إذا كان الطرف الآخر مالكاً للحقيقة المطلقة كما يظن أو كما يدعي أو كما يمارس على الأرض، ومن هو الحكم في حال نشوء حوار بين الحداثيين والأصوليين؟ والسؤال الأدق: هل من جهة تحمي العقل المنفتح والحر مثلما هو متوفر للطرف النقيض المحاط بمحصنات دينية ودنيوية ومالك للسلطتين؟ ثم كيف يمكن السؤال لمن يملك جواباً مطلقاً ولا يحتمل حتى الشك؟
من العلل الكبرى ممارسات التقديس
وأنت تدعي في كمان في بعض كتاباتك إلى إعادة ترتيب العلاقة مع الشأن الديني, كيف ترتيب العلاقة كيف بتفسر لي ياها؟
علي حرب: يعني بدنا نتعايش مع بعضنا البعض؟ بعقلية يعني بالعقلية الاصطفائية القديمة ما ممكن نتعايش، يعني إذا كانت الطوائف والمذاهب بلبنان مثلاً تعايشت مع بعضها البعض عندما خرجت من عقلها الطائفي، بسبب شو؟ بسبب الحداثة طبعاً، لما عاد المسلمون سنةً وشيعةً إلى فقههم وشرائعهم ثوابتهم القديمة اصطدموا ببعضهم البعض، مش ممكن نرجع.. أنا لست ضد الطوائف, يعني من العبث أنك تكون أنت ضد شو.. أنا ضد أن تُستخدم الطوائف أو يتم التعامل مع الهويات الطائفية بطريقة فاشية عنصرية, كما يعني نحولها إلى قطعان إلى حشود عمياء وراء زعمائها, يعني كمان هذه من العلل الكبرى ممارسات التقديس, ممارسات التقديس لأنه بتوقف عندها أن نمارس التقديس حتى مش ناس مثقفين الولاء الولاء للزعامات أياً كان السبب, كيف يمكن للواحد أن يخسر أن يفتقد استقلاليته وسلاحه الفكري ويعمل ولاء؟ لو كان أنا عندي ميول سياسية تجاه هذا الميول بس لا يمكن أن أسلم أوراقي.
أحمد علي الزين: بتقول أنت أيضاً أستاذ علي إن ادعاء البعض أن لديهم أو أنهم أصحاب مشاريع أو مهمات إلهية أو رسولية ينتج قطعان بشرية, وينتج عنصريات ومنظمات يؤسس لمنظمات إرهابية وسميت بعض الأسماء.
علي حرب: أن يكون الواحد أن يخلع على نفسه صفة إلهية أو نائب أو ممثل, فطبعاً هيدا المنطق يعني منطق التقديس إلى أين يصل؟ يصل طبعاً إلى.. منطق الفتوى منطق يعني الذي يرفض النقض, يرفض وجهة النظر الأخرى, يرفض المسائلة أن تكون أنت ذا صفة إلهية معنى ذلك.. وهذه مشكلة رجال الدين أنهم أحياناً يريدون أن يعملوا في الحقل السياسي أو في الحقل العسكري يعني يتصرفوا كساسة أو كإستراتيجيين ولا يقبلون النقض، لا أنت يعني عندما.. طبعاً ممكن أنت إذا كنت يعني فقط تشتغل كواعظ وكمرشد أوكيه, بس أن تشتغل في الحقل العام ولا تقبل النقض؟ فحكمك حكم الطبيب وحكم.. أنا أستمع إلى.. آخذ باستشارة الطبيب, ولكن عندما الطبيب يشتغل بالسياسة لا يصبح أنا حاكم عليه وليس هو الذي يحكم علي، هذه مشكلة رجال الدين يريدون الاحتفاظ بالحصانة الرمزية ويشتغلون في الشأن العام, لا على سبيل الوعظ أنا لا أتحدث عن رجال الدين الذين يمارسون مهماتهم التقليدية بالوعظ والإرشاد، أقصد رجل الدين عندما يشتغل بالسياسة يضم سلطتين، السلطة الرمزية والسلطة.. لأن رجال الدين السلطة الرمزية معهم وعنده السلطة المادية بصير عنده استبداد مزدوج مضاعف، يعني هم رجال الدين مثقفين بالنهاية.
أحمد علي الزين: أنت كمثقف ومفكر نقدي وحر شو فيك تعمل أمام هذه الموجة أو أمام رجل الدين.. أمام الداعية الذي يمتلك أكثر من منبر للتعبير عن نفسه؟ يمتلك شاشة التلفزيون وحر يقول ما يشاء لأنه يتحدث بتلك الصفة, ويمتلك أيضاً المسجد للتعبير أيضاً, أنت ماذا تمتلك؟ شو فيك تعمل يعني؟
علي حرب: أنا أمتلك الكلمة الكتابة, والكتابة لها تأثيرها، يعني أعتقد أنه..
أحمد علي الزين: مش تقليل من قيمتك؟
علي حرب: لأ أنا كواحد من القبيلة الثقافية اللي ننتمي لها، السؤال إي هلأ مربك أنه نحنا شو؟ يعني أنا مرات فيه ناس يقرؤوا لي مقالات ويتصلوا أنه عم تتعب كمان، يعني في البحرين قال لي واحد عم نحكي عن قضية العيش معاً، كيف بدنا نتعايش وكيف بدنا.. مش ضد الطوائف, كيف نخلي الطوائف يعني نخفف من مخاوف الطوائف تجاه بعضها البعض, ونوصل لصيغة تركيبية تتيح للكل أنه يكونوا.. فقال لي لا تتعب نفسك لن نصل إلى تسوية قبل مائة عام, بالفعل أخافني, يعني ولكن أنا لن أستسلم لهذا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.