د.أنور شمبال ………….. يبدو أن حكومة الخرطوم تفهمت مقصد توجيهات مجلس الأمن الدولي لها بمواصلة ضخ نفط دولة الجنوب عبر الأنبوب العابر للسودان، عندما أعلنت أمس عن التزام دولة الجنوب بتوريد مستحقاتها من رسوم عبور النفط لحساب بنك السودان المركزي، ومواصلة التوريد تباعاً حسب التواريخ المتفق عليها بين البلدين، في تأكيد قوي لها بأنها ماضية في ذات الاتجاه الذي وجهها اليه مجلس الأمن الدولي ، ولم ترد بصورة مباشرة على تلك التوجيهات حتى كتابة هذه السطور. وذكر بنك السودان المركزي أن المستندات المستلمة من حكومة الجنوب قيمتها 236 مليون دولار، وهي تمثل قيمة رسوم النقل بالاضافة للترتيبات المالية الانتقالية التي تم الاتفاق عليها بين الدولتين، ويجري استلام بقية المستندات الخاصة بالشحنات الجديدة، وأعتقد ان هذا الخبر هو ردّ عملي لتوجيهات مجلس الأمن الدولي بشأن النفط، والذي يحمل رسائل مفخخة، يتطلب التعامل معها بحكمة أكبر، ومسؤولية. قد يتساءل الناس لماذا يتدخل مجلس الأمن الدولي في هذا الملف، وهناك ملفات ذات علاقة بعمله كالملف الأمني، وملف أبيي؟ ولماذا هذا التوقيت؟ للإجابة على السؤالين لابد من الربط بين مؤتمر وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية الأفريقية الذي انعقد بالخرطوم، وأصدر توصياته التي أبرز فيها مطالب القارة السمراء، من مؤسستي البنك وصندوق الأمن الدوليين، وعلى رأسها القضايا الاقتصادية لدولتي السودان، وكيف تعالج ديونهما الخارجية، وبين المؤتمر الذي ينظمه البنك الدولي بواشنطن لذات القضية (الديون الخارجية) في شهر أكتوبر القادم…أي أن سبب التدخل والتوقيت هو أن تتعامل حكومة الخرطوم برعونة مع التوجيهات وتجهض نتائج ذلك المؤتمر الذي انعقد بالخرطوم، والذي سوف يعقد بواشطن. كما قلت من قبل في هذه المساحة إن مواصلة ضخ النفط في الوقت الراهن ضرورة حتمية للسودان، أولاً لمواجهة الوضع الاقتصادي المائل، ثانياً لكسب تعاطف المجتمع الدولي، ومن أجل معالجة الديون البالغة (42) مليار دولار، والتي صارت عظم حوت، وتستغل بصورة قاهرة ضد الحكومة التي ظلت تؤكد مراراً ان السودان استوفى شروط الاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (الهيبكس)، فيما هناك ضغوط سياسية حالت دون الاستفادة.