سيف الحق حسن …… في الفيلم الجميلFace off ، الذي يمكن أن تكون شاهدته، والقائم على تغيير الأدوار عن طريق إستبدال وجوه الممثلين، يقوم المجرم نيكولاس كاج بتغيير وجهه بوجه الضابط وهو الممثل جون ترافولتا ليخدع الجميع. فيصبح المجرم ضابط والضابط مجرم ويلتبس الأمر حتى على من المشاهد. أذهب معي إلى المشهد الذي يجد فيه ترافولتا نفسه (بوجهه الجديد) في الملهى الليلى الخاص بالعصابة التى من المفترض أن أعضائها أصدقاؤه وأخت زعيمها حبيبته وأم طفله. يرحب به زعيم العصابة ويفتح أمامه علبه فضية صغيرة أشبه بعلبة المجوهرات تحتوى على العديد من أنواع المخدرات. يجد ترافولتا نفسه أمام الأمر الواقع، فيشم شمتين ويبلع حبتين هلوسة ويعقبهم بكأس يكتحه ليؤكد لهم أنه صديقهم المجرم الذى يعرفونه. يبدأ ترافولتا فى الشعور بالإنتشاء و تساعد الضجة من حوله وصوت الموسيقى الصاخبة العالية فى جعله يغيب عن الوعى أكثر. يصبح الجو جنونيا تماما. تشاء الصدف أن عصابة أخرى منشقة منهم تداهم مكانهم وتبدأ طلقات الرصاص فى الإنتشار فى الأجواء بكثافة وبشكل مفاجىء. يندفع ترافولتا بشكل تلقائى لتمثيل دوره ويندمج مع أصدقائه من أفراد العصابة فى الدفاع عن المكان. الآن الجميع فى أيديهم أسلحة يطلقونها على بعضهم البعض. رجال العصابة من جهة ورجال العصابة الأخرى من جهة أخرى، بينما فى المنتصف يتساقط القتلى والمصابين. وفي منتصف هذا المشهد العبثي والدمار الشامل يظهر طفل خائف ينظر إلى ما يحدث حوله فى فزع. هذا الطفل هو إبن نيكولاس كاج المجرم الحقيقي من أخت صديقه زعيم العصابة، أي أن زعيم العصابة خاله. يقوم الخال الذي إصيب إصابة قاتلة وهو يحتضر بمبادرة فيلتقط الطفل من وسط الرصاص ليسلمه لترافولتا أبوه و زوج أخته. يخفى ترافولتا الطفل في ركن تحت منضدة و يضع فى أذنيه هيدفون ثم يخبره بألا يتحرك من مكانه. يضغط play ثم يتناول سلاحه ويتركه للعودة إلى المعركة. ينطلق صوت الموسيقى ليصبح هو الخلفية الصوتية للحرب الدامية الدائرة فى المكان. صوت المطرب فى أذن الطفل يتحدث عن الحياه الجميلة والعالم الأفضل الملىء بالحب على خلفية من الموسيقى الحالمة. بينما ما يراه من صور أشبه بالحرب ليست إلا سوى النقيض الكامل لكلمات الأغنية التى تتحدث عن الحب. فيعيش الطفل التناقض فى أبهى صوره. إلا أن الغريب فى المسألة أن الموسيقى بعد أن تتصاعد تدريجيا تصبح هى الخلفية الصوتية الكاملة للمشهد! وحينها ستفاجأ بأن مشهد القتل قد تحول تلقائيا إلى مشهد رومانسي!. أرجو أن تكون عرفت هذا الطفل الفضل؟!! الذى وضع أحدهم الهيدفون فى أذنيه ثم قام بتشغيل موسيقى غير ملائمة لما يحدث من حوله، ثم تركه وانصرف بعد أن حذره من نزع الهيدفون من أذنيه والتوقف عن الإستماع إلى الموسيقى الحالمة. ولكن الاحداث تدفعه أحيانا إلى نزع الهيدفون من أذنيه والتوقف عن الإستماع لتلك الموسيقى الخادعة. فبعد ان خربوا كل شئ وشاركوا في الدمار يود غازي ترافولتا أن ينقذنا من الفتنة التي صارت بينهم. على ترافولتا إقناعنا بادئ الرأي بجديته في فتح نيران إنتقاداته لنفسه أولا بصدق وشفافية متناهية ويوضح للجميع خبايا المافيا العالمية وخططها وخطل التجربة التي سببت هذا الدمار. وإلا سيظل الطفل في أحضان العصابة الدولية التي تتنازع عليه. ولكن حتما سيأتي يوم يصبح بصره فيه حديد، ويستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب. فحينها سيتمكن من خلع العصابة وترافولتا ومن لف لفه ويقلعهم من الأرض إقتلاعا. الممثلون أبدعوا في تبادل الأدوار وأدوها بمهارة فائقة. ولعل الكاراكتيريست عمر دفع الله أراد أن يحاكي سيناريست فيلم Face off، فأوجز برسمه يد المؤتمر الوطني ولغته البذيئة التي يستخدمها لخصومه وهي تشير بالوسطى لغازي ترافولتا. بذلك يلخص الفيلم السوداني الحاصل من حولنا الآن، والذي يمكن أن تعطيه إسم مماثل ولكن بالعبارة الأمريكية البذيئة الشهيرة جدا، ذات النغمة المشابهة، التي تقول لهم جميعا F... off .