قال الأستاذ كمال عمر الناطق الرسمي بإسم قوى الإجماع ان تقرير منظمة الشفافية العالمية عن تبوأ السودان المركز الرابع كأفسد دولة في العالم يعكس حجم الخراب والدمار الذي أوصلت إليه حكومة عمر البشير البلاد . وأضاف في تصريح ل (حريات) اليوم ، (كان يجب ان يحتل السودان أسفل القائمة فالفساد الذي يتم في بلادنا يتم بإسم الدين ، والصومال التي تذيلت القائمة لم تقل انها مبعوثة العناية الالهية في الأرض ولم تدعي ان مشروعها السياسي قائم على الفضيلة والأخلاق) . وقال كمال ان النظام الحاكم أوصل البلاد إلى دولة الفوضى بلا مؤسسات أو قضاء مستقل أو صحافة حرة لمراقبة وكشف ومحاكمة الفساد المستشري . مضيفاً ان الحروب الدائرة في البلاد الآن متعلقة ايضاً بالفساد الذى يهدر موارد التنمية . واضاف ( المشكلة ان هؤلاء يسرقون ويفسدون في كل شئ من ادوية الأطفال والخبز والحليب إلى التقاوي وعلاج الفشل الكلوي ، والانكى انهم يسرقون مال الله الذي يدعون انهم مبعوثيه في الأرض ، سرقوا أموال الزكاة والحج والعمرة والأوقاف ، هؤلاء سرطان تفشى ولا علاج له إلا البتر) . وأضاف كمال (هؤلاء عصابة من اللصوص والحرامية لا هم لهم سوى الفساد) مضيفاً ( المشكلة انهم بعكس كل عصابات الشر في العالم لا يخجلون ولا يدارون سوءاتهم ، يُعين منهم الشخص وبعد عام ترى عماراته واقفة في وسط عاصمة البلاد بلا حياء ولا خجل ، هذا سلوك تستنكف القيام به حتى الحيوانات ) . وحول رأيه فى مفوضية الفساد التي أوصى (المؤتمر الإقتصادي) بتشكيلها وعما اذا كان التغيير الوزاري القادم سيحارب الفساد ، قال كمال (ضاحكاً) : ( الجدد قادمون بشهوة المال ، التعيين عند المؤتمر الوطني ليس تكليفاً بل مكأفأة للسرقة ، القادمون مجرد حرامية جدد يخلفون الحرامية القدامي ، هذه عصابة .. عصابة همهما الأول السرقة ) . وأكد كمال عمر ان الحل الوحيد يكمن في إستئصال هذا السرطان ومن ثم تقديم المجرمين الذين قتلوا الشعب وسرقوا أمواله للعدالة ( أي حديث عن إتفاق مع النظام الحاكم إطالة لعمره ولعمر الفساد وخيانة للوطن والمواطن ، يجب إسقاط هذا النظام بالكامل عبر ثورة شعبية عامة ومن ثم تقديم المجرمين للعدالة) . وكانت (حريات) نشرت أمس مؤشر منظمة الشفافية الدولية الصادر 3 ديسمبر ، الذى اوضح ان السودان رابع أكثر الدول فساداً في العالم لعام 2013 . ومن اجل تحديد تصنيفها السنوي تستند منظمة الشفافية الدولية الى معطيات تجمعها (13) مؤسسة دولية بينها البنك الدولي والبنوك الآسيوية والافريقية للتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي. وحذرت منظمة الشفافية الدولية من ان سوء إستخدام السلطة والتعاملات السرية والرشاوى تواصل تخريب المجتمعات حول العالم ، وان أكثر من ثلثي البلدان ال (177) في مؤشر هذا العام 2013 حازت على درجات أقل من (50) درجة – يتدرج المقياس من (صفر) إلى (100) – ، ومائة تعني أن البلد تُدرك بإعتبارها نظيفة جداً . وقالت هقنويت لابل رئيسة منظمة الشفافية الدولية ان أداء الدول الأفضل يكشف بوضوح كيف أن الشفافية والمحاسبية يمكن ان توقفا الفساد ، ولكن الدول الافضل لا تزال تواجه مخاطر فساد في تمويل الحملات الإنتخابية والسيطرة على الدولة والرقابة على العقود الحكومية الكبيرة. ودعت منظمة الشفافية المنظمات الدولية مثل مجموعة العشرين إلى إتخاذ إجراءات صارمة ضد غسيل الأموال وإعادة الأصول المسروقة وجعل الشركات أكثر شفافية ، وقالت رئيسة منظمة الشفافية ( لقد حان الوقت لإيقاف أولئك الذين يفلتون بممارسات الفساد ، ولسد الثغرات ونقص الإرادة السياسية لدى الحكومات التي تسهل الفساد داخل البلدان وعبر الحدود ، وحان الوقت للدعوة إلى تكثيف الجهود لمكافحة إفلات الفاسدين من العقاب ). وبحسب تقرير المنظمة لعام 2013 الصادر 3 ديسمبر فان أفضل البلدان في العالم على التوالي : الدنمارك (91 درجة) ، نيوزلندا ، فنلندا ، السويد ، النرويج ، سنغافورة ، سويسرا ، هولندا ، أستراليا ، كندا ، لوكسمبرج (80 درجة) . وأكثر البلدان فساداً في العالم على التوالي : الصومال (8درجات) ، كوريا الشمالية ، أفغانستان ، السودان (11درجة) ، جنوب السودان ، ليبيا ، العراق ، أوزبكستان ، تركمانستان ، سوريا ، اليمن (18درجة) . هذا وسبق وإحتل السودان المركز الرابع عام 2012 بعد أفغانستانوكوريا الشماليةوالصومال . والفساد في السودان فساد مؤسسي وشامل يرتبط بكون السلطة الحاكمة سلطة أقلية ، تحكم بمصادرة الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتحطم بالتالي النظم والآليات والمؤسسات الكفيلة بمكافحة الفساد ، كحرية التعبير ، واستقلال القضاء ، وحيدة اجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً . كما يرتبط بآيدولوجيتها التي ترى في الدولة غنيمة ، علاقتها بها وبمقدراتها بل وبمواطنيها علاقة ( امتلاك) وليس علاقة خدمة . وبكونها ترى في نفسها بدءاً جديداً للتاريخ ، فتستهين بالتجربة الانسانية وحكمتها المتراكمة ، بما في ذلك الاسس التي طورتها لمكافحة الفساد . ويجد فساد الانقاذ الحماية من رئيس النظام الذى يشكل مع اسرته اهم مراكز الفساد ، كما يتغطى بالشعارات الاسلامية ، ولذا خلاف ارتباطه بالمؤسسات ذات الصبغة الاسلامية كالاوقاف والزكاة والحج والعمرة ، فانه كذلك فاق فساد جميع الانظمة في تاريخ السودان الحديث ، وذلك ما تؤكده تقارير منظمة الشفافية العالمية وشهادات اسلاميين مختلفين. وحين تنعدم الديمقراطية ، لفترة طويلة ، كما الحال في ظل الانقاذ ، يسود أناس بعقلية العصابات ، ويتحول الفساد الى منظومة تعيد صياغة الافراد على صورتها ، فتحول حتى الابرار الى فجار ، واما أدعياء (الملائكية) فانهم يتحولون الى ما أسوأ من الشياطين !.