[email protected] (هذه المقالة العاجلة نهديها للشيخ حسن الترابي والصادق المهدي اللذان جلسا معا دعما لخراب سورية قبل سنتين بدار حزب الأمة القومي. فالرجلان لا ينطقان السياسة السودانية من موقع المسئولية والموضوعية، بل يجيرانها طبقا للأجندة الخارجية والمحاور والمكاسب الإقليمية. لماذا لا يتحدثان عن سورية الآن؟ لماذا صمتا؟ بدلا من الحديث أن شهادة امرأة تعادل شهادة أربعة رجال.. حدثنا عن سورية !! ألم أقل لكم أن الرجل يشغلنا بالتوافه؟ نعجل بهذه المقالة.. لأنه بدأت فجأة في الأفق بشارات حرب إقليمية مدمرة.. العصابات الإرهابية التي تقاتل في الشام بالوكالة انهزمت وسيضطر الوكلاء الأصليون الدخول بأنفسهم في حرب إقليمية. هذه المقالة لنبيه البرجي، كاتب لبناني مخضرم أقرأ له منذ بداية التسعينيات، عروبي قومي، ملم بخبايا المطابخ السياسية العربية، ويمتاز بالعمق المعرفي والسخرية اللاذعة، ورسم صورة للحدث تغنيك عن صداع المقالات الصارمة). شوقي إبراهيم عثمان لكأن السيد احمد الجربا كان يتوقع، ما إن تطفأ الأنوار في جنيف-2، حتى يسلمه السيد وليد المعلم مفاتيح دمشق لينتقل إلى هناك على حصان ابيض، وهو الذي يحمل بامتياز لقب حصان طروادة، ويتسلم رئاسة السلطة الانتقالية... وبالمناسبة فإن حصان طروادة في الميتولوجيا الإغريقية لم يكن على شاكلة حصان طروادة في الميتولوجيا العربية (أو العثمانية) مصنوعا من الطين أو القش... وعلينا أن نتصور ماذا يحدث عندما يظهر الجربا، بطلته البهية، وبلهجته الشامية، وبقامته العالية، وبثقافته الخلاقة، في قصر الشعب. هل تخرج عظام يوسف العظمة من تحت التراب لتطارد الرجل إما إلى ضفاف السين أو إلى ضفاف البوسفور؟ غريب إن هذا الرجل لم يدرك حتى الآن انه مجرد دمية من الكاوتشوك وتم نفخها بتلك الطريقة العجيبة، وهو الذي يعلم كيف أن الاستخبارات التركية هي التي اتصلت بأصدقائها في «داعش» وفي «جبهة النصرة» من اجل تأمين وصوله الخفي إلى احد المواقع في أدلب ليعلن من هناك أن السلاح النوعي «سيتدفق» على رفاق السلاح. هكذا، بلمح البصر، تمت ترقيته من رتبة شيخ قبيلة إلى رتبة ماريشال... لسنا نحن الذين قلنا، بل إنهم الأميركيون والفرنسيون، بأنه إذا ما تشكلت الهيئة الانتقالية لا بد أن تتناثر سوريا وتغدو أثرا بعد عين بعدما ثبت للجميع من هم أعضاء الائتلاف وأي رابط قبلي ومالي واستخباراتي يجمع بينهم.. في هذه الزاوية بالذات، قلنا أن جنيف-2 ليس اكثر من كرنفال للأشباح. كان لملء الوقت فقط، فيما يتم تدريب آلاف المقاتلين في باكستان وفي الأردن (يحكى عن أذربيجان وإسرائيل أيضا) بعد تزويدهم بالصواريخ المضادة للطائرات وبالصواريخ المضادة للدروع من اجل الزحف المقدس من مدينة درعا إلى مدينة دمشق، وبعدما بات واضحا للعيان ماذا يحدث بين الرمتا ودرعا وحيث ينشط الضباط الباكستانيون والإسرائيليون في وضح النهار استعدادا للخطة الرامية إلى اختراق الغوطة على نحو صاعق وبالتالي الوصول إلى عاصمة الأمويين.. الصواريخ لتحييد سلاح الطيران كما سلاح المدرعات، أي تحطيم الأعصاب الحديدية للنظام، حتى إذا ما لجأ إلى صواريخ سكود، يبدأ تنفيذ الحلقة التالية من الخطة، أي التدخل الجوي من طائرات مجهولة ترابط الآن في اثنتين من القواعد الأردنية، ودون أن تبقى هوية القاذفات بغافلة على احد. كل هذا بتغطية مباشرة من دنيا العرب حين تتمثل بتلك الفقاعة الدبلوماسية التي تدعى نبيل العربي (غريب أن هذا الرجل لا يظهر إلا فوق الدماء السورية)، ومن دنيا الغرب، بعدما راح برنارد-هنري ليفي يتبادل الأنخاب مع السفير الإسرائيلي في باريس، ولعله يتبادل الأنخاب مع العديد من السفراء العرب، لان «جنيف-2» هي في الواقع تمهيد ل«حرب-2»، وإلا كيف يمكن تفسير الانتقال السريع للجربا إلى أدلب فور إسدال الستار على المحادثات ليعلن من هناك أن السلاح النوعي سيتدفق. هكذا سيتدفق بكل عشوائية أم أن ثمة خطة هائلة قد أعدت وشاركت فيها رؤوس كبيرة متعددة الجنسيات مثلما هي متعددة الأغراض... هكذا تم خلع سليم إدريس الذي طالما اعتبر الأميركيون انه بمواصفات تمكنه من أن يكون رجل سوريا، مع أن الذين يعرفونه قالوا لنا، بعدما أشاروا إلى شكل شاربيه، انه قد يصلح طباخا أو حوذياً أو موظف محفوظات في إحدى الإدارات العثمانية. وها أن عبد الإله بشير النعيمي هو الذي تم إحلاله محله باعتبار انه يستطيع أن يستوعب الخطة العتيدة على الورق كما على الأرض كونه يمتلك مواصفات... نابليون بونابرت. المسألة ابعد بكثير من أن تكون غايتها الأخيرة تأمين توازن القوى توخيا لمفاوضات خلاقة بعدما دارت المفاوضات السابقة في حلقة مفرغة، فالمعلومات التي ترد من بعض العواصم العربية تتحدث عن اتجاه لمقاربة ميدانية أخرى للملف السوري. مرة أخرى يستعاد الكلام عن تدخل عسكري تركي وأردني، مع مشاركة دول عربية أخرى بالقاذفات والدبابات، وتحت مظلة أميركية وإسرائيلية على السواء، حتى أن ثمة من يؤكد، وفي العاصمة الأردنيةعمان، أن ضباطا إسرائيليين كانوا قد شاركوا في وقت سابق بوضع خطة للهجوم على دمشق هم من تولوا صياغة الخطة الجديدة بكل تفاصيلها.. هل يمكن القول أن ما يحصل هو نتاج اللقاء بين الملك عبد الله الثاني وبنيامين نتنياهو، وعلى أساس أن حل المشكلة الفلسطينية (التي لم تعد قضية في أي حال) على الأرض السورية، واللبنانية أيضا، لا على الأرض الأردنية... الأدمغة العربية، والأموال العربية، تذهب بهذا التواطؤ إلى حدوده القصوى. هل يدري بعض العرب ماذا تفعل أيديهم؟ ومن هي تلك الجهة التي طرحت تجزئة سوريا لإقامة دولة فلسطينية فيها بعدما بدأ العرش الهاشمي يهتز اثر تلقيه معلومات حول عودة إدارة باراك أوباما إلى سيناريو ييغال آلون حول الدولة البديلة؟ ما يحدث على خط الرمتا- درعا ليس مجرد «نزهة عسكرية» إلى ضفاف بردى الذي تحوّل، بدوره، إلى حطام، وإنما تنفيذ الحلم الإسرائيلي بتفكيك سوريا قطعة قطعة لتدفن القضية الفلسطينية وهناك تدفن معها كل قضايا العرب و كل العرب... لمعلوماتكم فقط، الخطة بكل تفاصيلها باتت بأيدي الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى. إذا جازف من أعدوها فسيكونون أمام مفاجآت لم تخطر لهم على بال. اسألوا الرئيس فلاديمير بوتين واسألوا غيره أيضا الذين يحذرون من حرب كبرى تغيّر خارطة الشرق الأوسط.. ...إلا إذا تم سحب حصان طروادة من وسط الحلبة. حتماً مفاتيح دمشق لن تكون بيد احمد الجربا!! بقلم نبيه البرجي صحيفة الديار نقلا عن سوريا الآن (الأربعاء 2014/02/19 www.syrianow.sy)