السودان .. موعد استثنائي مع الحزن والثورة فتحي البحيري في الطريق المرير إلى إسقاط النظام تعلمنا أن القطع مع اللات والعزى وأصنام الذات والسياسية هي الوضوء الذي لن تصح دونه للثورة صلاة . كيف سيسقط النظام من لا تزال ذاته هي أكبر همه ومبلغ علمه وقد ارتفع "مقياس" هذا الإسقاط منذ اللحظات الأولى وحتى مارس 2014 (تاريخ كتابة هذه السطور) من الاستشهاد الفردي إلى الجماعي والجهوي فداء إسقاطه؟ كيف يدّخر المدّعون .. بعد د. علي فضل وسليم وبشير والتاية وطارق وعبدالسلام وعبدالحكيم ومحمد موسى وشهداء سبتمبر وعلى أبكر .. وقتاً وجهداً و"سلامة" و "علاقات" ويستمرون في الادّعاء أنهم ماضون لإسقاط النظام ؟ عندما نتحدث عن أرقام تصل إلى 300 ألف من الشهداء المدنيين في دارفور 2006 ومثلهم وما يقاربهم أو يزيد عليهم في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان حتى تاريخه ولا زال الدم السوداني ينزف بغزارة أمطار استوائية .. فإننا نتحدث عن "مقاييس" أخرى للاستشهاد فداء التغيير .. الاستشهاد لأجل إسقاط النظام في السودان لم يعد فردياً .. نحن الآن لدينا تاريخ أشد نصاعة تزينه أسماء أسر "شهيدة" وقرى "شهيدة" وبطون قبائل وحتى قبائل ومناطق بأكملها تكاد تكون الآن في عداد الشهداء .. بكاملها . إنه موعد استثنائي مع الحزن . ولكنه أيضا موعد استثنائي مع الثورة. "ينبغي" أن تتراجع فيه إلى أقصى الأمداء حظوظ وحسابات وطموحات الأفراد والجهات والأحزاب والثقافات … لا سيما المهيمنة منها .. احتراماً وتقديساً لهذا الوطن الشهيد والشعب المستشهد رضوان الله وسلامه عليهما . مقرف جداً أن يتأخر إسقاط النظام بسبب أن ذلك الحزب أو تلك الجهة "يشغلها" أموالها وأهلوها عن اللحاق بركب من مضوا في طريق أضاءوها بدمائهم وعشم أن نلحق بهم ..ودون الوقوع في فخ التسميات دعونا لا نستثني أنفسنا من هذا القرف … لا نستثني أحداً أبداً … لنبدأ دعونا لا نقتل الشهداء مرتين … الشهداء الأفراد … والأسر .. والقبائل والشعوب … ونبدأ إسقاط ذواتنا من حساباتنا .. لننجح في إسقاط هذا النظام الظلامي الفاسد القاتل من حياتنا .