* بات من المستحيلات أن تجد شخصاً سوياً لا يبغض الفئة المتسلطة الآن في السودان.. بُغضاً لمرحلة الوجع.. وتشعر من خلال الكراهية لهؤلاء الفسدة الوقحين إن كل فرد يحمل ثأره الخاص وينتظر قصاصه كيفما يكون.. مع ذلك مازال الشعب العظيم مقيداً بشيء لا تستطيع تسميته..! إنما يقيناً سيأتي الوقت الذي يتحرر فيه من ذلك القيد بأي ثمن.. وأظن أن السلطة تسلّم بالخطر القادم نحوها أكثر مما نسلّم نحنُ، وإلاّ ما تمدد خوفها ليصل ذرى شاهقة عبر هذا الواقع المرئي؛ ونستلف منه شواهد: 1 كل صيحة نحو مليشياتها الهمجية تؤذي السلطة فيجن جنونها، ولا تقبل حتى مجرد اسم اختارته هذه المليشيات لكيانها الرخو؛ ألا وهو (جنجويد..!) فهذا الاسم بدلالاته المعروفة ليس من أولاد أفكار الشعب السوداني أو زعماء أحزابه؛ ذات الذين يتحرجون منه ويقلقهم رسّخوه في الأذهان.. مثلما رسخوا الدمامة ونصّبوها تذكاراً لعهدهم..! 2 الناطقون الرسميون للسلطة حق أن يُطلق على الفرد منهم (النافي الرسمي) فأيّ حدث يورط السلطة الباحثة عن الورطات والأزمات تجده منفياً على لسان هذا أو ذاك؛ مهما كانت "متانة" الحدث وصحته.. آخر الشواهد (المسرح الليبي) وتكذيب أحد الناطقين الرسميين لصحة الأنباء الواضحة عن دعم النظام السوداني للإرهابيين في ليبيا.. ولأن الخرطوم الرسمية تتنفس برئة (الأخوان) فإن النفي يدل على معكوسه يقيناً وليس إدعاءً..! وفي هذا يحار العقل ويبث للغيب الاستفهام: أين يعيش هؤلاء؟! 3 كثرة ترديد كلمات مثل: حوار؛ مفاوضات؛ بإضافة المؤتمرات الصحفية ذات المخرجات العبثية البعيدة عن الواقع، كل ذلك يعتبر مؤشر فضّاح ل(عدم أمان) السلطة الجنائزية المعتمدة على (الأوهام) في تعلية خزان وجودها التعيس.. لا فرق بين (ربيعها..!) وصيفها..! ثم هي أي السلطة أهدتنا من جُبِّها (يوسف)، فتعالوا نرمي له دلوَ الحقيقة: * ياسر يوسف وزير الدولة بالإعلام، آخر اللاعبين بحبال التنكر الغليظة.. وهو ليس معذوراً في خروجه متجملاً بعبارات لا يدرك أبعادها و(يحسبها) تنتصر لسلطانه؛ المهم لا غبار البتة على ما يقوله طالما يعمل في حكومة طبيعتها (ترابية): 1 في مؤتمر قضايا الإعلام الثاني قال يوسف إن الحكومة ماضية في موضوع الحريات إلى آخر شوط..! وهذا التصريح موجه قطعاً لكائنات غير البشر..!! 2 بنبرةٍ اعتدنا على فجاجة مضمونها يتحدث سعادته عن سقوف الحرية بالنسبة للإعلام.. بينما يعلم المصيبة الكامنة في سقف جهاز الأمن الذي لا تحده حدود، كمتطفل استثنائي في كل كبيرة وصغيرة تخص الإعلام.. فلا قانون بشري أو (إلهي) يقف حائلاً دون تجبِّره..! جهاز الأمن معوق أساسي لحرية (شعب) فماذا يكون الإعلام مع الشعب؟! وفي البال أن الإعلام دائرة ضيقة مليئة بالبراغيث ولا تهم حريته قبل تحرر وطن..! ولقد أثبت النظام أن ثمن الحرية رصاصة أو مُعتقل..! 3 القاصمة في كلام يوسف إنه لا يعي ما قاله بدقة حين دعا إلي احترام حرية الغير وسمعته ومراعاة الأمن القومي وحماية أخلاقيات المجتمع والصحة العامة.. الخ..! والفقرة السالفة يجب أن توجّه برُمّتِها إلى (الحكومة) لا (الناس..!).. فما من أحد هدد حرية الحكومة (غيرها..!) لم نتنصّت أو نتجسس عليها يوماً؛ لم نطاردها بالسيخ أو نمنعها من الكذب، وفيه منتهى حريتها.. ليست لدينا مليشيات لسبتمبر أو غيره من الشهور.. وهذا من سوالبنا التي يجب أن نعيد فيها (النظر)..! 4 لست أدري ماذا يعني المحترم ياسر ب(إحترام سمعة الغير)؟! إذا كان يقصد المتسلطين الذين ينتمي إليهم؛ فإن هؤلاء يغبطون بالسمعة السيئة بدليل إنهم لا يتوارون خجلاً من أشياء تستدعى الانتحار أو الخجل والاحتجاب كأقل الممكنات؛ وأول الأشياء الفساد والتغطية عليه..! 5 حديثه عن الأمن القومي ممجوج وثقيل وهو داري أو لا يدري بانتفاء أي ملمح ل(القومية) في ظل هذا النظام الذي نسف القومية أو (الوطنية) بلا هوادة ولا أدل على ذلك من ملمح السودان الراهن الذي صارت الكلمة العليا فيه للمليشيات الخاصة..! السودان الرسمي الذي سيصدّر الماء للخليج ومواطنيه عطشى، مثلما يصدّر الغذاء للجار نكاية في أهل البيت..! السودان الرسمي الذي بنى سداً ضخماً (كالفضيحة) ويتجه لاستيراد الكهرباء..! السودان الرسمي الذي أنصفه الغرب حين وضعه في قوائم المنبوذين الذين لا وزن لهم إلاّ ب(النعال)..! * إن الإرهاب والقومية لا يلتقيان..! والأمن القومي تهدده المساهمة في تجريف الحدود.. يهدده إخفاء الحقائق والتستر على الفوضى والنهب و(المهلكات) العابرة في البحر والجو.. أما الذي على البر فهو أوضح من جهل وزراء التنظيم بمفهوم القومية..! إلاّ أن تكون الكلمة شفرة خاصة بهم؛ تعني (التدمير..!).. الأمن القومي تهدده المليشيات المنتظر تشطرها لتكون لها أجنحة من شاكلة (إصلاحيين) حتى مفردة (إصلاح) صارت ملعونة غامضة وحامضة في أيامكم أيها الوزير.. ثم متى كان النظام (التابع) قومياً؟! لقد غيروا كافة المفاهيم النبيلة بهذا العك القولي والفعلي.. زينوا أنفسهم وهماً بادعاءات مفهومة حتى لدى الغنم.. يعلمون أنهم لا يعون ما يقولون أو يعون ذلك ولكن (تركيبتهم) وجذورهم تحدثهم لمواجهة الحقيقة بالضلال.. فهم أشخاص تربوا على الزيف ربما حتى في صلاتهم التي تسبق كبائرهم..!! * وبعيداً عن الوزراء؛ أنظروا لأي كاتب كان أو مازال ينتمي للنظام؛ ستجد أن (الشفافية) بمعانيها الكبيرة ترهبه أكثر من مشاهد الإبادة والنزوح والتسول وبقية الرذائل المصنوعة.. شفافين فقط في ملفات الفساد التي يؤذن بتداولها؛ للتسلية لا غير.. أما عظم (النظام السياسي) فيتحاشون خدشه.. فلو كانت السلطة قومية لانزوى هؤلاء.. لو كانت كذلك لاختفى (الكبريت) من حانوت البشير..! أعوذ بالله.