التحالف العربي من أجل السودان التقرير الأسبوعي : الإفراج عن مريم .. لن يسكت صوت المجتمع المدني في مقاومة القوانين المتعارضة مع الدستور القاهرة: متابعات التحالف العربي من أجل السودان لم يكن مفاجئاً قرار إلغاء حكم الإعدام الصادر في مواجهة السيدة مريم يحى إبراهيم المتهمة بالردة ، فالجميع كان يعلم أن السلطات السودانية ستفرج عنها مهما طال الزمن ومهما كانت الأسباب ، وكان الجميع يتوقع أن ينهي قرار محكمة الإستئناف بإلغاء الحكم الصادر من محكمة الموضوع بإنزال عقوبة الإعدام على مريم ،الجدل الذي إستمر شهرين متواصليين دون أن يغيب الحدث عن وسائل الإعلام المختلفة فضلاً عن أن القضية أصبحت دولية، أدخلت السودان في مواجهة مع المجتمع الدولي إشتعلت فيها حرب البيانات وتبادل الإتهامات، إلا أن القضية دخلت في مناحي أخرى، فبعد الإفراج عنها أعادت السلطات الأمنية إعتقالها مرة أخرى أثناء مغادرتها البلاد بتهمة استخدام وثائق سفر اضطرارية صادرة من جنوب السودان وتأشيرة سفر لأمريكا لتبدأ مريم وأسرتها فصل جديد من المعاناة. رغم أن القضية المثيرة للجدل بدأت بإثبات نسب حيث ظهر ت أسرة مريم وقالت أنها إبنتهم وتدعى "أبرار عبدالهادي"، من أب مسلم وأم مسيحية في حين أنها نفت نفياً قاطعاً صحة نسبها لتلك الأسرة وتمسكت بموقفها بأنها مسيحية النشأة ولم تدن في يوم من الأيام بالدين الإسلامي، ولكن سرعان ماتحولت القضية إلى قضية رأي عام تناقلتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية، بعد أن كانت لاتتجاوز حدود الخبر العادي الذي يقع ضمن المتابعات اليومية للدوائر العدلية ، لكنه أثار إنتباه النشطاء الحقوقيين ومنسوبي منظمات المجتمع المدني الذين إصطفوا يوم النطق بالحكم أمام محكمة الحاج يوسف، تضامناً مع مواطنة متهمة بحد الردة ،دفاعاً عن حقها في الإعتقاد مطالبين بوقف حكم الأعدام الصادر من قاضي محكمة الموضوع والذي أدان المتهمة بموجب المادة 126 من القانون الجنائي لسنة 1991 داعيين إلى الإلتزام بالدستور السوداني الذي تضمن مواثق حقوق الإنسان المصادق عليها من حكومة السودان والمتعلقة بحق الفرد في حرية الفكر والتعبير والإعتقاد، وأخذ المجتمع المدني القضية من باب التضامن مع مريم وتكثيف الضغوط لمقاومة القانون الجنائي لسنة 1991 الذي يتعارض مع الدستور السوداني لعام 2005،ومواثيق حقوق الإنسان. بغض النظر عن الجانب الجنائي المتعلق بإثبات علاقة النسب بأسرتها. لم يكن قرار الإفراج عنها مفاجئاً لعدة مؤشرات بدأت بتصريحات وزير الخارجية الذي قال منذ صدور حكم الإعدام بأيام : أن السودان خسر كثيراً بسبب هذه القضية، كما أن الحكومة السودانية تعودت الدخول في معارك مع المجتمع الدولي في مثل هذه القضايا، لكنها سريعاً ما تنصاع لقراراته وتتراجع عن مواقفها ، فهذه القضية أظهرت تعاطف المجتمع الدولي مع مواطنة يصدر قرار من المحكمة بإنزال عقوبة الإعدام لمجرد ممارستها حقها في حرية الإعتقاد ، وهو أمر غير مقبول وغير معمول به في تلك الدول، وأثار القرار غضب رؤساء الدول الغربية "أمريكا، بريطانيا، فرنسا"، فأصدروا بيانات الشجب والإدانة بأغلظ العبارات تجاوزت العرف الدبلوماسي، وطالبوا الحكومة السودانية بوقف حكم الإعدام ، غير أن الخارجية السودانية تمسكت بعدم التدخل في شأن لم يقل القضاء فيه كلمته ، وأكدت على نزاهة القضاء السوداني، غير أن المفاجئ في الأمر أن قرار محكمة الإستئناف الذي ألغى قرار محكمة الموضوع، الصادر بإنزال عقوبة الإعدام في حق مريم يحى لم تعلن المحكمة الحيثيات التي إستندت عليها في القرار، وأعلنت هيئة الدفاع عن المتهمة أنها لم تتسلم حيثيات قرار حكم الإستئناف، وهذا يعني أحد أمرين إما أن تكون محكمة الإستئناف إستندت على أقوال مريم التي أكدت أنها مسيحية ولم تكن مسلمة في يوم من الأيام، أو أنها ألغت عقوبة الإعدام وأسقطت عنها الإدانة بتهمة الردة إستنادا على المادة (38) من الدستور الإنتقالي لسنة 2005 والتي تنص على أن : (لكل إنسان الحق في حرية العقيدة الدينية والعبادة، وله الحق في إعلان دينه أو عقيدته أو التعبير عنهما عن طريق العبادة والتعليم والممارسة أو أداء الشعائر أو الاحتفالات، وذلك وفقًا لما يتطلبه القانون والنظام العام، ولا يكره أحد على اعتناق دين لا يؤمن به أو ممارسة طقوس أو شعائر لا يقبل بها طواعية). فإعتناق أي دين أمر مباح بنص المادة وفي هذه الحالة تكون المحكمة سجلت سابقة قضائية.ولعل إخفاء المحكمة لحيثيات الحكم يوضح ذلك، ويؤكد أن القضاء السوداني مسيس وغير نزيه، فعدم إعلان حيثيات الحكم يثبت ذلك كما أن التأثير عليه واضح من تراجع الحكومة الذي جاء نتيجة ضغوط المجتمع الدولي، والدليل على ذلك إصدار الخارجية التي رفضت الخوض في هذه القضية ، لكنها بعد صدور قرار إلغاء حكم الإعدام أصدرت لبيان توضيحي ، ترد فيه على إتهامات المجتمع الدولي وتؤكد على نزاهة القضاء. غير أن الدرس المستفاد من هذه القضية يتمثل في أن الإعلام السوداني رغم مايعانيه من مضايقات من أجهزة الأمن والرقابة المفروضة عليه، بجانب قرارات حظر النشر إستطاع أن يسلط الضوء على هذه القضية ، بجانب جهود المجتمع المدني السوداني الذي إستطاع أن يقود حملة واسعة ومنظمة، مع مريم عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، نهاية بالوقفات الإحتجاجية رغم تعرضهم للقمع والعنف من قبل الشرطة والأمن، ورغم الهجمة الشرسة من قبل المسئولين وأجهزة إعلام النظام وإتهامهم للنشطاء بالعمالة، بيد أن معركتهم ما زالت مستمرة لإلغاء القانون الجنائي لسنة 1991 والمليئ بالتشوهات والقنابل الموقوتة، فضلاً عن أنه يتعارض مع الدستور السوداني، كما أنه لايتوافق مع الأعراف والتقاليد السودانية الحميدة. ومن هنا تأتي أهمية التشبيك بين المحاميين الوطنين والصحفيين في الصحف الورقية والإلكترونية والمجتمع المدني، للكشف عن أي إنتهاكات يمكن تحدث. ومايقلق التحالف العربي من أجل السودان هو التعتيم الإعلامي الذي تمارسه الحكومة على الكثير من القضايا، ومن المؤكد أن قضية مريم قادتها الصدفة إلى الصحف كونها قضية عادية وخبر متابعة، ويمكن أن تصدر العديد من الأحكام دون أن تأخذ طريقها للنشر، في ظل سيطرة جهاز الأمن على كل مفاصل الدولة بمافيها القضاء السوداني، وقد كشفت قضية الصحفية لبني أحمد حسين " بنطلون لبنى" التي أدينت بتهمة إرتداء الزي الفاضح بموجب المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991م، معلومات لم تصل الصحف وكشفت حجم الإنتهاكات التي تمارسها الشرطة والقضاء حيث أقرت الشرطة بأن التخويف والإنتهاك (43) ألف إمراة فى عام واحد 2008 بولاية الخرطوم وحدها ، وقال مدير شرطة أمن المجتمع لصحيفة المجهر فى الأول من يوليو الحالى (2013) ان شرطة أمن المجتمع بولاية الخرطوم إستكتبت في العام المنصرم 2012م، (17) ألف فتاة، بتعهدات بعدم لبس الزي (الفاضح)، و اقر العميد عامر عبد الرحمن مدير شرطة أمن المجتمع أن جملة التعهدات التي استكتبتها إدارته لعدة مخالفات بلغت (51) ألف تعهد خلال العام الماضي. هذا بجانب التسويات والإبتزاز للفتيات التي تتم خارج مضابط التحري. وجميع تلك الجرائم لم تجد طريقها للنشر مما يثير المخاوف بإزدياد حالات الإنتهاكات وسط تكتم السلطات ومنع الإعلام والمدافعين عن حقوق الإنسان من الوصول إليها. ويتعاظم دور المجتمع المدني في ظل هذه التحديات الجسيمة والأوضاع الكارثية التي تشهدها البلاد، فهذه الإنتهاكات تتم داخل الخرطوم التي تشهد إستقراراً أكثر من بقية مناطق السودان مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، بجانب بقية الأقاليم الأخرى التي لايهتم الإعلام في كثير من الأحيان بتغطية الإنتهاكات التي تقع فيها. – تأسس التحالف في مايو 2008 , وبات يضم أكثر من 100 منظمة من منظمات المجتمع المدني العربي في 19 دولة عربية تناصر حماية ومساعدة من يعانون من أثار النزاع في شتى أنحاء السودان، وتسعى لتحقيق السلام لهم