إن أبسينيا التي أطلق عليها إسم إثيوبيا بعد إنضمامها الي عصبة الامم تشكل خطرا على إستقرار منطقة القرن الأفريقي وشمال أفريقيا ودول حوض النيل، فمنذ نشأة هذه الصنيعة الغربية والشعوب الأفريقية في القرن الأفريقي تعاني من مرارة الجيرة السيئة التي لا تعرف إلا الحرب وسفك الدماء، وهي الطريقة التي نشأت بها هذه الدولة بعد معركة عدوة التي انتصر فيها منليك الثاني على القوات الإيطالية عام 1896م، هذا الانتصار أعطى أثيوبيا نفوذا لم يكن يليق إلا بمستوى الدول المتحضرة، وقد ساعدها في ذلك صراع القوى الأوربية العظمي على بسط نفوذها في القارة الأفريقية ، فتصارعت فرنسا مع إيطاليا على إثيوبيا، حيث أرادت كل دولة أن تؤمن سوقا لصادراتها، فوجد منليك الثاني دعما قويا من فرنسا ضد إيطاليا، فكانوا له بمثابة مستشارين سياسيين وعسكريين حتى تحقق له النصر. بدأ منليك الثاني حملتة التوسعية لبناء إمبراطورية الأبسينية بالقتل والإبادة، ودمر ممالك وسلطنات إسلامية وغيرها، كل ذلك في سبيل تأسيس امبراطورية لم يكن لها وجود من قبل. إن من يتتبع تاريخ ابسينيا (إثيوبيا) يصل إلى نتيجة مفادها أنها دولة لا تعيش في بيئة سلام واستقرار، فهي دائما في حال حرب أهلية، فعلى الرغم من استقلال ارتريا عنها، إلا أنها ما زالت تعيش حالة حرب مع نفسها ومع جيرانها، حرب في الصومال وحرب مع ارتريا وحرب من قبل مع السودان، اما الحروب الداخلية فلا حصر لها، حيث تنتشر الحروب في كل شبر من البلاد، وحملة الاعتقالات مستمرة لا هوادة فيها حيث وضح تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، إن إثيوبيا بها أكبر عدد من السجناء السياسيين في العالم من بينهم سجناء الرأي، وقد ساهم ذلك في هجرة أعدادا كبيرة من سكان بني شنقول إلي السودان، وهو ما ظل يخلق توترا في المنطقة برمتها حيث نشأت معارضة قوية ومتنامية لسياسة التهجير التي تتبعها السلطات الإثيوبية وتنفذها بالتنسيق مع جهات خفية، أما آخر سياسات التهجير والتوطين كان قبل أربعة أشهر أي خلال شهر فبراير 2014م المنصرم ، حيث قامت السلطات بتوطين ما يربو على48,000 من سكان المرتفعات الإثيوبية في منطقة فداسي (بنبشي) بإقليم بني شنقول , وهذه السياسات الحمقاء لن تأتي بسلام أو تحقق استقرارا للمنطقة. على الرغم من جميع الممارسات الوحشية التي ظلت تمارسها الأنظمة الإثيوبية المتعاقبة تجاه شعب بني شنقول، إلا أن هذا الشعب ظل صامدا ومقاوما لكل أشكال العسف والضيم منذ أن تم ضمه شعبا وأرضا إلى إثيوبيا. فلقد رفض سكان الإقليم حمل الجنسية الإثيوبية , وظلوا يميزون أنفسهم بالشلوخ تلك العادة التي تم الإقلاع عن ممارستها في أجزاء واسعة من السودان بسبب إنتشارالتعليم والوعي ، إلا أن شعب بني شنقول ما زال يمارسها كأحد أشكال المقاومة، بالإضافة إلى تمسكهم بارتداء الجلابية والثوب السوداني وذلك للتعبير عن انتمائهم إلى السودان . إن غياب الرؤية الإستراتيجية وضيق أفق بعض الساسة السودانيين دفع بالحكومة الحالية أن تقوم باعتقال أبناء بني شنقول وتسليمهم للسلطات الإثيوبية لأنهم يقاومون الوجود الإثيوبي على أرض بني شنقول، هذه الجريمة تشكل سابقة تاريخية حيث لم يسبق لأي حكومة وطنية أن قامت بهذا الفعل الشنيع منذ استقلال السودان في العام 1956م . ظل شعب بني شنقول ينتظر موقفا مسئولا من قبل الحكومة الحالية فيما يتعلق بدعم قضيته أسوة بمواقف دول وحكومات في قضايا مشابهة مثل قضية كوسوفا التي وقفت معها ألبانيا، والسبب هو أن غالبية سكان كوسوفا هم من أصول ألبانية، وشعب مورو الذي حصل على حقوقه بدعم ماليزي، ولا يخفي على أحد ما قامت به روسيا مؤخرا الإنقاذ شعبها في أوكرانيا. إن ما يحزننا أن تقف الحكومة السودانية الحالية مكتوفة الأيدي أمام طامع تقليدي وهو ينمو اقتصاديا، ويقوى سياسيا وعسكريا، كيف لا وهو العدو الذي تشارك قواته في قوات حفظ السلام تحت مظلة الأممالمتحدة في الأراضي السودانية، وهو الذي ظل يدعم انفصال الجنوب عن الوطن الأم . فيما يفكر هؤلاء؟ وكيف يفكرون ويحللون؟ عجبا فيكم وفي سياساتكم. إن سقوط بني شنقول كان بسبب صراع الغزاة المستعمرين على المصالح الذاتية، حيث اختلفوا على النيل والتجارة والنفوذ فتصارعتفرنساوبريطانياوإيطاليا ومن خلفهم كانت مصر. لم ينظروا للمستقبل بعين عادلة، فسارعوا إلى توقيع اتفاقية مجحفة في حق شعب بني شنقول، ولم تكن حقوق هذا الشعب المشروعة ضمن الأجندة البريطانية ولا المصرية، لان توفير المواد الخام من القطن لمصانع يوركشير كان من الأهمية بمكان بالنسبة لهم مما دعا كل الساسة الي عدم الإكتراث لحقوق شعب بني شنقول، فلقد كان القطن أهم للبريطانيين من حقوق شعب بني شنقول الذي تعرض لإبادة من قبل جيش القائد العسكري الرأس مكنن قائد معركة عدوة. أما بالنسبة لمصر فلقد كانت المزارع المصرية بحاجة إلى مياه الري لتخرج من باطنها حبا ونباتا للشعب المصري ، فلم يكن شعب بني شنقول ضمن أجندة مصر لأن مياه النيل كانت ولا زالت بالنسبة لهم أهم من حقوق شعب بني شنقول، ولذلك حبكت اتفاقية مياه النيل بين بريطانيا ومنليك الثاني وبإشراف مصري على أن تكون بني شنقول هدية لمنليك الثاني حتى يوافق على التوقيع على إتفاقية عام 1902م، فضمنت مصر بتلك الإتفاقية تدفق المياه من أبسينيا (إثيوبيا)، وخسر شعب بني شنقول حريته وكرامته. ورغم كل ذلك لم تقم السلطات المصرية ولا السودانية بتوفير فرص لتعليم شعب بني شنقول، بينما تقوم الأيدي الخفية بمد يدها بأريحية كاملة لمساعدة شعب بني شنقول، لكن شعب بني شنقول ظل يرفضها على الدوام بسبب عقيدته ووطنيته ومبادئه التي تستنكر التعاون مع العدو لإضعاف الأشقاء. إن صمت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ذات الصلة ، وغياب الدور الإسلامي والعربي، خاصة المصري والسوداني فيما يتعلق بالحقوق المشروعة لشعب بني شنقول، قد شجع السلطات الإثيوبية في توطين 48,000 من قومية الأمهرا في إقليم بني شنقول حول مدينة بمبشي (فداسي)، وأعدادا كبيرة منهم في المناطق الحدودية وحول سد النهضة وذلك لمتابعة تحركات مواطني بني شنقول، كما قامت السلطات الإثيوبية باعتقال أعدادا كبيرة من سكان القرى والأرياف والزج بهم في سجن أصوصا الذي أطلق عليه (معسكر لاجئ شعب بني شنقول ). لذا ندعو كل الأحرار والشرفاء في العالم – حكومات ومنظمات وشعوب – أن يمارسوا ضغوطا سياسية ودبلوماسية واقتصادية على السلطات الإثيوبية حتى تكف عن ممارستها الوحشية بحق أبناء شعبنا. كما نناشدهم تقديم الدعم اللازم حتى ينال شعب بني شنقول حقوقه المشروعة .