حين انضم الشيخ يوسف القرضاوي في الشهر الماضي إلى ثوّار مصر المطالبين بالحريات العامة والخاصة، وإقامة نظام حكم ديمقراطي في أكبر بلدان الشرق الأوسط، ثمّن كثيرون موقف الرجل، لأنّه انحياز للحريات، ووقوف ضد النظم الشمولية. واليوم ربما يصل الرجل إلى الخرطوم، وهي لا تختلف عن قاهرة مبارك، ولا طرابلس العقيد القذافي، فالحريات مكبلة، والشعب السوداني يتعرّض للقمع كل يوم، والناس تهمس “جهراً ” في المدينة التي لا تعرف الأسرار عن “فساد كبير”، وما نشر في الصحف وفقاً لمسؤول رفيع، ووزير اتحادي “لا يعدو أن يكون ما ظهر من جبل الجليد”. والشباب معتقلون، وبعض مراكز القوى في المؤتمر الوطني تريد أن تعيد لنا سيرة تلك البيوت ” سيئة السمعة”، ونسمع عن قصص يشاب لها الولدان، وليس بعيداً عن الشيخ القرضاوي، فالأب الروحي “للإنقاذ” نفسه الدكتور حسن الترابي يقمع خلف القضبان، ومعه بعض من مساعديه منذ أسابيع عدداً!. وليته يقل خيراً، ولا يصمت، حتى ولو جاء لنصرة القدس، ومع وقوفنا مع قضايا غزة،، وعدالة قضية فلسطين، لكن ليت القرضاوي يعلم أنّ مجمل من لقوا مصرعهم في إقليم دارفور ووفقاً لرؤية الحكومة، لا احصائيات المنظمات الدولية، حوالى (10) آلاف دارفوري، وهو أكبر من عدد الذين لقوا مصرعهم منذ بداية الانتفاضة وحتى عام 2010، حيث بلغوا 7400 فلسطينياً. ومع أنّ الموت، هو الموت، والدم هو الدم، لم نسمع إدانةً من علماء الإسلام، لما جرى في إقليم دارفور، بل إنّ بعضاً مهم أنكر وجود أزمة، وأعرب عن استغرابه من معارضة مسلمين لنظام إسلامي!!. وليت الشيخ القرضاوي يقف مع نفسه، ويتأمل في جوهر مشروع الإنقاذ الإسلامي، وهو مشروع ؛لا يأخذ بسوى الشكليات، ولا يعمل أصحابه الذهن كي يلجوا إلى العمق، أو إلى المضمون، وكلها شعارات، وقشور، مثل تلك اللحي المستعارة التي سادت البلاد في منتصف تسعينيات القرن الماضي، مع أنّ السودانيين يدركون كنهها، فأطلقوا الأسماء عليها، والألقاب، مثل ” دعوني أعيش”، أو من “أجل أبنائي”، فتكتمل الصورة مع “شنطة إن مكنّاهم في أزمنة التمكين. وهذا المشروع على ظواهره الإسلامية لم يقدم لنا تفسيراً حول علاقة الدين بالدولة الفاشلة، أو علاقة الشريعة بما يجري في دارفور، أو حتى بدولة الجبايات الكبرى، أو حتى الهروب من المراجع العام، أو ضرب المتظاهرين بالذخيرة الحيّة، أو فتح الزنازين، وبيوت الأشباح في تلك الأزمنة القريبة جداً. وليت الشيخ القرضاوي يفتينا عن علاقة الشريعة بتلك المظاهر الطالبانية التي تحول البلاد إلى سجن كبير، يحمل فيه الجلاد الصوت والسيف، ويتبارى ” المحتسبون” في إظهار انجازات ” الجلد ” وهو صار عقوبةً حتى في مخالفات المرور، أو تعاطي الشيشة، أو ارتداء الزي، دون أن يحدثونا أنّ الجلد لم يرد في زمان الصحابة إلا في العقوبات الحدية. فايز الشيخ السليك [email protected]