الخميس 17 مارس 2011م لا شئ يشغلني ويقلقني مثل مرض أبوذر الذي يتعمد إخفاءه ويوهم نفسه بأنه بخير ولا يعاني من شئ، رغم مهاجمة الآلآم الحادة له بين فينة وأخرى، وهو يؤثر أن يتكتم على ذلك ولا يتحدث عنه، لأياً كان!!!!!!!، فما يبادر أحد بسؤاله، إلا ويرد، الحمد لله، أنا بخير، ولا أعاني من أي شئ!!!!!!!. تعودت على سماع ذلك، ودائماً، ما يقوم أبوذر بتكراره، لكل من يسأله عنه!!!!!!، ولكن، نسبة لإلحاحي الشديد، ومحاصرتي له، كنت أعرف أنه يعاني من آلام حادة تعاوده باستمرار!!!!!!!. قررت أن أحترم صمته، ولكن ذلك لم يمنعني من القلق على حالته الصحية!!!!!!. فكرت في الذهاب لأخصائي كلي ومسالك بولية وشرح الحالة له، عسى ولعل أن يجدي ذلك نفعاً!!!!!!، لم أستطيع أن أتحدث مع أبوذر حول هذا الأمر، وأحسست أنني يجب أن أقوم به وحدي دون أن أشاوره فيه!!!!!!. وصف لي أحد الأصدقاء أخصائي مشهور ونصحني بالذهاب لمقابلته وعرض الحالة عليه!!!!!!!، قابلت الأخصائي وشرحت له بالتفصيل عن الحالة، متى بدأت وكيف تعاوده الآلآم وما يشعر به!!!!!. قال لي الطبيب أنه كان يفضل أن يعاين المريض بنفسه، ولكنه أكد لي أنه لا يوجد جهاز للتشخيص لمعرفة نوعية المرض تحديداً!!!!!!. ونصحني بأن أبحث عن هذا الجهاز بمصر أو أي دولة أخرى!!!!!!. تفأجأت مما ذكره لي الطبيب ولم أعتقد أصلاً أن مثل هذا الجهاز لا يوجد بالسودان، حتى أنني في لحظة خلت أن ما ذكره الطبيب غير صحيح!!!!. أتصلت بقريبتي وتعمل أخصائية أطفال، وأكدت لي نفس كلام الطبيب!!!!!، وتحيرت، كيف لا يوجد جهاز تشخيص بالسودان؟؟؟؟؟. منيت نفسي من قبل، بأن تفلح جهود المحامين مع إدارة السجن لأن يسمحوا لأبوذر بزيارة الأخصائي، وللأسف باءت كل المحاولات بالفشل، وتم الرفض مراراً وتكراراً لمعاينة أبوذر بواسطة أخصائي نثق فيه!!!!!!، وزاد من صدمتي، ما قاله لي الطبيب من عدم وجود جهاز تشخيص بالسودان!!!!!!!. أحسست أن كل الأبواب قد أغلقت في وجهي، وأن الأمل الذي تعلقت به وهو إمكانية معاينة أبوذر بواسطة الأخصائي أصبحت كالسراب وكمن يتعلق بالأوهام، فحتى هذا لا جدوى منه!!!!!!!!. وتحيرت حيرة شديدة في أمري، إذ كيف يمكنني أن أطمئن على حالة أبوذر الصحية رغم تمام علمي أن الآلآم أصبحت تعاوده بقسوة أكثر من المعتاد وأن معاينته للطبيب أصبحت غير ذي جدوى!!!!!!!!!. وأحسست أنني أمام أمر تعجيزي، مستحيل وغير ممكن، وحتى مجرد التفكير فيه هو حلم صعب المنال!!!!! وتيقنت تماماً بأن هنالك مستحيلات لا يمكن أن تتحقق وأن ما نمر به من أزمة، ونعيشها، الآن هو إحداها!!!!!!، لم أعرف ماذا أقول أو أفعل بعد ما قاله الطبيب، وأنه ليس في الإمكان حتى مناقشة الأمر مع أياً كان، فلا أعتقد أنني سمعت يوماً بسجين عاني من الآلآم وأن إدارة السجن سمحت له بمباشرة علاجه خارج السودان، والذي أعرفه، أن إدارة السجن ترفض معاينة أبوذر بواسطة أخصائي داخل السودان، فكيف يمكن أن أتوقع منها أن تسمح بمعالجته بالخارج!!!!!!!. هذا هو الجنون بعينه، وسابع المستحيلات!!!!!!. كنت أعتقد في السابق أنه لا يوجد مستحيل وأن المستحيل هو بعض الممكن، وأن بالإرادة القوية والمثابرة والإيمان يمكن أن نسعى لتحقيق المستحيل!!!!!!!!، وفي لحظة، أحسست أن قناعاتي تبدلت وتغيرت وأنني أقف أمام المستحيل التعجيزي الذي رفضت الاعتراف به في يوم من الأيام!!!!!!!. شعرت أنني أمام معضلة كبيرة لا يمكن قهرها أو دحضها بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة، وأنني لا أملك إلا أن أرفع أكفي تضرعاً لله رب العالمين!!!!!!، وقلت في نفسي، اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه!!!!!!!.