الأثنين 20 ديسمبر 2010م …. استيقظت ليلاً، على صوت صراخ عالٍ وتبينت مصدره، وعرفت أن من يصرخ هو (على) ابني الأصغر، الذي انتابته نوبة آلام حادة، إثر التهاب أصاب الأذن الوسطى، فأستيقظ متأثراً بألآمه، حوالي الساعة الثانية صباحاً، ولم أعرف كيف أذهب للمستشفي في هذا الوقت من الليل!!!!!!!، بحثت في الثلاجة، ووجدت دواء مسكن (اميفناك)، وحمدت الله على ذلك!!!!!!!. أعطيته الدواء، وبقيت مستيقظة طيلة الليل، أراقب حالته التي تتأرجح بين السكون والقلق، فما أن تهدأ آلامه قليلاً، حتى تزداد تارة أخرى ويعلو صراخه!!!!!!!، ظللت على هذه الحال فترة من الزمن، أعتقدتها دهراً طويلاً، ثم غلبه النعاس ورجع إلى النوم!!!!!!!!. وما أن انقشع ضوء النهار حتى هرعت مسرعة به إلى المستشفي!!!!!!!. رغم تناول علي للدواء المسكن عدة مرات، إلا أن الآلآم ما زالت تعاوده بقوة وأبت أن تخف حدتها، فكان يرزح ويئن من فرط الآلم!!!!!!!!، وأثناء أزمته وآلامه كان يذكر والده ويناديه طيلة الوقت!!!!!، إذ كان يصرخ بعلو صوته (آآآآآآآآي يا أبببببببوي)!!!!!!، واعتقدت أن أبنائي قد تعودوا على عدم وجود والدهم، إذ انقضت سبعة شهور على سجنه، وبالتالي سوف لن يذكروه بحكم عدم وجوده معهم!!!!!!!!. ولكني اكتشفت أنني على خطأ، وأن آلام (علي) جددت ذكرى والده، وما فتأ يناديه حتى ونحن بالمستشفي أمام الطبيب!!!!!!!. أعطانا الطبيب مضادات حيوية ومسكنات للآلم وأجرينا فحوصات لعينة أخذها الطبيب من الأذن للزراعة، على أن نعاود الطبيب الأسبوع القادم!!!!!!!. رجعنا إلى المنزل وما زال (علي) يتألم، ولا يوجد شئ يذكره على لسانه سوى أن ينادي والده!!!!!!!!. وعدته أنه سيكون بخير وسوف نذهب لزيارة والده كما عودته، وسوف نحدثه عن مرضه!!!!!!!. في المساء اتصل بنا أبوذر هاتفياً، يسأل ويستفسر عن الأحوال كالعادة، وتجنبت أن أذكر له أي شئ حول مرض (علي) لأنني على يقين أن ذلك سوف يقلقه كثيراً، كما تجنبت أن يتحدث معه أياً من أبنائي لكيلا يذكرون ذلك، عفوياً، في حديثهم معه!!!!!!!!!. وفكرت وقررت أنه علينا أن نساعد (علي) ليتماثل في الشفاء، وأن ننتظر إلى يوم الجمعة أو السبت اليوم الذي يوافق زيارة أبنائي إلي السجن وعندها يمكن أن نُحدث أبوذر حول مرض (علي) الذي سيكون موجوداً معنا وسيبلغ أبوذر بنفسه، حتى يطمئن ولا يتشكك أو تأخذه الظنون!!!!!!!. أحسست بأن هذه أفضل طريقة للأثنين، وخاصة (علي) الذي يرغب بشدة في رؤية والده أثناء مرضه!!!!!!!. ولم أعرف كيف يمكنني أن أحل مكان أبوذر في نفسية وذهن (علي) ابني، فرغم وجودي بجانبه طوال الوقت، إلا أنه يفتقد والده بشدة!!!!!!!!، وعرفت أن مكانة الأم ستظل كما هي، وأن مكانة الأب كذلك، وأنه لا يمكن للأم أن تحل مكان الأب ولا يمكن للأب أن يحل مكان الأم، ومن الطبيعي أن يأخذ كل منهم مكانه في قلوب وعقول الأبناء!!!!!!!. ففقدان أبنائي لوالدهم هو غصة تطعن في الحلق كلما أتت ذكراه، حيث لا يشاركهم أحزانهم ولا تكتمل فرحتهم إلا بوجوده!!!!!.