صلاح الدين مصطفي ظلت الدول والمنظمات العربية بعيدة عن الأزمة السودانية لفترات طويلة، لكن في الفترة الأخيرة ظهر إهتمام عربي بما يدور في السودان وتم في القاهرة تكوين التحالف العربي لانقاذ السودان. ولمعرفة الكثير عن هذا الموضوع طرحنا أسئلتنا على حجاج نايل رئيس مجلس إدارة البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان والأمين العام للتحالف العربي لإنقاذ السودان. ■ بدءا ماذا يعني التحالف العربي لإنقاذ السودان؟ □ هو عبارة عن مؤسسة ضخمة أصبح لها دور فعال ومؤثر، وكبرت وانتشرت من خلال برنامج ينفذه البرنامج العربي للإصلاح وكان اسمه «أنقذوا دارفور قبل فوات الأوان» أنشئت في عام 2007 وكان البرنامج يركز على وقف جرائم القتل والحرق والاغتصاب التي تحدث في دارفور وذلك على خلفية أن كل العالم يهتم بقضية دارفور ما عدا العالم العربي. وهذا الصمت العربي المريب، سواء أكان رسميا أو أعلاميا أو شعبيا، كان لا بد من كسره لإدراكنا أن ما يحدث في السودان هو أضعاف أضعاف ما يحدث في دول عربية أخرى تهتز لها الجامعة العربية والدبلوماسية العربية. ما يحدث في السودان قتل بالآلاف للمدنيين بواسطة طائرات «الإنتنوف» وأيضا هنالك قتل من حاملي السلاح. لذلك كانت الحملة قوية جدا تحت شعار «إنقذوا دارفور قبل فوات الأوان» وتم التنسيق مع عدد كبير من المنظمات الدولية والإقليمية. ■ وكيف تم كسر ما تسميه الصمت العربي تجاه أزمة دارفور؟ □ عملنا على كسر هذا الصمت وبالفعل في عام 2008 تمكنا من جمع أكثر من 51 منظمة إقليمية ودولية في لقاء كبير وتم تأسيس التحالف العربي من أجل دارفور والتنسيق مع جامعة الدول العربية في عدة لقاءات جمعتنا بالسفير صلاح حليمة. وفي العام الماضي تم تغيير الاسم إلى «التحالف العربي من أجل السودان» لأن دائرة القتل امتدت إلى جبال النوبة والنيل الأزرق والعديد من المناطق التي تشهد نزاعات وانتهاكات في مجال حقوق الإنسان. كان الهدف من تأسيس التحالف في ذلك الوقت هو وضع الأزمة السودانية على أجندة الإعلام العربي والرؤساء والملوك العرب ونجحنا في ذلك أكثر من مرة، حيث نسقنا مع جامعة الدول العربية وأرسلنا وفدا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة وشاركنا في القمم الأفريقية في أديس ابابا وفي مؤتمرات موازية للقمم العربية في شرم الشيخ وغيرها وطالبنا الجميع بالكف عن دعم الحكومة السودانية التي تقتل شعبها وتقوم بكل هذه الإنتهاكات. ■ ما هو تأثير كل هذه المحاولات؟ □ اكتشفنا مع مرور الوقت أن الأزمة السودانية أكبر مما كنا نتصور حيث عجزت كل محاولات الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وجولات امبيكي والمباحثات العربية الثنائية وعلى سبيل المثال، رغم جهود منبر الدوحة والاتفاقات التي تمت مع بعض الجماعات المسلحة، إلا ان الوضع لا يزال كما هو، التحالف بدأ ب 50 منظمة والآن يضم 143 منظمة عربية منتشرة في أكثر من عشرين دولة وهذا أكبر دليل على أن هناك أثرا لما نقوم به وأصبحنا نضغط من خلال وسائل الإعلام وأكبر دليل على ما أقوله، هو الحملة العظيمة التي نظمها أصدقائي في التحالف العربي من أجل السودان بخصوص اطلاق سراح المعتقلين السياسيين والتي أحدثت دويا كبيرا حتى على المستوى الدولي. ■ ماذا تم تحديدا؟ □ قمنا بالتنسيق مع البرلمانيين العرب ونظمنا مؤتمرا وعرضنا أنشطة في البحرين ودول الخليج وفي اليمن وأسسنا فروعا للتحالف في جميع الدول العربية والأقوى من ذلك ذهبنا للسودان ونظمنا بالتنسيق مع مركز «الخاتم عدلان» عددا من الفعاليات في الخرطوم وطالبنا- أكثر من مرة- بالذهاب لدرافور لتقصي الحقائق ميدانيا، لكن دائما يتم رفض طلبنا وجلسنا مع الدكتور غازي صلاح الدين مسؤول ملف دارفور في ذلك التوقيت وكانت معنا وفود من الكويت ومصر واليمن والجزائر وسوريا واستمرت مباحثاتنا ساعات مع غازي صلاح الدين ووعدنا بتصاريح لزيارة دارفور لكن ذلك لم يتم ولم يوافق النظام. ■ لماذا لا تتعاون معكم السلطات السودانية هل تشك في أنكم غير محايدين؟ □ هذا السؤال كان محل نقاش قوي داخل التحالف العربي، لقد أكدنا مرارا وما زلنا نؤكد، بأن هدف التحالف هو إنساني في المقام الأول يستهدف توصيل الإغاثة للمدنيين وتوفير الحماية لهم ولم نتدخل أصلا في العملية السياسية، وكنا نتحدث عن الإنتهاكات التي تحدث للمدنيين وليس للمتحاربين. وفي عام 2010 وأثناء الجمعية العمومية للتحالف العربي تم طرح سؤال مفاده: ما هو مستقبل العلاقات مع الأطراف المتصارعة في السودان؟ وتم الإتفاق من جميع الأعضاء على فتح حوار مع جميع أطراف الأزمة السودانية بما في ذلك الحكومة، وطرحنا هذا الأمر على جميع الأطراف ووجدنا استجابة كبيرة إلا من الحكومة التي أصرت على موقفها وارسلنا للسفارة السودانية في القاهرة وكنا في حوار غير رسمي مع مسؤول المؤتمر الوطني في القاهرة آنذاك وليد سيد، وكانت لديه تحفظات كبيرة على التحالف العربي لإنقاذ السودان وطلب من التحالف فصل عدد من الأعضاء السودانيين مثل الدكتور أمين مكي مدني وغيره بحجة لم تكن مقنعة، كما أن فصل الأعضاء في التحالف لا يتم بهذه الطريقة وكان هذا شرطه للحوار مع التحالف، ورغم ذلك ظللنا نقدم لهم الدعوات في الأنشطة والفعاليات وطلبنا مشاركتهم حتى في المؤتمرات الصحافية للرد على استفسارات الصحافيين لكنهم لم يستجيبوا للأسف، وهذا حال كل الأنظمة العربية وليس الحكومة السودانية فقط. ■ مع عدم قدرتكم على الوصول إلى مناطق النزاعات والمناطق التي يحتمل أن تحدث فيها إنتهاكات، كيف تحصلون على معلومات حقيقية وأرقاما موثقة تعتمدون عليها؟ □ اكتسبنا مصداقية وثقة عبر الأنشطة التي كنا نقوم بها والمعلومات التي نتحصل عليها منذ عام 2008 ونظمنا أنشطة في دول عديدة ندوات في تونس وذهبنا إلى قطر وقابلنا مسؤولي الخارجية ورموز المجتمع المدني من أجل إحداث موازنة في تبني قطر للقضية دارفور. وفيما يتعلق بسؤالك فقد لاحظ نشطاء المجتمع المدني السوداني ما نقوم به من مجهود وكانوا شريكا قويا ومحترما طوال السنوات الماضية، وفي حقيقة الأمر لدينا تنسيق تام مع كل بؤر الصراع في السودان، خاصة في مجال المعلومات الخاصة بالإنتهاكات وهناك تنسيق يومي في كل ما يحدث بطبيعة الحال فمع وجود وسائل الإتصالات والتواصل الحديثة لم يعد من الممكن إخفاء شيء. ■ هل هناك تنسيق وتعاون بينكم وبين المنظمات الدولية والإقليمية التي تعمل في المجال نفسه؟ □ هنالك بعدان في هذا الإتجاه، الأول أن يكون كل الأعضاء عرب وكل النشاط عربيا وذلك من أجل تفادي ما تردده الحكومة السودانية من أن الغرب هو الذي يحرك الأحداث و»نظرية المؤامرة « التي يعيش فيها كل الحكام العرب. لكن على مستوى البعد الثاني نحن نقوم بتنسيق قوي مع العديد من المنظمات الدولية حول الأزمة السودانية وكان لدينا مؤتمر مشترك في أسبانيا ولدينا شراكات مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومع مركز القاهرة لحقوق الإنسان. ■ رغم توسع دائرة الحرب من دارفور إلى جبال النوبة والنيل الأزرق تراجعت القضية السودانية في أجندة الدول العربية إلى مركز متأخر وذلك بسبب ثورات الربيع العربي وتداعياتها ووجود تنظيم الدولة وغيره من الحركات المسلحة، في ظل هذه الأوضاع كيف تستعيد الأزمة السودانية موقعها في صدارة الإعلام العربي؟ □ أحيلك في الإجابة على هذا السؤال إلى أرشيف «التحالف العربي لإنقاذ السودان، فقد أقمنا قبل عامين ونصف مؤتمرا بعنوان «تأثير الربيع العربي على الأزمة السودانية» خلص إلى وجود تأثير سلبي للربيع العربي على الأزمة السودانية وكانت في السابق معاناتنا من غياب الإهتمام بالشأن السوداني في أجهزة الإعلام العربية، فما بالك مع وجود ثورات الربيع العربي وتنظيم الدولة والقاعدة وما يحدث في سوريا والعراق. وعلى سبيل المثال كان لدينا نشاط كبير في سوريا والعراق والبحرين ولدينا مجموعات في هذه الدول وغيرها تقوم بالتركيز على الأزمة السودانية، ولكن منذ اندلاع ما يعرف بالربيع العربي تراجع الإهتمام بالشأن السوداني وما زلنا نبحث عن مخرج تجد من خلاله أنشطة التحالف العربي من أجل السودان الإهتمام رغم ما يحدث في المنطقة العربية، وبدأنا في الفترة الأخيرة نعيد نشاطنا وتواصلنا في المنطقة العربية وربما تشهد الفترة المقبلة تنشيطا أكثر ولدينا استراتيجية أخرى هي ضرورة دعم أنشطة المجتمع المدني السوداني لأنه المعني أساسا بهذا الحراك. ■ حملتكم لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في السودان على ماذا ترتكز وإلى أين وصلت؟ □ أعتقد أن النظام السوداني بدأ يتخبط في الفترة الأخيرة ويظهر ذلك في الإعتقالات الأخيرة سواء لرموز المجتمع المدني التي لا تحمل سلاحا ويثير قلقنا ما يحدث من اختطاف في مناطق الصراع وفي الخرطوم أيضا، وهناك إختفاء قسري على نطاق واسع جدا، نراقب في ذلك ما يقوم به النظام السوداني من تعديلات دستورية تكرس للهيمنة. وأقول إن النظام السوداني لم يترك لنا فرصة كي نهدأ قليلا، فقبل أن تنتهي حملة نقوم بها يقوم النظام بتصرف آخر يجعلنا نبتدر حملة جديدة. وبخصوص هذه الحملة سوف نتواصل مع المؤسسات الإقليمية والدولية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان ومع هيئات الأممالمتحدة وسوف نتواصل مع كل أشكال الإعلام حتى يتم الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين والتراجع عن التشريعات التي تكرس للإنتهاكات ونسعى لوجود حوار حقيقي بين النظام وكافة القوى السياسية حتى يتم وقف قذف المدنيين ب «الإنتينوف» وحتى نضمن عدم انفصال جزء آخر من السودان. ■ من أين تحصلون على تمويل أنشطتكم في ظل الإستقطاب الحاد والأجندة المتقاطعة ولغة المصالح؟ □ التحالف العربي من أجل إنقاذ السودان يضع شرطا أساسيا لقبول أي دعم من أي جهة ومن أي طرف. وذلك حتى لا يؤثر هذا الدعم على استقلاليته وحياده. نحن لم نتدخل في القضية السياسية السودانية وأتحدى من يقول أننا نتدخل لحساب طرف ضد آخر. نحن مثل كل منظمات المجتمع المدني نركزعلى الجانب الإنساني في الصراع على وصول الإغاثة وعدم تعرض المدنيين لإنتهاكات وهنالك عشرات المنظمات الدولية التي تدعم مثل هذا النشاط دون أجندة سياسية، ولم يثبت علينا إنحياز ضد سلوك الجماعات التي تحمل السلاح وضد إنتهاكات الحكومة، ولذلك نجد دعما من بعض المؤسسات الدولية المحترمة ونجد دعما عربيا كما يحدث من الصناديق الكويتية ونبحث عن مزيد من الدعم طالما أنه لا يؤثر على مبادئنا. ■ التحالف العربي من أجل إنقاذ السودان اسم له دلالاته، خاصة وأن البعد الأفريقي يشكل جزءا مهما في الأزمة، حيث يعتقد البعض أنه الأكثر تأثرا بالإنتهاكات؟ □ هذا صحيح، فقد عانينا كثيرا حتى يعرف السودانيون طبيعة التحالف وتعرضنا لهجوم عنيف في المؤتمرات التي قمنا بتنظيمها في الخرطوم ودارفور ومرد ذلك إلى الغياب العربي عن الإهتمام بالسودان. الشعب السوداني لم يشعر بالتضامن العربي ولا التضامن الخليجي الحقيقي، حتى بعض الصناديق القطريةوالكويتية والأماراتية لا تقوم بتوزع مساعدات إنسانية إلا على فترات متباعدة مع عدم وجود اتصال مباشر، وقد عانينا كثيرا من السخرية والمقارنات لكن مع اصرارنا وبمرور الوقت، تم التأكد من مصداقية التحالف العربي من أجل إنقاذ السودان، ولدينا تنسيق مع تحالف عريض للعديد من المنظات الأفريقية خاصة مع «دارفور كونسورتيوم» وقد اصبحوا الآن «سودان كونسورتيوم « ومقرهم في كمبالا ونحن موجودون في مؤتمرات القمة الأفريقية، البعد الأفريقي نصب أعيننا وكذلك العربي لكننا نركز على البعد العربي لأنه مفقود، فالعرب لا يعطون الأزمة السودانية القدر الكافي من الاهتمام وأقول لك إن التحالف العربي لإنقاذ السودان موجود لتعويض الغياب العربي المطلق في هذه الأزمة. رابط الخبر: http://www.alquds.co.uk/?p=332118