تنامي روح القبلية وإستمطاء سروالها حتي وصل تحت الركبة ليس مشكلة او مظهر عارض في الحياة السياسية السودانية بل هو مظهر من مظاهر فشل دولة الجلابة السودانية والنخب السياسية النيلية التي حكمت وماذالت تحكم السودان الان، ولم تستطيع هذة النخب النيلية من (اولاد النيل والصراء) حتي الان وئدها وتشكيل القومية السودانية كبديل عنها بدلاً من التشظي والفرز الاثني العنصري، واخر الفاشلين هو نظام المؤتمر الوطني كنظام سياسي يقودة مجموعة من النخب والمثقفين الاسلاميين من من شاركوا في الانقلاب علي الحكم الديمقراطي والتاثير في الفكر السياسي السوداني، ونفس النخب التي ارتكبت هذا الخطاء الاستراتيجي الذي كلف الوطن كثيرا عندما سطت علي السلطة بالقوة لبلد متعدد الثقافات ومعقد الاشكاليات، انقلبوا ايضاً علي هذا الفكر الذي انتجوه بتكريس القبلية املاً في توظيف وتخديم المجتمع لمنفعة مقصورة محدودة لمجموع أثني ومكاني بدلا من أن يخدموا المجتمع ككل، فالجماعة الاسلامية الحاكمة في السودان مازوؤمة فكرياً ومسدودة الأفق نتيجة عدم قدرتها علي إستيعاب التغيير الاجتماعي والديمغرافي الذي حدث في البلد منذ الاستقلال والي الان، فعندما يوصم النظام الاسلامي السوداني – نظام المؤتمر الوطني- الاعلاميين السودانيين المناصرين لخصومة السياسيين وينعتهم بالعنصرية والجهوية، هذا يعني أن نظام المؤتمر الوطني وصل الي قمة إنسداد طرق التفكير السياسي، فالنظام الاسلامي بالسودان يعيش في حالة من الزهول والصدمة بعد أن اكتشف مؤخراً فشله فيما سعي اليه بكل قواه الفكرية لأنتاج واستحداث فكر اعلامي يساعده في الهيمنة علي السلطة بصورة مطلقة، ومن ثم يمتطي هذا الفكر والمنهج الاعلامي ليطلق لنفسه العنان في احتكار السلطة والثروة وانتاج العنف والصراع باشكال مختلفة ليحمي الدولة والسلطة الحاكمة والمنتفعين من بقاء التنظيم في السلطة، وبعد الفشل وفي ظل هذا الإنسداد الفكري هرول النظام الي قبوء القبلية وتغذيتها وإذكائها وإقحامها في العمل السياسي بصورة ممنهجة في اشكال جهوية مناطقية وتسيس الصراعات القبلية، لان الحركة الاسلامية عندما جاءت الي السلطة في العام 1989م كانت معزولة وبحثت عن تحالفات استراتيجية لتؤمن بقائها في السلطة بعد استنفاد استخدام سلطة القهر في سنواتها الاولي بدافعية واسمية الثورة ومحاولة اضفاء الشرعية علي إستيلائها علي السلطة كما فعلت الحكومات التي وصلت الي السلطة الإنقلابات العسكرية السابقة، فالفكر القبلي والعنصري ليس بعيداً عن الفكر الاخواني الاسلامي في مختلف الدول بالعالم الاسلامي والعربي والسودان وهي احد طرق التجنيد واكتساب العضوية، وبالرغم من استخدامها طوال الفترة السابقة الا انها كانت نغمة وليست نعمة علي هذة النخب الفكرية، والدليل انها الاداة التي اوصلت الحركة الاسلامية كتنظيم سياسي الي قمة الفشل القائم الان وقسمت وحدة الاسلاميين (المزعومة) في الاخوان المسلمين والحركة الاسلامية وكشفت هشاشة التنظيم، ولا يوجد شي اضر بالسودان كنسيج اجتماعي وقيمي (اثني وثقافي) من نهج التعامل والتعاطي القبلي الجزئي للقضايا القومية كما تستمراه هذة النخبة الاسلامية النيلية في المركز، فانماط التفكير للنظام (شلة الاسلاميين) القائم الان بالخرطوم هو الكارثة والعائق الاساسي لاعادة بناء الوطن بشكل يستوعب المتغيرات الاجتماعية والتغيرات الديمغرافية، فالوصم او الوصف او النعت بالعنصرية لن يجدي ويفيد طالما ظل ميزان العدالة مختلاً في الوطن لوجود نظام سياسي غير راغب في تحقيقها، فالذين يتحدثون عن عنصرية الاقلام والمؤسسات التي تجهر بالحقيقية والراي المخالف لاعلام النظام الاسلامي غرضهم من ذلك معروف ومكشوف، ولن يفيد ويجدي ما يقومون به ويتوهمون بشان دمغ الاخر بالعنصري، وتوصيف الاعلاميين بصفة العنصرية في تناول القضايا القومية كقضية الهامش بجبال النوبة والنيل الازرق ودارفور درجة من الانحطاط الفكري السياسي لتنظيم الحركة الاسلامية والمؤامر الوطني، فالعنصرية لا تكمن عند التناول للوقائع والاحداث التي تقع بالاقاليم الهامشية، فالجرائم التي يرتكبها النظام بتلك المناطق هي في الاساس مساهدفة اثنيات محددة، وهذا واضح جدا في كل الاثار المتخلفة من جرائم النظام، وان كان النظام عنصري في النظرة بالكحل والحاجب، فالواقع يكذب هذة النظرة العمياء في حقيقية الواقع الماثل، كما يجسده اهمية ضمان حرية الصحافة والاعلام كمهنة حرة القلم والرؤية، لتسهم في تشكيل واقع مغاير تقطف ثمارة بدرجة من الوعي والاستناره في المجتمعات المتخلفة والكسيحة كالسودان، فالاعلامي المنضال ليس هو العنصري وما يعبرون عنه لم يكن يوماً جزء من مشروع سياسي لو فكري لنشر الوعي او الرسالة الاعلامية المناصرة للهامش، والسبب الذي جعل اعلام النظام يطلق هذة الوصمة او التشبيه هو ان اعلام النضال بالهامش استخدم ماهو اقوي من السلاح الالي والمدافع الذي ظل يروج له للقضاء علي الحركات المسلحة بالاقاليم في الهامش، الحقيقية التي ينشرها الاعلام الموصوف زوراً من النظام بالعنصري والرؤية التي يملكها من قوة قلم هي الأشرس علي الساحة الاعلامية السودانية، ورغم قناعة النظام السوداني بهذه الحقيقة إلا أن هذه الجماعة الطاغية الموجودة علي كرسي الحكم لا تعترف إلا بلغة واحدة وهي لغة التدثر بالخيلاء والاعتقاد بالوصاية علي الجميع فكرياً ومعرفياً، فتعمد الي استخدام رسائل اتصالية بمضامين اعلامية فزاعية لتوصيف المطالب المشروعة للمواطنيين السودانيين باقاليم الهامش، وعندما تفشل هذة الرسائل في طمس حقيقة الاحداث تلجاء الي اساليبها المعهودة في التعامل مع الاعلام والاعلاميين كالارهاب والاعتقال والتشريد، مستهدفة التاثير في التراكم المعرفي معتقدة أن الأجيال السابقة ماتت والأجيال الحالية ستنسى والأجيال اللاحقة لم يتبقي لها شي من كتب التاريخ شيء حتي تتذكره، لذا تعمد الي تضليل الناس عن طريق النشر غير المسئول للحقائق لتكوين راي عام سلبي غير حقيقي للواقع المعاش واعلام الهامش، حتي ان ادي ذلك اغلاق جميع الوسائل التي يمكن ان تستخدم لبث الوعي والاستنارة وسط المجتمع السوداني علي حساب بقاء هذة النخبة في السلطة، وتستخدم مبررات واهية لاغلاق ومصادرة للصحف ودور النشر والمراكز والتضيق علي المثقفين والحراك المجتمعي والتسلط الذي تمارسه الاجهزة القمعية للدولة، وتعمد لتزييف الوعي والتاثير في الاجيال الجديدة وتغير مناهج التدريس وطمس معالم التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي لمكونات المجتمع السوداني, النظام القائم في الخرطوم مثله مثل كل الانظمة الديكتاتورية والحكومات المستبدة وهي في كل مراحل التاريخ الانساني تعشق الغموض ولاتريد ابداً ان تسير في الضوء وتعادي المطالبة بالحقوق التي تعتبرها خصماً من جسدها المنعم، وتعادي بشراسة الاعلام الحر الهادف والمعرفة والحركات المطالبة بالحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وتعرق الحركة الطبيعية للمجتمعات نحو التمدن والاستنارة لأنها معادية للواقع المختلق والاكاذيب التي تنشرها ابواق هذة الانظمة، وهذة الانظمة الشمولية تعتقد بان المواطن العادي بدرجة من الضعف مما يجعلة غير قادر علي التاثير علي خططها، وتفترض ان المواطن عليه مسئولية ألزامية بالتعرض لوسائل الاعلام ومصادر المعلومة التي تنشرها ابواق الانظمة وهذة الوسائل الاعلامية والصحفية المملوكة للدولة والنظام واتباعه هي وحدها التي يجب الاستماع اليها فقط لانها تقدم الحقيقية طازجة حسب زعمهم، يعلم الطغاة ومن يساندهم كما حال نظام السفاح عمر البشير إن بقائهم مرتبط بوعي واداراك الشعب بحقيقتهم والزيف والخداع الذي يمارسونه، لذا يحاربون مصدر الحقائق وناشريها ومن يرغيون في الاستفادة منها لفضحهم وتنوير الشعب الذي يستغلونه ويستعبدونه، في هذا العصر المفتوح فضائياً وثورة الاتصالات وتقانة المعلومات اصبحت قضية الاعلام الحر وحق الوصول والحصول علي الاخبار والمعلومات وحرية الفكروالمعرفة من الثوابت المقدسة للبشرية والانسان المتقدم والراغب في التقدم والنماء، وكذلك من الحقائق المعرفية التي لافصال فيها ولن يمحوها التاريخ مهما طال الزمن. وبعد كل ما سبق ينبغي للبعض منا أن يكفوا وإلى الأبد عن الانجرار خلف افكار النظام ووسائله الاعلامية كدمغهم بالعنصرية، فالنظام السوداني فشل تماماً في ادارة البلد وهذا اصبح معروف ومدرك وسط المجتمع السوداني، وقضايا الهامش التي ينعت بها اعلامي النظام من يتحدثون ويناصرون قضايا الهامش اصبحت قضايا تعبر عن واقعاً حقيقياً رضي النظام ام رفض، والأكاذيب اليومية التي تبثها اجهزة الدولة السودانية المكتسية برداء النظام المهترئي عن إقامة العدالة ومشروعات التنمية بالهامش مجرد بالونات وتخدير لاستدامة شكل الدولة السودانية المركزية التي تتيح لهذة المجموعة الصفيرة التمتع ونهب ثروات البلد علي حساب الاخرين، أن الواقع الحالي باقاليم الهامش السوداني والمركز يتطلب التركيز علي التنوير والاستنارة ودحض فكرة الدولة المركزية المتسلطة التي انتجتها حلقات اللاوعي من النخب السياسية والفكرية ما بعد الاستقلال، وعدم اهتمامها بتكريس الحق في امتلالك المعرفة ونشر التاريخ الحقيقي ودحض افتراءات النظم الشمولية وكشف حقيقة ما ظلت تفعله تجاه انسان الهامش، فالتعريف بكل هذا الماضي الاسود والحاضر المؤلم لا يمكن باي شكل من الاشكال دعوة للعنصرية او اخذ الحقوق بالعنترية، ولكن حالة الرعب التي تجتاح النظام من الأثر الذي احدثته هذة المجهودات والنضال الاعلام والاسفيري تجعله يستخدم هذة الاساليب الوضيع والمعروفة المكشوفة، علي اعلامي الهامش والمركز المستنير العمل الدوؤب علي فضح النظام وكشف حقيقته والاسهام بقوة في بناء الوعي الجمعي القومي بقضايا الهامش وعدالتها كجزء مهم وعادل من قضايا الوطن المتشعبه، بشكل مبني على الحقائق والعلم ولا يبتغي إلا وجهة الوطن الحر والمبادئ الإنسانية العليا كأساس لتعبئة كل أبناء الوطن في الهامش والمركز لاحداث التغيير الجزري في شكل الدولة السودانية بمت يضمن ازدهارها وتقدمها، وانتهز هذة المناسبة واتقدم بتحية خالصة وخاصة للرفاق الزملاء الاعلاميين بالمؤسسات الاعلامية للجبهة الثورية والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال،التي وقفت وتقف وستبقي واقفة مع هذا الشعب من أجل تحقيق حريته.