من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    الزمالة يبدأ مشواره الأفريقي بخسارة أمام ديكيداها الصومالي    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    استشهاد أمين عام حكومة ولاية شمال دارفور وزوجته إثر استهداف منزلهما بمسيرة استراتيجية من المليشيا    المفوض العام للعون الإنساني وواليا شمال وغرب كردفان يتفقدون معسكرات النزوح بالأبيض    الارصاد تحذر من هطول أمطار غزيرة بعدد من الولايات    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام الانقاذ و حزب السًيٍد : الارتداد إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ
نشر في حريات يوم 10 - 08 - 2015

دائماً ما نذكٍر بأنً مشكلتنا الرئيسيًة مع النظام تكمن في مصادرة حقنا في الحياة الكريمة و التفريط في عزتنا و كرامتنا و تراب وطننا ،… الغالبيًة ممًن يمتلكون المقدرة بإمكانهم الفرار هرباً ، فالنظام لسبب معلوم ترك باب الهجرة مفتوحاً ، كان بإمكانه أن يغلقه لكنًه لم يفعل لأنًه يدرك يقيناً أنً بقاء ابناء الوطن بداخله سيكون تهديداً لمشروع محنته التي توالدت محناً.. و سيعجٍل بإسقاطه لذلك فهو يدفع الناس دفعاً للهجرة..، و من ناحية أخرى فهو مستاء لدرجة الفجور من الذين هربوا فسلًط عليهم أبواقه مثل حسين خوجلي وغيره ليمطرونهم بوابل من الاساءات و التجريح.. فكانت أقوالهم التي تعبر عن نظامهم على شاكلة "أنً السودانيين المغتربين درجة عاشرة و منافقون و منكسرون و مؤدبون غصباً عنهم..في حديث موثق بالصوت و الصورة.." أمًا من أراد البقاء داخل حدود دولة السودان الاسلاميًة أو استعصى عليه الخروج لسبب أو لآخر اشترط عليه المشروع الحضاري الخنوع و الانكسار و أن لا يطالب بحقوقه و لا يعارض في شئ..و إن فعل فعليه الاستعداد للعواقب و التي تتفاوت بين الاعتقال و التعذيب و التنكيل و القتل..، و بين هذا و ذاك الكثيرون من الذين لم يسمح لهم بالهجرة خارجاً و بعضهم أعادوهم من المطار و بعضهم ممن أعرف لم يكتفوا فقط بإعادتهم، بل طمسوا تأشيراتهم و جوازات سفرهم..، كان من الممكن أن تكون المسألة أخفً إذا امتلك النظام الحد الأدنى من المسؤوليًة و لم يفرط في وحدة التراب و لم يتجاوز الخطوط الحمراء التي تربو على الحصر من اشعال للحروبات والفتن و نشر الأوبئة و الأمراض و الفساد و الرذيلة…. ، فهو لم يترك سبباً لإذلال المواطن السوداني إلاً فعله .. أوجد أسباب البؤس مجتمعةً.. و ظلً متمسكاً بالسلطة بالقوًة ، منذ البداية أراد أن يقطع الطريق على دعاة التغيير السلمي فقال أنًه استلم السلطة بالبندقيًة و من لم يعجبه الوضع فعليه بالبندقيًة…، .دفع النًاس دفعاً و أجبر بعضهم على حمل السلاح فأزداد الواقع سوءاً و زادت معاناة الناس و أزهقت الكثير من أرواح الأبرياء و اشترى النظام أبناء الهامش من منزوعي الذمم و استخدمهم لإبادة أهلهم.
الهجرة ربًما كانت حلاً فرديًاً مؤقتاً لكنها قطعاً لن تحول دون فقدان الوطن الذي نراه يضيع من أمامنا، و لن تحول دون وقف الحرب، و فوق هذا كله من لا يستطيعون الهجرة يظلون أغلبيًة لا تستطيع تدبر امورها و لا تستطيع وحدها أن ترفع الظلم عن نفسها…. وجدنا أنفسنا في مأزق تحتٍم علينا الأمانة و الرغبة في إيجاد حلول أن نحدد المسؤوليًات عنه..فمن المسؤول بخلاف النظام عن هذا الواقع؟ الأحزاب التقليدية هى المسؤولة عن الوضع الحالي و تتحمًل الوزر الأكبر بالتضامن مع النظام ، و المسؤوليًة الكاملة عن وجود النظام ، لم يكن بمقدور الاخوان المسلمين أن يستولوا على السلطة لو لا التهاون و تجاهل التحذيرات منهم طوال فترة الديمقراطية الثالثة ..، كوادرها مسؤولون عن مواجهة التحديات التي أقعدت أحزابهم و معالجتها من جذورها حتًى لا تعيد هذه الأحزاب انتاج الأزمات مستقبلاً..
و طالما أنًه توجد أساليب مجرًبة في اسقاط الأنظمة الديكتاتوريًة ترتكز في الأساس على منظمات المجتمع المدني و الأحزاب السياسيًة…إذاً الأولى أن تزاح العقبات أمام الأساليب المدنيًة المجرًبة في اسقاط الديكتاتوريًات… كان حديثي في مقالات سابقة عن أسباب فشل هبًة سبتمبر و كيف نستطيع معالجتها..و كان الحديث عن خمسة غطًينا أربع منها..و في هذا المقال سأتناول السبب الخامس و الأخير: "ضعف الأحزاب السياسيًة الوطنيًة"، و لمًا كان المجال لا يتسع للحديث عن جميع الأحزاب.. نموذجي هنا حزب الأمًة على أساس أنًه حزب الأغلبيًة حتًى سقوط الديمقراطيًة الثالثة.. الحديث مبني على شهادات و افادات كوادره و قيادييه …بالاضافة إلى دستور الحزب المعدًل في 2009، و ما تطرقت إليه من معلومات هنا متاحة لكل من يمكنه البحث في الانترنت ، فهى متاحة للكل و من مصادر الحزب وإفادات كوادره المكتوبة و موجودة في المواقع الالكترونيًة.
(1) حزب السيد و شروط الحوار مع النظام :
مشكلة حزب الأمًة أنًه لم يتجدًد طوال واحد و خمسون عاماً.. لم يخلق من جديد فكان أن ارتدً إلى أرذل العمر تماماً مثل حال النظام..فقط يوجد فرق بأنً للأحزاب كوادر وطنيًون مهمومون بهموم أوطانهم ليس مثل أبناء النظام الذين فسدوا و أفسدوا و لم يعد لديهم وازع من ضمير أو أخلاق…هذا هو جوهر الفرق بين الاثنين..
المعروف عن السيد/ الصادق المهدي أنًه مفكٍر و سياسي مخضروم و لديه خبرة كبيرة في العمل السياسي، إلاً أنًه شخص متناقض في أقواله و أفعاله، فهو كما قال عنه د. منصور خالد "يميل للخيارات الرًخوة" فتجده يبدو و كأنًه موافقاً على الشئ ، لكنًه في نفس الوقت ضدًه،….ففي تذكرة تحرير يطالب الجماهير بالخروج للشوارع و الميادين و احتلال السفارات بالخارج لاسقاط النظام..و عندما وقًع نائبه السابق نصر الدين الهادي اتفاق مع الجبهة الثورية ما كان منه إلاً أن فصله من منصبه كنائب لرئيس الحزب، و تنصًل عن الفجر الجديد الذي بعث بممثلين عن حزبه للتوقيع عليه..و أقام بدلاً عنه مبادرة ضراراً أسماها "الفجر الصًادق".. ثم عاد ووقًع على نداء السُودان…. فهو كما يقول عنه أحد قيادات التيار العام " رجل متردد وليس لديه موقف ثابت، يقوم بتجيير نضالات حزب الأمة القومي لصالح نفسه وأسرته الصغيرة، وكذلك يريد أن يجني ثمارها لتكون كسباً شخصياً له، فهذا الأمر يجعل موقف الحزب السياسي من كل القضايا يأتي وفقاً لتقديراته الشخصية فقط دون أن تكون لمؤسسات الحزب يد في القرار…" …حتًى "الحوار مع النظام" في كل مرًة يضع شروطاً أيسر من سابقتها و مع ذلك يمد له النظام لسانه… ، يبحث دوماً عن حلفاء جدد و لا مشكلة في أن يكون أكبر همهم الارتماء في حضن النظام فنجده يتحدًث عن تحالف قوت و قوى المستقبل و الكثير من المسمًيات من بنات أفكاره… يوم الخميس 6 أغسطس الجاري جاء في الأخبار: أعلن المهدي تأييد حزبه للحوار من حيث المبدأ، ورهن مشاركته في الحوار باستحقاقات، أجملها في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وكفالة الحريات، وحرية الإغاثات الإنسانية، وإعلان وقف إطلاق النار أو هدنة للحوار، وتأكيد الاستعداد من جانبه لحوار مبرأ من عيوب الماضي بنظرة شاملة لا ثنائية.." ، هذه هى الشروط التي وضعها الصادق المهدي بصفته رئيساً لحزب الأمًة و إماماً للأنصار للحوار هذه المرة…، الشروط السابقة كان يتصدرها تأجيل الانتخابات.. المحاورون في المرة السابقة حضروا إلى أديس و لم يجدوا النظام الذي غاب عن الحوار غير عابئ لا بآليًة افريقية و لا خلافها، فكانت تصريحات من يعنيهم الأمر وقتها أن لا حوار مجدداً مع النظام..صدر هذا على لسان رئيسة المكتب السياسي لحزب المهدي و مختلف الأطراف الأخرى…، لكن دعونا أولاً نرى حزب الصادق المهدي كيف حاله اليوم…هل هو فعلاً مؤهل حتى يرضخ النظام لشروطه للحوار – على تواضعها – و هل فعلاً الصادق المهدي نفسه يمثٍل حزب الأمًة و كيان الأنصار؟ و هل حزب السيًد يلبٍي تطلعات جماهيره؟ الاجابة على جميع هذه الأسئلة بالنفي القاطع..، سأورد الأدلًة على كل منها…و بعدها سنكتشف بأنً حزب الأمًة الحالي لا يمثل إلاً الصادق المهدي نفسه و من دار في فلكه ممًن ينطبق عليهم تعريف "الطائفيين".. أو الغواصات…، يقول بكري حسن صالح مخاطباً محمد عطا في المحضر المسرًب في 31 أغسطس 2014 "" عليكم ترجعوا صديق اسماعيل لملف الحركات بالحزب..داير شغل.." صديق المقصود هنا هو الفريق صديق اسماعيل الذي أتى به الصادق المهدي أميناً عاماً لحزب الأمة بعد المؤتمر المنعقد في 2009 …و هو من العناصر الأمنية المعروفة في عهد مايو و في عهد النظام الحالي..و كان اختراقاً كبيراً لحزب الأمًة على مستوى القيادة..و عندما استمات بعض شباب حزب الأمة و حجبوا عنه الثقة و أتوا بأمين عام جديد هو الدكتور/ إبراهيم الأمين لم يعجب الحال رئيس الحزب فما كان منه إلاً أن استخدم صلاحيًاته التي يكفلها له دستور الحزب و أخذ الفريق صديق من "التراش" ليكون نائباً له و بصلاحيات أعلى من صلاحيات الأمين العام كما يقول دستور الحزب المعمول به الآن و الذي صاغته لجنة تضم مختار الأصم – نعم ، هو نفسه رئيس مفوضية الانتخابات.. بعدها أصدر السيد الصادق المهدي قراراً مؤخراً بإقالة د. إبراهيم الأمين و تعيين سارة نقد الله مكانه حتًى يمهٍد الطريق لتوريث إبنته مريم طالما أنً عبد الرحمن و البشرى في القصر و الدعم السريع …و هكذا أصبح الحال في هذا الحزب العريق كما يبدو عليه الآن.
لماذا نهتم بالأحزاب السياسيًة في الأصل؟ لأنًه لا يمكن إقامة نظام ديمقراطي بدون أحزاب سياسيًة تستطيع تحمُل المسؤوليًة، و لا يمكن تداول السلطة سلميًا ألاً بوجود أحزاب سياسيًة مؤهًله ، بل أكثر من ذلك ، لا يمكن استقرار الديمقراطية في أي دولة تتجاوز أحزابها الرئيسيًة عدد اثنان..و هذا هو الحال في جميع دول العالم التي تحتكم للديمقراطيًة ففي أمريكا حزبان رئيسيًان ، كذا الحال في بريطانيا و فرنسا و ألمانيا..و جميع الدول الغربيًة، و حتى في السودان في أوًل حكومة بعد الاستغلال نجحت لفوز حزب واحد بالأغلبيًة المطلقة فلم يضطر للائتلاف مع حزب آخر كما حدث في الحكومات الديمقراطيًة التًالية، .. حتًى تنجح الممارسة الديمقراطيًة هنالك شروط لا بد من توفرها أهمًها أن تمارس الأحزاب عملها بموجب دساتير تضمن الديمقراطيًة بداخلها أوًلاً، و ثانياً أن تواكب التطور الطبيعي في الحياة العامًة و تتجدًد، و شروط أخرى لا يسعنا المجال لحصرها….، إذا نظرنا لأحزابنا و أخذنا حزب الأمة نموذجاً سنجد أنًه يفتقر لهذين الشرطين الرئيسيين و بالتالي لا يمكنه أن يقوم بدوره..، هنا تتطاير الكثير من الأسئلة الحيرى أمامنا و تبحث عن إجابات…ما الذي أوصل أحزابنا لهذا الدرك و زجً بها في الحضيض الأسفل؟ و ما هو السبيل لاصلاحها؟ و كيف؟ و من الخاسر الأكبر من قعودها، و من المستفيد؟ و الكثير من الأسئلة المشروعة…بعض هذه الأسئلة سنحاول الاجابة عليها بالألًة و البعض الآخر سنتركه لفطنة القارئ و كوادر تلك الأحزاب..و لكن المهم في الموضوع أنًنا لا يمكن أن نلقي باللائمة على النظام وحده في هذا الأمر، السبب الرئيسي في تدهور الأحزاب السياسيًة لا علاقة له بالنظام و إنًما من داخلها..
(2) دستور لجنة الأصم .. التًفصيل على مقاس السيد الإمام
المادة (10) من دستور حزب الأمة تقرأ كما يلي : تكون دورة أجهزة الحزب أربع سنوات من تاريخ إنعقاد المؤتمر العام ما لم ينص على خلاف ذلك صراحةً (آخر مؤتمر عام للحزب كان في العام 2009، أي قبل 6 سنوات)….ماذا يعني هذا؟ نظريًاً مواكبة التطور الطبيعي في الحياة العامًة ، فماذا عن الواقع؟ لا تندهشوا إن علمتم بأنً السيد الصادق المهدي ظل رئيساً لحزب الأمًة منذ العام 1964 و حتًى هذه اللحظة..أي لمدة واحد و خمسون عاماً أدخلته موسوعة غينيس بجدارة..أمًا من يتساءلون عن ماهيًة المؤتمر العام فهذا حددته المادة (11) التي قالت بأنً المؤتمر العام هو أعلى سلطة في الحزب ، و من صلاحياته اجازة البرنامج الحزبي و انتخاب الرئيس و مساءلته..و تقييم أداء أجهزة الحزب، و انتخاب الهيئة المركزيًة..، أمًا الهيئة المركزيًة فهذه عرًفتها المادة 16-1 التي تقول أنًها "أعلى سلطة في الحزب تلي المؤتمر العام حيث تقوم مقام الأخير في الفترة ما بين دورتي إنعقاد المؤتمر العام" و تتكون من 15% من جملة المؤتمرين في المؤتمر العام و سلطاتها: مراقبة اداء الاجهزة خلال دورتها، أقتراح ما تراه من تعديلات في الدستور، و إنتخاب المكتب السياسي والامين العام..، إذاً الهيئة المركزيًة هى التي تختار الأمين العام و المكتب السياسي و عرفنا ممًن تتكوًن، لكن كيفية اختيار هؤلاء ال 15% لم يحدٍدها لنا دستور الأصم..و طالما أنً الأمر مفتوح فهو متروك لصلاحيًات رئيس الحزب الذي قطعاً سيأتي بها ممًن يريدهم تماماً ..فمثلاً هيئة الرًقابة و ضبط الأداء هى التي تفصل و تؤدب و تعمل كل شئ في هذا الحزب، كفل لها الدستور ذلك و تحدثت عنها المادًة 15-1 حيث تقول: تنشأ في الحزب هيئة الرقابة وضبط الأداء وهي هيئة محايدة ومستقلة شبه قضائية في ممارسة مهامها وسلطاتها وتعتبر قراراتها وتوصياتها ملزمة لأعضاء الحزب…حتًى هنا لا مشكلة، و لكن لنرى ماذا قالت المادًة 15-4: يعين الرئيس رئيس واعضاء هيئة الرقابة وضبط الاداء ويخطر المكتب السياسي، و تقول المادًة 15-6: تقترح الهيئة لائحة أعمالها وتعتمد بواسطة الرئيس بالتشاور مع المكتب السياسي، أمًا المادًة 15-7 فتقول: تستأنف قرارات الهيئة لدى الرئيس ويعتبر قرارها نهائياً..، هل رأيتم كيف أنً الرئيس يمتلك كل شئ و أنً الدًستور يخوله حق التعيين و الاقصاء و العقاب و كل شئ؟ حتًى هنا ربًما كان الأمر داخليًا يتعلق بالحزب وحده..، لكن دعونا نرى جانباً آخر:
ورد في المحضر المسرًب في أغسطس 2014 لاجتماع اللجنة العسكرية الأمنيًة بأنً النظام يسيطر على ثلثي المكاتب التنفيذيًة للأحزاب المعارضة، لذلك من المستحيل أن تصدر قرارات يتضرر منها النظام، إن تساءلنا و استغربنا هذا و لم نصدق علينا أن ننظر فقط لطبيعة اختيار تلك المكاتب بهذا النموذج الذي هو أمامنا، فالاختيار يتحكًم فيه شخص واحد، هو من بيده اختيار أعلى سلطة، و بيده اختيار من يطالب النظام بإرجاعهم بالاسم مثل الفريق صديق، و يستخدم صلاحيًاته المطلقة التي تجعله يتعامل مع الحزب بالطريقة التي تحلو له ، بل تجعله لا يتردد في القول بأنً "الحزب حزبي" ورثته وحدي و أديره وحدي …
(3) لجنة الأمير/ عبد الرحمن عبد الله عبد الرحمن نقد اللًه…"الحزب حزبي"..و "الحشًاش يملاً شبكتو"…
بحثنا و تساءلنا كيف وصل حال حزب الثورة المهدية و الاستقلال إلى ما هو عليه ..وجدنا أنً الأمور في هذا الحزب بدأت بالانجراف منذ العام 1964، لكن في ذلك الوقت لم يطفو شئ على السطح..ثمً ارتفعت وتيرة التردي بنهاية العام 1999م عندما بدأت الصراعات بشأن التغيير و الاصلاح و ارتباط القيادة بالقواعد و الممارسات الديمقراطيًة داخل الحزب و المؤسسيًة في العمل السياسي حيث احتدم الصراع بعد أن استغلً رئيس الحزب صلاحيًاته و كوًن مكاتب و لجان سياسيًة بالتعيين و عندما اعترضت عليها معظم القيادات في ذلك الوقت تم الاحتكام إلى تكوين لجنة من 15 قياديًاً برئاسة الأمير/ عبد الرحمن نقد الله مهمًتها دراسة و تقييم الوضع الراهن للحزب و إيجاد حلول، و كذلك البت في مصير الحزب و موقفه من النظام و الحوار معه..، عملت اللجنة لمدة ثلاثة اشهر وجاءت بتقرير من 300 صفحة لخصت فيه الحال فى عشرة نقاط أهم ما جاء فيها أنً أجهزة الحزب جزيره معزوله عن جماهيرها ، بدأت مناقشة السمات العامه لتقرير اللجنة على أن تتواصل المناقشه إلى لب التقرير وعندها اقترح المكتب السياسي الدعوه لمؤتمر للكوادر لانتخاب أجهزه جديده تحضر للمؤتمر العام لأن السمات العامة فى التقرير أوضحت أن أجهزة الحزب مقعده ومعزوله عن الجماهير وعاجزه عن العمل . لكن رئيس الحزب رفض المقترح و أوقف مناقشة التقرير وقدم ورقه تحدد فيها ما يجب قبوله وما يجب رفضه فى التقرير وما يجب إضافته و ألغى مناقشة التقرير وقال بالحرف الواحد كما أفاد السيد/ مبارك الفاضل: "أنا معاى الجماهير إما أن تقبلوا ورقتي هذه وإما أن أحلكم وأنزل للجماهير (والحشاش يملا شبكتو)" عندها انسحب الأمير عبد الرحمن نقد الله واعتكف بمنزله لأنً تقريره الذي سكب فيه عصارة جهد ثلاثة أشهر أختزل فى وريقات من رئيس الحزب.. و من وقتها و الأمير نقد الله طريح الفراش بسبب هذه الحادثة…بعدها تقدم أربعون كادراً قياديًا بالحزب بمذكرة للرئيس الذي استقبلها باستنكار ورفض مبالغ لدرجة رفضه الاجتماع مع موقعي المذكره وطلب أن يأتوا فرادى ليسحبوا توقيعاتهم من المذكره و عندما لم يحدث وافق أخيراً على الاجتماع معهم و حضر للاجتماع بمعيًة إبنه عبد الرحمن بمسدسه و حرسه الخاص، و قال لهم بالحرف الواحد " هذا حزبي أنا فمن يريد العمل فيه عليه أن يفهم ذلك ومن لا يريد فأمامه الشارع والمؤتمر الوطني.."بعدها حاول الكثيرين من كوادر الحزب الوصول لحلول كوسطاء لكنهم دائماً كانوا يسمعون عبارة (الحشاش يملا شبكتو)، و انتقل الأمر إلى البلطجة و الاعتداء بالضرب بواسطة حرسه على أعضاء المكتب السياسي الذين يسعون للحلول..تعقًد بعدها الموقف و بدأ مسلسل التشظي في الحزب الذي كانت أولى بوادره حديثاً الاصلاح و التجديد، ثم مسلسل الاقصاء "بموجب الدستور و الهيئة المركزيًة المفصًلة التي أشرنا إليها سابقاً".
بعد هذه الأزمات بدأ فريقان على الساحة الأول هو الذي آثر أن يقف متفرجاً على المشهد، و الثاني هو الفريق الذي يتزعمه السيد/ مبارك الفاضل و أصر على مواصلة مسيرة الاصلاح في الحزب فكان مؤتمر سوبا في يوليو من العام 2002م و مقرراته التي أدت إلى انشقاق كبير عرف بالاصلاح و التجديد و أخذ معه الكثيرين من خيرة كوادر الحزب، و كان من الممكن أن يكون اصلاحاً حقيقيًا يسحب البساط من تحت أقدام الرئيس و يبدأ ببناء حزب قوي على اساس ديمقراطي ..لكن الخطأ الفادح الذي أرتكبه الاصلاحيون هو المشاركة في النظام، و في ديسمبر من العام 2004 قرر حزب الأمة الاصلاح و التجديد فض الشراكة السياسية والتنفيذية مع حزب النظام بعد عامين من الائتلاف الهش و لكن بعض كوادر الاصلاح الذين ذاقوا طعم السلطة لم يحلو لهم المقام فآثروا البقاء في النظام و منهم مسار و المرحوم الزهاوي..و غيرهم الكثيرون.. فتفاقمت الأزمة .. بعدها ظل الحال كما هو عليه حتى انعقاد المؤتمر العام السابع للحزب في 2009 ، فكان مزيداً من التشظي و ظهر التُيار العام الذي يمثل جميع الرافضين لمقررات و مخرجات المؤتمر العام السابع للحزب..و منذ مؤتمر سوبا و حتًى يومنا هذا و كل محاولات الاصلاح أتت بنتائج عكسيًة تماماً فاصبح اسم حزب الأمًة على قارعة الطريق متاحاُ لكل انتهازي و طالب سلطة فظهر أكثر من عشرة أحزاب كلها تحمل اسم الأمًة السبب المباشر فيها هو سعى النظام الدؤوب لتفتيت الحزب ، و من بعده انتكاسة الاصلاح بالمشاركة في النظام.
(4) الاصلاح و التجديد..القراءة الخاطئة و تجربة المجرًب..
في رسالة مفتوحة من السيد/ مبارك الفاضل موجهه للسيد/ الصادق المهدي بتاريخ 5/4/2004 استقيت منها الكثير من المعلومات الموثًقة التي أوردتها في هذا المقال، يقول في خاتمتها "لا أدرى كيف تقاوم السلام بالجهاد المدنى – كما أعلنت لأنك لم تشارك في صياغته – وهو يأتى مدعوماً شعبياً واقليمياً ودولياً بينما خاب جهادك المدنى عندما كان النظام شموليا معزولا وجبهات القتال تحاصره من الجنوب والغرب والشرق. لماذا لا تنظر لمصلحة الوطن بدلاً عن النظره الضيقه لموقعك فى السلطه ؟ فالسلام سيأتى بدستور جديد وانتخابات تعدديه واعادة هيكلة الدوله . هل ثلاثة سنوات بعيده للوصول للانتخابات ؟ لماذا تريد ان تنهى ولاية الرئيس عمر البشير فى ستة اشهر من اتفاق السلام ؟ اليس فى هذا خطر على استقرار البلاد واتفاق السلام ..، ثم يخاطبه قائلاً: أننا نعرض مع هذا الخطاب وثيقه سريه تؤكد خطأ تقديراتك السياسيه والوثيقه تتحدث عن نفسها وبخط يدك تستنكر فيها تقريراً عن إحتمال قيام إنقلاب عسكرى قبل أسبوع من قيام الانقاذ فى يونيو 1989 م . نصحناك حينها ولم تستمع فهل تستجيب.. الان، إنتهى الاقتباس " ما أريد أن استوضحه هنا في ذلك الوقت كان السيد/ مبارك في القصر و كان السيد/ الصادق المهدي تائهاً لا يريد اصلاح الحزب فرحٌ بما لديه كما يقول "معي الجماهير".. حدد الجهاد المدني وسيلة لاسقاط النظام لكنه أوًلاً لم يكن جادٍاً في سعيه إليه بدليل مواقفه الكثيرة جداً المهادنة للنظام و النًاصحة له ، بل لعب في كثير من الأحيان دور الاستشاري الذي يوجه النصح للنظام و يقترح عليه حلولاً لمشاكله …ثانياً لم يستطع تلبية استحقاقاته التي أوًلها اصلاح الحزب، و هذا هو الواقع حتًى الآن . . و بين هذا و ذاك و مع مرور الأيًام تبيًن للسيد/ مبارك خطأ المشاركة في النظام ، نفس النظام الذي يريد الصادق المهدي الآن التفاوض معه، و نفس النظام الذي شاركته الحركة الشعبية لمدة خمس سنوات، و شاركته حركة مناوي . و المؤسف حقًاً أنً كلاً من الحركة الشعبيًة و حزب الأمًة لم يقرءا واقع النظام جيداً فلدغوا من نفس الجحر مرات عديدة و سيلدغون منه مرات قادمة إن لم يحسنوا قراءة الواقع جيداً، و الخاسر في النهاية هو الشعب السوداني الذي لن ينال أدنى حقوقه في الحياة..و حتى و ان سقط النظام من تلقاء نفسه سيكون حال الأحزاب السياسيًة مثل النموذج الذي عرضناه الآن، ما يضع الكثير من التحديات أمام كوادر و قيادات تلك الأحزاب و الحركات المسلحة على حد السواء حتى تصلح نفسها لمصلحتها الشخصية أولاً ثم لمصلحة الشعب السوداني الذي ربما لن يستعصي عليه اسقاط النظام و لكنه لم يكن حريصاً على اسقاطه طالما أنً الأحزاب التي ستكون على رأس السلطة بعد سقوطه لم تغير من حالها شيئاً، و ليس سراً ما تعانيه من مشاكل فالمعلومات بشانها متوفرة بدقة متناهية لكل من أراد البحث عنها..
فيما يتعلق بالوثيقة التي أشار إليها السيد/ مبارك فهى عبارة عن تقرير تقدم به اللواء صلاح الدين مطر بتاريخ 26/6/1989، و كان مدير إدارة الأمن الداخلي، إلى رئيس الوزراء، بنسخة منه إلى وزيري الدفاع والمالية، جاء فيه: «ظل يتردد أن بعض قيادات الجيش صرَّحت بأنها لن تتمكن من السيطرة والتحكُّم في من هم تحت إمرتها، ومنعهم من المغامرة، طالما أن الأسباب لقيام الانقلابات قائمة».. وأورد التقرير أيضاً مواقف الأحزاب المختلفة، بما فيها الجبهة القومية الإسلامية ..وختم التقرير قائلاً: «من خلال استطلاع آراء المواطنين، اتضح أن الكثيرين، وبسبب المعاناة المعيشية والحياة، أبدوا تعاطفهم مع "التغيير"، وليس "الانقلاب"»..«والبعض الآخر يرى، ولتفادي السلطة لأي مغامرة جديدة، أن تعالِجَ مشاكل البلاد الاقتصادية ، وأن تمضى قدماً في مساعي إحلال السلام في الجنوب…." كتب السيد الصادق المهدي مُلاحظاته عليه بخط يده، ووجَّهه إلى "أخي الحبيب .. فكلمة أخي الحبيب هنا إمًا موجًهة لوزير الداخلية السيد مُبارَك الفاضل بحُكم أن إدارة الأمن المذكورة تقع تحت دائرة مسؤولياته, أو رئيس جهاز أمن السُودان، العميد عبدالرحمن فرح، الذي تتكامل مسؤولياته مع الإدارة المعنية.. متسائلاً باستخفافٍ ساخر لا يخلو من التهكم: «متى يرقى الأمن الداخلي للإحاطة بالحقائق والتحليل الأشمل.. مؤكداً في الوقت نفسه أنً الجبهة الاسلاميًة لا تخطط لانقلاب و أنًها ليست ضد الديمقراطيًة.." حاولت الاطلاع على أصل الوثيقة المذكورة و تواصلت مع السيد/ مبارك الفاضل و ذهبت إليه في منزله للاطلاع عليها و الحصول على نسخة..إلاً أنًني لم أحظى بمقابلته ، لم أتمكن من مقابلته في الموعد المحدد لأنًه كان مسافراً.
(5) مذكٍرة نداء التغيير فبراير 2012..خطوة في طريق التغيير توقًفت دون أن تعقبها خطوات تذكر..
تجربة الاصلاح و التجديد فشلت بسبب الشراكة مع النظام، فكانت خيبة أمل كبيرة ليس فقط لكوادر الحزب و إنًما كانت سبباً في توقف مسيرة الاصلاح نفسها و تجزئة المجزأ…لكنًها لم تكن التجربة الأخيرة لجهود الاصلاح في هذا الحزب العريق، ففي وقت مبكر من العام 2012 دفع عدد 735 من كوادرحزب الأمة بمذكرة لرئيس الحزب أسموها " نداء التغيير" كان أهم مطالبهم تنحي رئيس الحزب و إفساحه المجال لغيره لأنًه فشل طوال الفترة السابقة و وقف عائقاً دون اصلاح حزبهم، من بين الموقعين على المذكرة 18 من أعضاء المكتب السياسي، و 34 من أعضاء الهيئة المركزيًة، أمًا البقيًة فجميعهم كوادر قياديًة بإمكان أي واحد منهم أن يكون رئيساً للحزب… و على الرغم من أنً المذكرة ثبتت لرئيس الحزب كافة حقوقه الأدبيًة ..القيادية و الفكرية و النضاليًة، إلاً أنً تعامله مع المذكرة لم يكن بأفضل من سابق تعامله مع دعوات الاصلاح المتكررة، ففعل نفس الشئ و طالب جميع الموقعين عليها بسحب توقيعاتهم…المحيٍر في الأمر أنً السيد/ الصادق المهدي نفسه و في أكثر من مناسبة قال إنًه سيستقيل و يفسح المجال لغيره و قال أنًه سيتفرغ للأمور الفكريًة بالحزب ، ففي إحدى المرات بتاريخ 24 يناير 2011 – أي قبل المذكرة بعام – قال بأنًه قد حدد خياراته القادمة التي ربطها باعتزال العمل السياسي أو الإطاحة بالنظام، إذا لم يتم تكوين حكومة انتقالية عقب إعلان انفصال الجنوب تمهيداً لقيام حكومة قومية، وحدد يوم 26 من نفس الشهر كآخر موعد. . لم ينتظر النظام طويلاً فأتى الرد في نفس اليوم عن طريق نافع الذي قال: لن تكون هناك حكومة قومية وعلى الصادق اللجوء إلى أحد الخيارين الذين حددهما..إذاً المذكرة أتت و كأنًها تطالبه الوفاء بوعده الذي قطعه..، بل اتهمهم بأنًهم مخربون و أنً معظمهم لا ينتمون إلى حزب الأمة في إشارة إلى أنً بعضهم كانوا قد خرجوا في الاصلاح و التجديد..المهم أنًه لم يحدث شئ و لم تحدث خطوة لاحقة للمذكرة من جانب الموقعين اللهمً إلاً مذكرة قدمت لرئيس الحزب في القاهرة في يناير الماضي تطالبه بالتغيير و التنحي، هذه المرة وعدهم بالرد عليها و هو ما لم يحدث حتى الآن على حد علمي…فبدلاً من رد بالسلب أو الايجاب كان الرد ضمنيًاً هذه المرًة..ففي يوم الثلاثاء 27 رمضان حيث عزم شباب و كوادر الحزب إقامة افطار جماعي في دار الحزب، ما كان من قيادة الحزب إلاً أن منعتهم من اقامة افطارهم في الدار بحجة أنهم جسم خارج مسؤسسات الحزب، و اضطروا لإقامة إفطارهم في حديقة عامًة.
و الواقع كذلك، من الصعوبة على كوادر الأحزاب السياسيًة اصلاحهاحتًى تكون فاعلة في ظل وجود النظام الذي قال أنًه يسيطر على ثلثي تنفيذييها..، من الصعوبة بمكان على كوادرها التغيير فيها في ظل وضع مماثل و قيادة تصمم دساتيراً تجعل من المستحيل أن يتم اي فعل لا يمر عبرها، أجهزة الحزب مجرد قطع شطرنج تحركها كما يحلو لها و كل هذا يسيطر عليه شخص واحد يخاطب أكبر كوادر حزبه بكلمات أقل ما يقال عنها انها استفزازية على شاكلة "الحزب حزبي" و "الباب يفوت جمل" و "الحشًاش يملاُ شبكته" و "زلنطحيًة".. ، و الكثير المثير الذي لا يخطر على بال أحد..فما يظهر لنا هو فقط الجزء العائم من جبل الجليد..
الحل كلياً بأيدي كوادر تلك الأحزاب التي تضم خبرات متراكمة في صفوفها يمكنها أن تخرج بحلول تعيد إلى تلك الأحزاب هيبتها و تستطيع أن تقوم بدورها في اسقاط النظام و المحافظة على الديمقراطيًة بعد سقوطه، فهل يعي هؤلاء الكوادر بأنً الوقت يمر في صالح النظام و تلك القيادات و الأجهزة التي لا تعبر عنهم؟ و هل فات عليهم أنً تلك القيادات و الأجهزة الصوريًة تستمد شرعيًتها من وهن عزيمتهم على التغيير؟ الوضع الراهن لكوادر حزب الأمًة أنًهم منقسمون إلى ثلاث فرق: الفريق الأول هو دعاة التغيير أولاً حيث يرى هؤلاء بأنً الاصلاح في الحزب يجب أن يكون أوًلاً لأنًه في حالة اسقاط النظام سيعود الصادق المهدي و من يريدهم للواجههة من جديد و بذلك يكونوا قد استبدلوا نظاماً ديكتاتوريًاً بآخر لا يعبر عنهم، الفريق الثاني هو دعاة اسقاط النظام أوًلاً ثم اصلاح الحزب ثانياً و هؤلاء يعملون على الصعيدين..لكن كلا الفريقان لا يتحركان بوتيرة فاعلة..أمًا الفريق الثالث فهو الأقلًيًة التي يطلق عليها مصطلح "الفلول" و هم جماعة الفريق صديق الذين يدعمون توجهات الامام أياً كانت.
نفس الحال ينطبق على بقيًة الأحزاب التقليديًة..أمًا الوضع في حزب المؤتمر السوداني فظاهره أفضل حالاً بدليل المخاطبات التي يقيمها في الأسواق و الشوارع و لم تتوقف رغم البطش، و هذا مؤشٍر جيد و دليل على أنً الأحزاب بإمكانها الفعل في تعبئة الجماهير، لكن باطن الأمور يحتاج إلى معالجات كثيرة على مستوى الأجهزة التنفيذيًة لجميع الأحزاب الوطنيًة و هذا يحتاج إرادة كوادرها و عزيمتهم على الفعل،..أمًا منظمات المجتمع المدني سأتحدث عن مشاكلها و عثراتها التي أقعدتها لاحقاً.
مصطفى عمر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.