خبرٌ مُريب جداً نشرته صُحُف 21 يوليو 2016، بشأن استقبال ما يُسمَّى المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية والريفية بولاية الخرطوم، لوفد شركة أوزون المغربية للنظافة، وتعاقده معها لنظافة ولاية الخرطوم ، ثم تصريحات مُديرها العام بأنَّ زيارتهم( لتحويل (مذكرة التفاهم) التي تم توقيعها مع المجلس في السابق لاتفاقٍ عملي شامل، والتباحُث حول قطاع النظافة من خلال (جمع ونقل النفايات) إلى (المحطات الوسيطة) و(الكنس الآلي واليدوي) للطرق والساحات العامة و(غسل الطرق والساحات بالضغط العالي) وباستخدام أحدث أنواع التكلنولوجيا والآليات والوسائل). مصدرُ الريبةِ مَرَدُّه الضجة التي شهدها المغرب مطلع هذا الشهر بشأن استيراد المغرب لنحو 2500 طن من (النفايات الإيطالية)؛ ورَفْضْ مُنظَّمات المُجتمع المدني (هناك) لما أسمته تحويل المغرب إلى (مكب للنفايات) الأوروبية الخطيرة والضارَّة بالبيئة. حيث وصلت (بالفعل) سفينة إيطالية لميناء الجرف الأصفر بمدينة الجديدة على المُحيط الأطلسي، وهي تحمل أطناناً من بقايا العَجَلات المطاطية والمواد البلاستيكية. وسارع المركز الجهوي للبيئة والتنمية المُستدامة لمدينة الجديدة بدق (ناقوس الخطر) من مُعالجة هذه النفايات على الأراضي المغربية؛ و(حَذَّر) من أنَّ حرق هذه المواد (السامَّة) سيتسبَّب في (إلحاق الضرر بالإنسان والحيوان والنبات)، وسيؤدي ل(ظهور أمراض خطيرة ومُزمنة تصل للإصابة بالتشوُّهات الخلقية والعاهات المُستديمة)..! وتبعاً لاشتعال القضية لدى الرأي العام المغربي، سارعت العديد من المُنظَّمات المدنية والمُعارضون لانتقاد وزيرة البيئة، وصاغوا عريضة لمنع (حرق) تلك النفايات على الأراضي المغربي! المُدهش في الأمر، (تزامُن) استيراد هذه النفايات الإيطالية مع قرار الحكومة المغربية القاضي ب(حَظْرْ) استخدام الأكياس البلاستيكية في جميع أنحاء البلاد؛ بما يُبرز (تناقُض) السُلطات هنا يجعلها (مُتناقضة)! وتمَّ إثرها توجيه استفسار لرئيس الوزراء بالبرلمان المغربي، بشأن تعامُل الحكومة بوجهين مُتناقضين.! أوَّلهما تحت شعار حماية البيئة ضد الأكياس البلاستيكية، وثانيهما تخريب البيئة عبر السماح بجعل المغرب مقبرة للنفايات الأجنبية السامَّة..! ولعلَّ ما يزيد الريبة والقلق تجاه استجلاب شركة مغربية لنظافة الخرطوم، هو أنَّنا لم نسمع من قبل عن مُذكِّرة التفاهم التي أشاروا إليها في التصريح أعلاه، ولا ندري كيف وأين تمَّ توقيعها، فضلاً عمَّا أفصح عنه مدير الشركة حول التقنيات والوسائل التي سيستخدمها في عملية النظافة، والتي يتضح ارتفاع تكاليفها من جهة، وعدم مُلاءمتها لبيئة الخرطوم ومُعطياتها الحالية ومناخ السودان من جهةٍ ثانية، بخلاف إمكانية تنظيف الخرطوم بالموارد المحلية بأقلَّ من التكاليف التي ستأخذها الشركة المغربية، والتي حتماً ستكون بالعملة الأجنبية التي نُعاني من نقص حاد جداً فيها، ونحتاجها لتلبية احتياجات أكبر من النظافة التي يُمكن إجراؤها (كما أسلفنا) بالإمكانيات المحلية. والأهمَّ من هذا وذاك، هو ما وجدناه من المُتأسلمين من غدرٍ وخيانة بكافة صورها وأشكالها، وعدم تردُّدهم في بيع كل شيئ بما في ذلك البشر، والشواهد عديدة كنفايات سد مروي التي تحوَّلت بقدرة قادر إلى (جرادل بوهية) التي نفوا وجودها لاحقاً أيضاً (أي جرادل البوهية)! وهناك حاويات بورتسودان بمخدراتها وموادها الضارَّة والتي لم يُحاكَم جالبوها حتَّى الآن، وما كان لنا اكتشافها من أساسه لولا تدخُّل جهات خارجية أخرى، تحمي مُواطنيها وبلادها وليسوا كهؤلاء المُغامرين! والاحتمالات الأقرب للتصديق، تحويل تلك النفايات إلى السودان، عبر (واجهة) نظافة الخرطوم بواسطة هذه الشركة، وهي عملية لا نستبعدها من المُتأسلمين الذين مَارَسوا كل أنواع وأصناف الإجرام بحق السودان وأهله! حتَّى وإنْ (أَنْكَرَ) المُتأسلمون مسألة هذه النفايات، ينبغي على السودانيين معرفة تفاصيل هذه الاتفاقية الكارثية وما ستأخذه تلك الشركة من تكاليف وكيفية الدفع ونوع العملة ومن أين سيتم تحصيلها ولماذا لم تُكلَّف شركات أُخرى بهذه المُهمَّة وعلى أي أساس وقع الاختيار على هذه الشركة؟ وبالطبع لا يُمكن الاقتناع بأنَّ الشركة ستعمل لوجه ودون مُقابل وغيرها من التَرَهَات، لا سيما مع ما ستستخدمه من وسائل للنظافة وفق ما صَرَّحَ مُديرها أعلاه، وهو ما لا نحتاجه ولا يتوافق مع بيئتنا، وبالتالي لن يؤدي للنتائج المرجوَّة، هذا إذا افترضنا أنَّهم صادقون ويسعون ل(تنظيف الخرطوم)..! د. فيصل حسن .