لا يزال يقبع في سجن كوبر عدد من ضباط القوات المسلحة السودانية ، ويعرفون في كوبر باسم ( الدرجو العباس) . ويعود أصل التسمية الى المشير عمرالبشير وعلاقته باخيه العباس . وكان الضباط المسجونون يعملون فيما يسمى بصندوق دعم القوات المسلحة ، وأرادت شركة استثمار عربية شراء أراضي مملوكة للقوات المسلحة جنوب المستشفى العسكري بام درمان ، فطلب البشير من الضباط في ادارة الصندوق اتمام الصفقة ، على ان (يدرجو) أخيه العباس معهم ! وأكمل الضباط الصفقة ولكنهم لم (يدرجوا) العباس وتحصلوا على مليارات الجنيهات ، ادخلوها في جيوبهم الخاصة . وتم القبض عليهم واسترداد جزء من المال العام ومحاكمتهم والقائهم بسجن كوبر ،وهم لا يزالون موجودين به حتى الآن . وبالنسبة للانقاذ فان فساد أولئك الضباط ليس المشكلة الرئيسية وانما فسادهم بدون اشراك (عرابي الفساد) . وهكذا فان الفساد في نظام الانقاذ ليس تجاوزات أشخاص ، وانما فساد بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية ، بل وفكرية ، فاضافة الى ان الانقاذ وبآيدلوجيتها الاسلاموية ترى في الدولة السودانية (غنيمة) لها الحق في الاستحواذ عليها بحكم انها المعبر عن (العقيدة) (اي الايدلوجية الاسلاموية) ، فكذلك ترى في منسوبي حزبها ومناصريها سدنة (العقيدة) ، ولذلك هم الوحيدون المؤهلون لتسلم وظائف الدولة وامتيازاتها وتسهيلاتها ، وبالتالي فانها دولة فاسدة جوهرياً . ومن فساد الفكر وفساد الحزب ، يتمدد الفساد ليطال الاشخاص ، الذين سرعان ما يرون بانهم ، مثلهم مثل الحزب ، لهم حق الاستحواذ على (الغنيمة) . وفي بيئة تصادرالديمقراطية وحقوق الانسان ، وبالتالي لا تتوفر فيها لا الشفافية ، ولا المساءلة ولا المحاسبة ، ولا حرية وسائل الاعلام ، ولا حيدة أجهزة تطبيق القانون ،ولا استقلال القضاء ، يتحول الفساد الى نظام شامل ، يعيد (صياغة) الاشخاص أنفسهم بما يتطابق معه . ومما يؤكد تحول الفساد الى نظام ، وانه لا يمكن محاربته ، ضمن البيئة الاجتماعية والتشريعية والقانونية للانقاذ ، ان أهم مركز من مراكز الفساد في السلطة هو المركز المرتبط برئيس النظام نفسه ، اي عمر البشير واخوانه وشركائهم .