نوتنغهام يقيل المدرب الذي أعاده للواجهة    الصقور خلصت الحكاية… والهلال اليوم تبدأ الرواية    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني تستعرض جمالها بإرتداء الثوب أمام الجميع وترد على المعلقين: (شكرا لكل من مروا من هنا كالنسمة في عز الصيف اما ناس الغيرة و الروح الشريرة اتخارجوا من هنا)    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    شاهد بالصور.. القوات المسلحة تتمدد والمليشيا تتقهقر.. خريطة تظهر سيطرة الجيش والقوات المساندة له على ربوع أرض الوطن والدعم السريع يتمركز في رقعة صغيرة بدارفور    شاهد بالصور.. مودل وعارضة أزياء سودانية حسناء تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة من "العين السخنة"    شاهد بالصور والفيديو.. شاب سوداني يشعل مواقع التواصل الاجتماعي ببلاده بزواجه من حسناء تونسية وساخرون: (لقد فعلها وخان بنات وطنه)    شاهد بالصور.. القوات المسلحة تتمدد والمليشيا تتقهقر.. خريطة تظهر سيطرة الجيش والقوات المساندة له على ربوع أرض الوطن والدعم السريع يتمركز في رقعة صغيرة بدارفور    شاهد بالصور والفيديو.. شاب سوداني يشعل مواقع التواصل الاجتماعي ببلاده بزواجه من حسناء تونسية وساخرون: (لقد فعلها وخان بنات وطنه)    شاهد بالفيديو.. أطربت جمهور الزعيم.. السلطانة هدى عربي تغني للمريخ وتتغزل في موسيقار خط وسطه (يا يمة شوفوا حالي مريخابي سر بالي)    شاهد بالصورة.. محترف الهلال يعود لمعسكر فريقه ويعتذر لجماهير النادي: (لم يكن لدي أي نية لإيذاء المشجعين وأدرك أيضا أن بعض سلوكي لم يكن الأنسب)    أمير قطر لترامب: سنتخذ الإجراءات كافة لحماية أمننا وسيادة بلادنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    "تأسيس" تهنئ إثيوبيا بإفتتاح سد النهضة    تحالف تأسيس: استهدفنا مواقع عسكرية تخدم المجهود الحربي للجيش    والي الخرطوم يدين الاستهداف المتكرر للمليشيا على المرافق الخدمية مما يفاقم من معآناة المواطن    بث مباشر لمباراة السودان وتوغو في تصفيات كأس العالم    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    إيران: هجوم إسرائيل على قيادات حماس في قطر "خطير" وانتهاك للقانون الدولي    سلاح الجو السوداني يشن غارات مكثفة على مواقع ميليشيا الدعم السريع في محيط بارا    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    السلطات المصرية توافق على إعفاء السودانيين المغادرين من الغرامات    دموع رئيس وزراء إثيوبيا تسيل مع جريان المياه من سد النهضة    أزمة تضرب أوروبا.. إغلاق قياسي للشركات منذ 2009 وتسريح 18 ألف عامل    عودة إلى العمل.. الهلال يستعد لمواجهة حاسمة في سيكافا    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    شعب منكوب محاط بالغزاة والطامعين ومغتصبي الأرض والنساء والمعادن    "فيلم ثقافي".. هل تعمد صلاح استفزاز بوركينا فاسو؟    «لا يُجيدون الفصحى».. ممثل سوري شهير يسخر من الفنانين المصريين: «عندهم مشكلة حقيقية» (فيديو)    التدابير الحتمية لاستعادة التعافي الاقتصادي    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    الهلال والأهلي مدني يتعادلان في سيكافا    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    الإمارات تتوقف عن استيراد النفط السوداني    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    من صدمات يوم القيامة    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهام عصيان 19 ديسمبر وما بعده
نشر في حريات يوم 18 - 12 - 2016


المبتدأ:-
* اعتصام 19 ديسمبر وحده لن يسقط النظام ولكنه خطوة جبارة للأمام على طريق تحقيق هذا الهدف لا بد ان تتلوها خطوات تصعيد أخرى وفق رؤية إستراتيجية ملهمة.
* نظام الإنقاذ الحاكم كأي نظام ديكتاتوري يستمد أسباب وجوده من (الخوف) و(الخداع) لذا فالتخطيط لمقاومته يجب تبدأ من تحرير عقول البسطاء من قبضة آلته الإعلامية وفضح أفكار تكريس الاستبداد التي تبثها.
* النجاح في الصراع مع نظام الإنقاذ الديكتاتوري يعتمد على أمرين مهمين (الاستمرارية) و(التجديد).
* في التخطيط للمقاومة السلمية من المهم التمييز بين الإستراتيجية العامة والأهداف الإستراتيجية والتكتيكات المرحلية.
* الإستراتيجية العامة هي الخطة الشاملة للوصول إلى هدف المقاومة الإستراتيجي وهو إسقاط نظام الإنقاذ الديكتاتوري وبناء نظام تعددي بديل ووضع إستراتيجية عامة للمقاومة والإعلان عنها وشرحها تشجع الجماهير وتشعرها بجدية المقاومة وتصميمها على الإطاحة بالسلطة.
* الأهداف الإستراتيجية هي نتائج محددة تريد المقاومة السلمية الوصول إليها، وعبرها تستطيع قياس مدى نجاح مراحل تنفيذ الثورة من فشلها.
* التكتيكات المرحلية هي خطوات عملية تقوم بها المقاومة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية التي حددتها الإستراتيجية العامة.
والخبر:-
(1)
أول خطى هزيمة سلطة لإنقاذ تبدأ بنشر الوعي وتخليص المجتمع السوداني من الأفكار التي تهيئه لقبول استبدادها إن هزيمة الديكتاتوريات فكريا تمهد وتسهل أمر هزيمتها فعليا على أرض الواقع فالوجه الكالح للاستبداد يختفي عادة خلف أفكار رجعية كترويج لفرية أن ليس كل الشعوب متهيئة لقبول وممارسة الديمقراطية وفي إشاعة هذه الفرية مغالطة وتجاوز لحقيقة أن جميع البشر متساوون في القدرات مؤهلون لاتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية وأن هذه الأهلية تتساوى فيها جميع الشعوب وضعف المهارات التي تحتاجها المجتمعات لممارسة الديمقراطية هو نتيجة لسيطرة الأنظمة الديكتاتورية عليها وليس العكس، والسبيل الوحيد لتقوية هذه المهارات هو تفعيلها بمزيد من الممارسة الديمقراطية وليس تعطيلها فذلك يزيدها ضعفاً وهذا ما تفعله الأنظمة الديكتاتورية.
(2)
عندما تُحكم المجتمعات بأنظمة ديكتاتورية لا يُتاح لها حرية التفكير والتعبير ولا يُفسح لها المجال للحوار والتكاتف والعمل الجماعي تضمر مهارات الممارسة الديمقراطية بالتدريج فالعلة إذا ليست في الشعوب ولكن في النظم الحاكمة لها والسبيل الوحيد لتقوية هذه المهارات هو إزالة هذه النظم المكبلة للوعي ومن ثم تفعيل وتنشيط مهارات ممارسة وقبول الديمقراطية بمزيد من الممارسة الديمقراطية ومن الأفكار الرجعية التي تستخدمها أيضا الديكتاتوريات لاستمرار استبدادها هي فكرة توفير الأمن والاستقرار وخداع المواطن بأن إشاعة الحريات والديمقراطية تقود المجتمعات للفوضى والاضطراب وفي هذا الادعاء أيضا مغالطة وتجاوز مقصود لحقيقة أن الأمن الحقيقي الراسخ تحققه العدالة وسيادة القانون، فالنظام الديكتاتوري تقوم دعائم حكمه على الظلم وتجاوز القانون ، وممارسة الاعتداء على المجتمع بشكل منهجي منظم، فالأمن الذي يحققه النظام الديكتاتوري في الحقيقة هو أمنه وليس أمن المجتمع لذا نجد إعلام نظام الإنقاذ في السودان وقواه الأمنية تنشط في عملية إرهاب الشارع وتعجيزه عن المعارضة بنشر سؤال (البديل) الغبي والإشارة للأثمان الباهظة التي دفعتها الشعوب في سبيل التخلص من النظم المستبدة (كفزاعة).
(3)
من المهم أن تفهم قوى التغيير مغزي رسالة النظام الاعلامية وتفند مغالطاتها وتتحلي في ذات الحين بخطاب جماهيري متزن يشرح ويفضح عظم خطر استمرار النظام الحالي ويبين كافة مفاسده فإسقاط نظام الإنقاذ لن يتم بالشكوى والأنين من ظلمه ، ولا باتهام الشعب بالجبن والتخاذل، واعتصام 19 ديسمبر هو خطوة جبارة للأمام يجب ان تتلوها خطوات تصعيد أخرى على طريق إسقاطه وما تبقى من حاضنته السياسية وفق رؤية إستراتيجية واضحة واستعداد صادق للتضحية ؛ فالمقاومة السلمية هي معركة حقيقية تحتاج الكثير من التخطيط الواعي والتكتيك الرشيد كما تحتاج للشجاعة والبذل فهي المعركة المصيرية التي لا بد أن يخوضها شعبنا من أجل الحرية والحياة الكريمة وإسقاط نظام الإنقاذ الذي يبدو للبعض عصي هو شيءٌ حتمي فهو وأمثاله من نظم الحكم الديكتاتورية تحمل بذور فنائها في أحشائها وتنتهي عاجلا أم آجلا تحت أقدام الشعوب؛ إن الدعوة لتصعيد مقاومة نظام الإنقاذ سلميا لا تنطلق من مجرد فرضيات حالمة فلقد كشفت مخرجات حواره الذي خدع بها الكثير من قوى المعارضة مدى كذبه ومراوغته كما حسمت وقطعت إجراءاته الاقتصادية الأخيرة قول ولسان كل من يدافع عن بقائه أو يروج لخطل إمكانية إصلاحه وبات النظام يقف عاريا من السند الشعبي في مواجهة غالبية شعب السودان.
(4)
(العصيان المدني) هو أنجع وسيلة لتخلص من النظم الديكتاتورية التي على شاكلت نظام الإنقاذ؛ فقد أحصى كتاب (من الديكتاتورية إلى الديمقراطية) لمؤلفه (جين شارب) حوالي مائتي طريقة من طرق العصيان المدني كسلاح، تستخدمه الجماهير لمواجهة الأنظمة الديكتاتورية، وهي تلجأ إليه عندما يصل بها الأمر إلى حد اليأس في تحقيق مطالبها المشروعة في الحرية والعدالة والديمقراطية، وتفشل كل الطرق السلمية الأخرى كالمظاهرات أو الاعتصامات في تحقيق مطالبها، والعصيان وسيلة ضغط وتصعيد، وهو آخر خطوة سلمية ممكن أن تلجأ لها الجماهير للثورة، وينسب مصطلح «العصيان المدني» للأمريكي هنري دافيد ثورو، حيث كان أول من استخدمه في بحث له نشر عام 1849، في أعقاب رفضه دفع ضريبة مخصصة لتمويل الحرب ضد المكسيك، بعنوان: «مقاومة الحكومة المدنية» وفى عام 1898 ظهرت كلمة «العصيان المدني» كمصطلح سياسي جديد في دوريات ونشرات سياسية، حتى أصبح المصطلح اسما متعارفاً عليه في العلوم السياسية.
(5)
نظام الإنقاذ يستمد أسباب وجوده من (الخوف) و(الخداع)، لذلك أول ما قام به عند استيلائه على السلطة هو منع كافة أشكال التعبير ومحاولة إزالة المعارضة وذلك بحل الأحزاب السياسية وملاحقة المعارضين وقتلهم وسجنهم وتعذيبهم وإجبارهم على مغادرة الوطن للمنافي والمهاجر ومن ثم اتجه إلى إضعاف مؤسسات المجتمع المدني السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الدينية لم تنجُ من الإضعاف بضمها وتبنيها كما قام بإلغاء الكثير من منظمات المجتمع المدني أو استبدالها بمؤسسات تابعة له مهمتها الأساسية دعمه وتشديد قبضته على الدولة والمجتمع مع أن المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه مؤسسات المجتمع المدني هو أن تكون مؤسسات مستقلة عن السلطة! وكل ذلك حتى يتمكن بشكل منهجي من القضاء على أية زعامة في المجتمع غير زعامته وتحويل أفراد المجتمع إلى أشخاص منعزلين سلبيين لا يعرفون المبادرة ولا يثقون ببعضهم البعض وغير قادرين على العمل الجماعي من أجل الوصول إلى الحرية، ليتثنى له بعد تكريس هذا الواقع المزري الاستمرار باطمئنان ودون عوائق في الحكم لأطول فترة ممكنة وتنفيذ مشروع خرابه المسمى زورا بالمشروع الحضاري مستغلا ضعف المجتمع وفقدانه الثقة بنفسه وبقدرته على المقاومة..
(6)
ولكن رغم عن المنهج التخريبي المدروس فقد فشل النظام الإسلاموي في كسر شوكة المجتمع السوداني وظل رغم تمترسه خلف قواه الأمنية يواجه بأعمال المقاومة المختلفة والمتصاعدة؛ إن النجاح في الصراع مع نظام الإنقاذ الديكتاتوري يعتمد على أمرين مهمين (الاستمرارية) و(التجديد) أي استمرار المقاومة السلمية في مقابلة أساليب النظام القمعية بأساليب جديدة وإدخال فئات المجتمع المختلفة في المقاومة ونقل الصراع من ساحة إلى أخرى بما يكفل استنزاف النظام وتشتيت قوته مثلا يمكن الانتقال من إضراب فئوي إلى آخر للتخفيف عبء الصراع على الفئات المستهدفة ؛ فالمقاومة السلمية تتفاعل مع عوامل كثيرة كبنية النظام الديكتاتوري وعلاقاته الإقليمية والدولية هذا التفاعل قد يسرع أو يبطئ من انهيار النظام لذلك تختلف الفترة الزمنية الممتدة ما بين بدء المقاومة السلمية وانهيار النظام الديكتاتوري تبعا لهذه الظروف، فقد تستغرق المقاومة عقداً من الزمن كما حدث من قبل مع نظام الديكتاتور النميري ويحدث حاليا مع نظام الحركة الإسلامية الغاشم أو عدة أيام كما حدث مع النظام العسكري بقيادة الفريق عبود؛ والذي يميز المقاومة السلمية هو أن عواقبها تتجاوز مكان وزمان الأحداث؛ فاغتيال رمز من رموز المقاومة أو سقوط عدد من القتلى في مظاهرة سلمية قد يكون كافياً لقلب ميزان القوة في المجتمع لصالح المقاومة بين عشية وضحاها كما شهدنا ذلك في ثورة أكتوبر 1964م بعد اغتيال الشهيد (القرشي) وبعدها مباشرة توقف نظام الفريق عبود عن التخطيط لإفشال المقاومة وبدأ التفكير في الانسحاب.
(7)
من المهم تنويع خطوات تصعيد المقاومة والتركيز على العاصمة الخرطوم لأنها تمثل العامل الحاسم وتحديد مناطق إستراتيجية مهمة وحساسة داخلها كساحات لتظاهر والتجمع دون إغفال الأعداد الجيد وتحشيد أكبر كتلة جماهيرية ولو أدى الأمر للتنسيق وجلب المعارضة من أطراف العاصمة والمدن القريبة مما سيزيد المظاهرات فعالية وكلما تزايد الزخم كلما تمكنت طلائع المقاومة من الصمود وإطالة زمن التظاهرات وتحويلها لفعاليات يومية؛ ومن المهم ضم المقاومة لفئات مختلفة من أطياف المجتمع كالمثقفين والفنانين لزيادة الزخم الشعبي والنقطة الأهم في مسيرة تصعيد المقاومة تكمن في لحظة انتقالها من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم وذلك بعدم الاكتفاء بالتظاهر في أحياء ومناطق معينة وإنما بالتوجه نحو المعتقلات ومقار الأجهزة الأمنية ومحاصرتها بأعداد كبيرة من الجماهير مما سيضع تلك الأجهزة الأمنية في خانة الدفاع ، ويفقدها تدريجيا السيطرة على الشارع والتنسيق فيما بينها والشاهد على فعالية هذا المسعى وأهميته ما أدته اعتصامات النشطاء وأسر المعتقلين أمام رئاسة جهاز الأمن من دور ايجابي في إطلاق سراح البعض مؤخرا وتخفيف شدة التعذيب عن البعض الآخر وليس مطلوب من المقاومة السلمية أن تكون سلمية يسوعية بالمطلق فبعض العنف في بعض المواقف التي تقتضي الحاجة مطلوب لتجنب الكثير من العنف خاصة عندما يكون موجهًا لخدمة هدف محدد مع ضرورة المحافظة على الشعار والسياسة العامة السلمية.
(8)
نظام الإنقاذ يدرك حقيقة تفوق المعارضة عليه في المعركة الأخلاقية ، لذا سيحاول دوما جر حراكها السلمي إلى الساحة التي يستطيع أن يربح فيها المعركة وهي ساحة العنف والبطش لذا سيعمل جاهدا على استفزاز المقاومة السلمية بشتى الأساليب ودفعها للعنف ؛ وهنا على قوى المعارضة أن تفوت عليه الفرصة ولا تقابل العنف بالعنف والاعتداء بالاعتداء، ويجب دوما الحرص على إظهار الفرق الكبير بين سلوك المعارضة الحضاري وسلوك قوات النظام الوحشي أمام الرأي العام ، فالضرب يجب أن يُصد بأقل درجة من العنف الجسدي، والشتم والتخوين لا يُرد عليه بالمثل وإنما بترديد الشعارات الوطنية، والحرص على إشعار أجهزة أمن النظام بأنها مخدوعة وأن النظام يستغلها وأن قوى المعارضة لا تكن لها العداء بل هي حريصة على سلامتها و لا تريد إيذاءها وإنما تريد تخليص المجتمع من قبضة الديكتاتورية، وكلما التزمت قوى المعارضة بمبدأ (اللا عنف) كلما استطاعت أن تجر نظام الإنقاذ إلى معركة الأخلاق والمنطق التي تستطيع أن تربحها بكل سهولة.
(9)
النظام اليوم مترنح مفزوعٌ وسيضغط بعنف على ضعاف النفوس لترويج الأكاذيب والمخاوف التي تكرس لفكر الاستبداد ، وعلينا مجابهة ذلك بنشر المزيد من الوعي، وسط الجماهير، وتوضيح إن حراك التغيير يعمل من أجل إسقاط النظام، وتحرير الدولة من قبضة حزبه وحاضنته، وهذا الهدف يحتاج لمزيد من العمل والجهد، والمظاهرات والاضرابات الجزئية الماضية قد أحدثت التراكم المطلوب، ودخل حراك التغيير مرحلة العصيان المدني، ويجب ان يتواصل حتى رحيل النظام ورموزه؛ أي إنجاز أقل من هذا هو خيانة لدماء الشهداء التي سالت والجهود الجسورة التي بذلت، ولتحذر قوى المقاومة السلمية من ألاعيب (الجماعة) ومحاولاتها الثعبانية لتغيير جلدها، وتتجنب التنازلات المجانية والتغيرات الشكلية التي قد يجترحها النظام في لحظات ضيقه لتخفيف الضغط والمحافظة على السلطة، إن العصيان المدني معركةٌ وطنيةٌ ندافع فيها عن الوطن ،ومستقبل الأجيال القادمة، والدعوة للمشاركة فيها ليست ملكاً لحزب أو أيديولوجية معينة، فيجب التزام كل السودانيين الشرفاء، بمساره متحدين على حب الوطن، ورفض الظلم، وساعين لرفع الغبن واسترداد الحقوق.
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.