* متى تدرك سلطة المؤتمر الوطني أن مصادرة صحيفة أو منع كاتب من الكتابة لم يعد مجدياً لإخفاء الحقيقة أو نشر الرأي مع الانتشار الواسع للوسائط الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وها هي صحيفة (الجريدة) تضيف صفحة أخرى لنسختها الإلكترونية لنشر مقالاتي ومقالات الزميل العزيز (عثمان شبونة) التي منعت السلطة نشرها بالنسخة الورقية، ولعلم هذه السلطة الجائرة فإن النسخة الإلكترونية بالاضافة الى صفحتنا على (الفيس بوك) التي تنشر ملخصاً يومياً للصحيفة يقرأها مئات الآلاف من الأشخاص داخل وخارج السودان يومياً، ولقد وصل عدد متابعي صفحتنا على الفيس بوك (130 ألف) متصفحاً، وهو أعلى رقم لصحيفة تصدر من الخرطوم، فضلاً عن مئات الآلاف الذين يتناقلون المقالات والأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم، بل كل لحظة، وهي أرقام ضخمة مقارنة بعدد النسخ التي تُطبع وتُوزع من الصحيفة الورقية !! * رغما عن ذلك، فإننا لن نتخلى عن حقنا الدستوري في التعبير عن رأينا عبر النسخة الورقية ومقاومة قرار السلطة الجائر بمنعنا من الكتابة، وإتخاذ كافة الوسائل المشروعة لإستعادة حقنا الشرعي والانتصار لحرية التعبير والرأي مهما كلفنا ذلك من عنت ومشقة، وهي ليست المرة الأولى التي نفعل فيها ذلك، فلقد مُنعتُ من الكتابة خلال الخمس سنوات الماضية سبع مرات، منها خمس مرات بعد انتقالي للعمل بصحيفة (الجريدة) الغراء، كان آخرها في الثامن من يونيو عام 2014 (قبل قرار المنع الأخير في 27 ديسمبر، 2016 ) واستمرت لمدة عام ونصف، ظلت فيها (الجريدة) بكل طاقمها وعامليها، بالاضافة الى شبكة الصحفيين السودانيين ومنظمة صحفيون لحقوق الانسان (جهر) وكل الصحافيين الأحرار والناشطون الحقوقيون يناضلون من أجل إستعادة حقي الشرعي في التعبير عن رأيي، وذلك بكتابة المذكرات والتظاهر السلمي وإقامة الوقفات الاحتجاجية والنشر في مختلف المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ..إلخ، وفي كل مرة كان النضال يتوج بالانتصار وعودتي للكتابة والتعبير عن رأيي بكل حرية رغم التعتيم الشديد وممارسات السلطة التعسفية، وهي مناسبة اتقدم فيها بالشكر الجزيل لكل من بذل جهداً أو أبدى تعاطفاً من أجل ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية !! * ولم يختلف الحال هذه المرة عن المرات السابقة، ففور صدور قرار جهاز الأمن بايقافي وإيقاف الزميل (شبونة) عن الكتابة، والذي جاء هذه المرة بطريقة مختلفة عن الطرق السابقة، إذ لم يفصح الجهاز عن إيقافنا بشكل واضح، بل لجأ الى مصادرة الصحيفة من المطبعة كلما وجد أعمدتنا اليومية منشورة بغض النظر عن الموضوع، ووصل عدد المصادرات الى سبعة، ثم أوعز لرئيس التحرير بأنه لن يتوانى عن مصادرة الصحيفة كلما وجد أعمدتنا منشورة فيها .. وهي طريقة تنم عن خبث شديد، إذ أنه لا يريد تحمُّل مسؤولية المنع، بالإضافة الى إيقاع الصحيفة في حرج مع قرائها بأن يترك لها خيار عدم نشر أعمدتنا أو المصادرة بما يعني توقفها نهائياً عن الصدور، وهنا كان لا بد أن أستشعر والزميل (شبونة) المسؤولية وتحدثنا مع إدارة الصحيفة ممثلة في الأخوين عوض محمد عوض رئيس مجلس الإدارة وأشرف عبدالعزيز رئيس التحرير، وطلبنا منهما حجب أعمدتنا حتى لا يتضرر قارئ الصحيفة، وتواصل هي رسالتها في فضح الظلم والفساد ورفع درجة الوعي والاهتمام بقضايا المواطنين والنضال من أجل استعادة قيم الحرية !! * فور صدور قرار منعنا من الكتابة، هبت (الجريدة) وكل الزملاء الصحفيين في مختلف الصحف، والزملاء في شبكة الصحفيين ومنظمة جهر، والنشطاء وعدد من المواطنين الأحرار لمقاومة القرار، وكانت البداية بمؤتمر صحفي في مقر الصحيفة، تحدث فيه عدد كبير من الحاضرين، وأدانوا القرار، وطالبوا بإلغائه وقرروا إقامة وقفة احتجاجية يوم أمس الخميس (29 ديسمبر 2016 ) أمام المجلس القومي للصحافة وتسليم مذكرة إحتجاج لقيادته، وهو ما حدث بالفعل، وشارك العشرات في الوقفة التي نقلتها بعض أجهزة الإعلام العربية والعالمية، وكانت أفضل عنوان لأيام قادمة من النضال لاستعادة الحرية السليبة والديمقراطية في بلادنا العزيزة .. وحتماً سيتحقق الانتصار، فشكراً للزملاء الأحرار، ولكل من شارك أو إتصل أو أبدى تعاطفاً، وإنها لثورة حتى النصر إن شاء الله .. !! الجريدة