قامت الدنيا وما قعدت اثر تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عقب مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي…لافروف مر مرورا عرضيا على تناقض السياسة الأمريكية، ودلل على ذلك بالنموذج السوداني، ويبدو أنه تعمد ذلك، إذ قال، إن الأمريكان طلبوا من الروس التوسط للضغط على الرئيس عمر البشير أن يجعل خيار انفصال جنوب السودان ممكناً. لافروف، عرج على قضية المحكمة الجنائية دون أن يشير صراحة إلى أن صفقة تمت بين الطرفين، وترك الباب مفتوحاً للتحليل والربط بين الانفصال والجنائية الدولية. اللافت، أن حديث لافروف ليس جديداً، كل المحللين والمهتمين بالسياسة الدولية، لم يخرج انفصال جنوب السودان بالنسبة لهم من دائرة المخططات الدولية. بل أن الرئيس البشير بنفسه أقر بهذا المخطط أمام حزبه في منتصف عام 2014م، وفي مناسبة تخص الحزب، قال البشير فيما معناه، إن الذين سعوا وعملوا لانفصال جنوب السودان، الآن حاقت بهم الندامة، وهاهم يحدثونا سراً عن أمل في عودة الجنوب والشمال دولة واحدة. صحيح، البشير -حينها- لم يشير بالإسم إلى دولة بعينها، لكن قطعاً، لا يقصد الإمارات العربية المتحدة، مثلاً…ثم كان حديث البشير هذا بذرة للدعوات المتتالية هنا وهناك عن عودة الوطن موحداً. لكن، الذي يدعو للتوقف، أن وزير الخارجية في رده على الجدل الذي اثارته تصريحات وزير الخارجية الروسي، أقر بأن انفصال الجنوب كان مؤامرة، والحكومة قبلت بها، ما يُفهم بلا كثير اجتهاد، أن الحكومة بصمت عليها ومررتها كما طلبها الامريكان. يبقى السؤال المنطقي، ما المقابل الذي تلقته الحكومة، هل كان ذلك عملاً لله ورسوله؟ على كل، الجنوب انفصل واختار أهله الاستقلال، بمؤامرة أو بغيرها، وربما، الحكيم من يستفيد من تجاربه ومؤامرات الآخرين ضده، فما الذي جنيناه من هذه التجربة، هل اتعظنا، هل اعتبرنا….واقع الحال يقول، لا. لا تزال السلطة الحاكمة منذ ذلك الوقت، لديها كامل الاستعداد أن تقبل مؤامرة أخرى، واثنين وثلاث…الدرس الذي ينبغي أن يتركه انفصال جنوب السودان، على أقل تقدير، أن تتنحى هذه السلطة، بعد أن تعلن ضعفها أمام المؤامرات، وحفاظا على ما تبقى من وطن، تفسح المجال أمام آخرين، لديهم القدرة على إجهاض المؤامرات وتغليب مصلحة البلاد..لكنها، بقت وباقية ولا تزال تقدم عروضا جاذبة للمتآمرين بتقسيم ما تبقى من البلاد. التيار