وكانت فضيلة شابة قوية الشكيمة ومتحررة الروح، رغم تنشئتها في البيئة المسلمة التقليدية، مما جعلها الند الامثل لرؤية الياس وموقعه، واتسمت علاقتهما بالجذب الشهواني العارم ولكنها تلوثت بسوء التفاهم العائلي المتكرر وبطيشهما معا فكيف لها ان تبقى؟ يتزامن بروز نجم الياس مع وقوع السودان فريسة للفقر والحرب الاهلية والتناحر الثقافي.. هل هذا هو وقت طائر الشؤم الذي يعتقد الكثيرون بأنه نذير الخراب والذي سبق ان تنبأ بليله مصيبة التوأمين في حياة عشيرة الياس. تنتهي الرواية بسلسلة من الاكتشافات المفاجئة والمؤلمة التي تؤكد المحور الجوهري في الكتاب، ذاك ان علائق الدم الناجمة عن تفاعل طويل الامد قد انجبت أمة واحدة يتحتم عليها الخلاص من العداءات الثقافية القائمة على الجهل والتمييز لكي تبعث وتنقذ مستقبل الشعب السوداني.. وهكذا يرمز طائر الشؤم الى النذير قبيل وقوع الكارثة، بينما تعبر قصة الياس وفضيلة عن بصيص الامل للجميع. هكذا كان ملخص رواية طائر الشؤم كما اثبتته الشركة الناشرة في غلاف الرواية، وبالطبع هو تلخيص حوى المحطات الكبيرة في الرواية التي حوت من التفاصيل الدقيقة التي تشير وترمز الى معان كبيرة ومعتقدات قديمة تؤكد لم كانت جذور هذه الامة ضاربة في اعماق حضارة الانسان على ظهر هذه الارض.. علاقته بالطبيعة وظواهرها، علاقته بالسحر وبالاسبار وواقعة الاسد الذي التقى الياس وهو في طريقه الى والده وتعامله معه وسط دهشة سائق العربة تفتح الف كوة للتأمل في علاقة الانسان بالكائنات من حوله. عموماً، اعتقد ان دكتور فرانسيس وفق الى حد بعيد في رسم الابعاد النفسية للشخصيات، لا سيما شخصية الياس الذي كان النموذج الانساني الرامز الى المشكلة في كليتها.. مشكلة الوجود السوداني بكل هذا التداخل والمتغيرات.. هو «بول» الذي شب في اعماق ضياع اخيه ومأساة اخيه المعاق، وهو الياس بعد الذهاب الى المدرسة.. وهو الطالب في حنتوب «وسط الجزيرة»، وهو الضابط المميز، وهو المبعوث الى التأهل في الخارج، وهو السياسي عضو الجمعية التأسيسية، وهو زعيم المعارضة.. وفوق هذا هو الباحث عن أخيه الاصغر، فأمه قالت له «ابني اخوك الاصغر قد ضل طريقا في القفر حتى لو سار الى قرن الشمس ابحث عنه حتى تمسك كفك كفه. الياس ابن زعيم الدينكا الحكيم جعله دكتور فرانسيس محورا حيا لعلاج المشكل السوداني الشائك، ونحس هذه الحيوية عندما نتعرض للنماذج البشرية التي يتألف منها الكيان الاجتماعي لهذه الاسرة منذ ان خرجت الويل مع توأميها خارج الكوخ نسبة لاصابتها «بالاسهال» في تلك الليلة المشؤومة، الى ان اجتمع شملها في ام درمان.. كان لكل نموذج في تلك الاسرة تركيبته النفسية التي تميزه وتوجه سلوكه حيال الاحداث، وقد ترمز هذه الاسرة الى اشياء كثيرة تنقلها في خطوات انيقة ورشيقة بين معتقدات وعادات وتقاليد وطقوس قد تكون هي تقاليد وعادات قبيلة الدينكا، ولكنها ترمي بظلالها على وجود المجتمع السوداني بصورة عامة. عموماً، ما قصدته هو الاشارة لهذه الرواية المحطة في تاريخ الادب السوداني رغم ما بها من بعض القصور الفني، وغاية ما آمله ان يتناولها النقاد. هذا مع تحياتي وشكري