فشلت في الدراسة، وما عندك مؤهل، ولا حتى مهنة!! لايهمك ذلك مادمت منتمياً للحزب الفاسد، ومادمت (كوز مصلح) تعرف من أين تؤكل الكتف. وتؤكل الكتف من ميزانيات في كل ولاية مخصصة لما يسمي بالمنظمات الوطنية، وهم(مقاولي أنفار)المؤتمر الوطني، الذين يستأجرون البصات، وينقلون طلاب مدارس الأساس لاحتفالات الحكومة تحت دعاية أنها رحلة ترفيهية، كما إنهم يكتبون لافتات التأييد باسم التجمعات والإتحادات والنقابات.. ومن الطريف أنهم وفي غمرة العمولات ينسون تسبيك الفبركة، فتجد تلاميذ سنة أولي أساس يحملون لافتة مكتوب عليها (حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً) والتوقيع تجمع الرعاة، أو المزارعين، أو روابط النساء. ومن مهامهم أيضاً نقل المستقبلين من مدينة لمدينة أخرى، فالمسؤول ذو المنصب الدستوري الذي سيزور الفاشر أو بورتسودان أو خلافهما، تسبقه طائرة مشحونة من الخرطوم بالسدنة والسادنات ومعهم لافتاتهم الجاهزة على شاكلة (ولاية كذا تحيي الثورة)، يصطفون خارج المطارات، ليصفقوا عند مرور الموكب الرسمي، لتصورهم الكاميرات، ثم يركبون طيارتهم ويعودون للعاصمة لاستلام حصتهم المالية. وتؤكل الكتف أيضاً من أفكار شيطانية تسمى استثمارية، وما عليك سوى تسجيل مؤسسة هدفها الإهتمام بالموتى والمدافن، وشعارها (موت موتك وخلي الباقي علينا) واعلن التفاصيل في القناة الرسمية، والتي تشمل التشييع بمستوى خمس نجوم، وسرد السيرة الذاتية المضروبة عند المقبرة، وحفرها وتجهيزها، واختيار نوع الطوب أو البلاط سواء أكان رخام ام بورسلين أم سيراميك، والدفع طبعاً مقدماً قبل الموت ولا تقبل الشيكات. وستنهمر عليك الطلبات، فلا يتوقف نشاطك الطفيلي عند هذا الحد، بل ادفع الرشوة واحصل على تصديق باستثمار سور المقابر، وهو يعادل آلاف الأمتار، بما يتيح إنشاء 100 نشاط تجاري، دكاكين ومحلات اتصالات، وبناشر، وفكهنجية، ومطاعم وكافتريات، ومحلات مديدة، واقبض الايجارات، وبالدولارات كمان طالما كان موقع المقابر مميزاً. ولا تنسى أن تتبرع للنفرات الحكومية في كل حين، والبس الرسمي واحمل الكلاش وقل أنا جاهز لتحرير حلايب وشلاتين، ثم امتطي الطيارة إلى سنغافورة وبكين.. وقدم طلبك بعد ذلك لإغلاق المقابر القديمة، وحظر الدفن فيها، وتخطيط مقابر جديدة في الصحراء، ولا تنسى دفع المعلوم، ثم اتفق مع مدير البنك على التمويل مقابل رشوة تعادل قطعة أرض ناصية في المقابر التي ستصبح مخططات سكنية، ومجمعات تجارية. لا تنشغل بعد ذلك برد أموال البنك، فأنت من المحظوظين الذين تشطب ديونهم في نهاية المطاف لأنك صاحب نفوذ وصولجان، وفكر في دخول البرلمان، وربما صرت وزيراً يشار إليه بالبنان، أو سفيراً فوق العادة في كردستان. ولا تنسى توسيع علاقاتك مع الخليجيين القادمين لإدارة مينائنا البحري، والسعوديين الذين حصلوا على مليون فدان بالمجان، والصينيين الذين شطفوا البترول ثم هبروا على مشروع الجزيرة، واستورد التقاوى الفاسدة، وبيعها للمزارعين وسرك في بير. أحسب عزيزي القارئ حجم المكاسب التي يحصل عليها الطفيليون، وحجم الخسائر التي تحيق بالاقتصاد، والمخاطر التي تتهدد بلادنا جراء استمرار هذا النظام الفاسد، كن مع المناضلين، ولا تسمع كلام المخذلين، حتى إسقاط الحرامية تجار الدين. [email protected]