كمثل طيف حلم جميل على صفحة غفوة وادعة فى نهارات السودان الأليفة تغادر فاطمة جسدها المنهك النحيل، لتحل روحها الملهمة حلولا سرمديا فى أفئدة النساء مودعة فيها بذرة جيناتها الطافرة عن بؤس هذا الحاضر، علها تتناسل فى أجيال السودان الذى فى الحلم. ففى زمن المسخرة تتوالى نكبات رحيل الأنقياء الذين لم يكن ليرد فى تصوراتهم أبدا أن يؤول الحال إلى مثل هذا الغثاء، فلا تحتمل نفوسهم الرقيقة فيهربون من أجسادهم لتنطلق أرواحهم و تحلق حولنا هكذا فى الفضاء. فالتهنئي بخلودك الباذخ يا ياقوتة تتلألأ فى سماء التأريخ.وربما و فى هذا المقام ليجدر بمن احبوك أن يتخذوا من نكبة غيابك هذي سانحة للتفكر و التدبر فيما يليهم من أعباء الرسالة المقدسة التى كنت تتكفلين بحملها على جسدك النحيل. و إذا كان الإسلام يختصر تعريف الدين فى كلمة واحدة هى (المعاملة) فها هم كل الناس، و بهذه السلاسة و الإجماع يشهدون لك بجدارتك فى ذلك. إذن فإن كان هناك بالضرورة ثمة دين يراد له أن يحكم أهل السودان فدون أدني شك هو (دين فاطمة). فالتتمثلن يا نساء السودان روح فاطمة الطاهرة النقية. و لترقدي يا نفس فاطمة مطمئنة و راضية و مرضية.