الجوع كافر مبارك الكوده التحية والتجلة لكل المعتقلين في سجون النظام والذين أُعتُقِلوا فقط لأنهم عبّروا بهتافاتٍ حضاريةٍ أعلنوا فيها سِلمِية التظاهُرة وهتفوا بقوة الكلمة لا بقوة السلاح (لا للجوع) ولولا أن بلغت بهم الحاجة هذا المبلغ لما كان هذا هتافهم ، فنحن شعب أبي عُرِفنَا بعزة النفس ، وتربينا منذ نعومة أظافرنا الّا نتحدث عن الطعام شبعاً كان أو جوعاً ، ولولا أن وصل بنا الحال اللحم الحي كما يقال ، ما كان هذا الهتاف لَيَخْرُج من أفواهنا ، ولكن الجوع كافر ولو كان رجلاً لقتله علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، ولقد مَنّ الله علينا وعلي عباده حين قال (فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) والتحية لكل من خرج وهتف بكلمة الحق في وجه السلطان الذي جار وظلم وطغي وتجبر واختزل مقومات حياة هذا الشعب الطيب في شعار (لا للجوع) ولو لا تخبط القائمين علي أمرنا ما كان ينبغي أن يكون هذا شعار لنا ونحن نري تطلعات الشعوب الأخري والتي كانت من دوننا قد بلغت شأواً عظيماً ، وتجاوزت هذه الدنيئة من المطالَب. وللأسف الشديد قابل النظام هذا السلوك الحضاري الراقي وهذا الهتاف بصورة متعجرفة جداً ، جسدت عندي تماماً مقال الراحل المقيم الأديب الطيب صالح عندما كتب من أين أتي هؤلاء وأجد نفسي أسال ذات السوأل من أين أتي هؤلاء الذين يأمرون جنودهم بالخطيئة (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) وقد رأيتهم وهم عصبة من أُولِى القوة يضربون صبياً أعزلاً بِعِصيّهم بلا رحمة وبلا شفقة فقط لأنه هتف لا للجوع ، فهل هؤلاء منّا نحن السودانيين !!! كما أنهم لا يحسنون التصرف حتي مع من هو أسيرهم فقد حرموا أهله لا من زيارته بل حتي من معرفة المكان الذي هو معتقل فيه ، ومنهم كبير السن والمريض وصاحب الحاجة 0 لقد أعْتُقِلت في نظام مايو مرتين وكانت المعاملة فيهما من رجال الأمن والشرطة عندئذٍ تؤكد أن ( هؤلاء الأمس) قد أتوا من رحم هذا الشعب الكريم المتسامح بأخلاقه وقِيَمِه وأعرافه فهم منّا ونحن منهم أمّا (هؤلاء اليوم) فلا أدري من أي رحمٍ أتوا ولا وصف لهم عندي الّا قوله سبحانه وتعالي (يخربون بيوتهم بأيديهم) ولا أعتقد أن النظام يستفيد من هذه الأيدي الغريبة عن أعرافنا وعن هذا الخراب وبهذا السلوك الطفولي الساذج فإنه زبدٌ سيذهب جفاء من حيث أتي ويمكث في الأرض ما ينفع الناس بإذنه تعالي 0 اللهم إنَّا نسألك توبةً نصوحاً تمحو بها ذنوبنا وتستر بها عيوبنا آمييييين 0 مبارك الكوده أمدرمان الثورة الحارة (20) 17/ يناير / 2017. (منقول).