لم يمر على إعتقال ثلاثي النزاهة و صناعة النجاح الشباب المهندسين غاندي معتصم و حمد بحيري و احمد ابوبكر غير أسبوع واحد حتى أقدم رأس الفساد و المفسدين في الخرطوم الرئيس البشير على خطوة إنتحارية آخرى وهي إقالة وزير الخارجية – الرجل المتزن في قوله و فعله و أيضا في لبسه. و بالطبع في تفكيره. منذ ورود خبر الإقالة مساء أمس ضجت الأسافر بالإحتجاج على الخطوة المتوقعة من قبل الكثيرين. لم يكن هؤلاء من أنصار النظام لكنهم إلتمسوا في إبراهيم غندور بعضا من كرامتهم المهدرة في موائد أمراء الخليج و أعتاب قصر فرعون مصر. كثيرون الذين أخذوا على الطبيب البروفيسور تولي منصب رئيس نقابات عمال السودان و أنا واحد منهم. ببساطة ليس من المعقول ان يتولى أمر العمال الكادحين في بلاد الظلم و القهر بروفيسور و عضو قيادي في النظام الذي يبطش بهم. لكن عمل غندور جاهدا لتحقيق البعض من حقوق العاملين بدوافع أخلاقية شخصية بحتة و لم تكن بدوافع تنظيمية – لأن التنظيم في الأصل جاء من أجل تدمير العمال و إضعافهم و تشريدهم و قد نفذ ذلك بقانون (الصالح العام المشئوم). لذا كان البروفيسور غندور بمثابة الوسيط بين العمال و النظام و عانى كثيرا في التوفيق بين متطلبات النظام و الحقوق المشروعة للعاملين. منذ ان تسلم آخر الرجال المحترمين في نظام الخرطوم حقيبة الخارجية حدثت إختراقات كبيرة في الملفات الخارجية رغم أنه كان يعمل ضد تيارات مناوئة داخليا و ليست خارجيا. في عهده و رغم قصره تحسنت العلاقات مع الغرب و خاصة الولاياتالمتحدة والنرويج و بريطانيا . في عهده فقط عرف المصريون أنه بإمكان السودان ان يقول (لا) وهي مفردة لا يسمعها المصريون من قبل السودانيين منذ عقود . و كذا عرفت الدول المنتجة لخام البترول في المنطقة العربية ان للحكومة السودانية بعض الكرامة ( ولم أقل الانسان السوداني – لأنهم يدركون جيدا كرامة الفرد السوداني و اعتزازه ). منذ إستغلال النفط في السودان لم يخف الصينيون من سوداني قط مثلما أخافهم المهندس الشاب غاندي معتصم مصطفى المدير الأسبق لشركة أساور الحكومية و المدير الأسبق ايضا للكثير من المربعات النفطية والذي يقبع في معتقلات النظام منذ أكثر من أسبوع بغرض التنكيل و التخويف و الابتزاز لإغلاق قضايا فساد عوض الجاز و المقربين الفاسدين حول الرئيس عمر البشير. غاندي معتصم هو من أوقف بيع الخام السوداني للصينيين بنصف قيمته العالمية لعدة السنوات و ذلك لمصالح شخصية تعود الي عوض الجاز. لذا كرهه الصينيون كره الموت. منذ ذلك لم يأت الي الدولة السودانية من يكمل ما بدأه غاندي الا بعد تسلم غندور حقيبة الخارجية. فوضع الصينيين في موضعهم الطبيعي. لكن الفاسدين لا ينامون فأقنعوا رأس النظام ببدعة وظيفة هلامية إسمها مساعد رئيس الجمهورية لشؤون الصين – بها دخل المجرم عوض الجاز ليغطي على ملفاته القديمة و يواصل في بيع مقدرات الوطن للصينيين حتى منح شهادة تقديرية لم يسبق لها مثيل من قبل الدولة الصينية نظير خدماته التي دمرت الاقتصاد الوطني. لزم غندور الصمت لأن اللعبة أقذر مما توقعها. و تكرر الامر مع العربية السعودية و البهلواني طه عثمان الحسين. أقول للذين أصابتهم الدهشة لإقالة غندور في هذا التوقيت ليس هنالك ما يدعو للإستغراب لأن صناع النجاح و اصحاب النزاهة هم ألد أعداء الأنظمة الفاسدة. و لو أنهم من أبناء النظام نفسه. في إقالة الناجحين و إعتقال النزيهين مؤشر على نهاية نظام الإجرام لكن من يقنع رأس النظام. [email protected]