قال البروفسير عمر القراي وهو يتوجه لمحاكمته في قضية جهاز الأمن ضده يوم الأحد 29 مايو ان إجراءات المحكمة صاحبها غموض ، مما جعل الناس يتشككون حولها . وأضاف بان المواد التي سيحاكم على أساسها غير معروفة والجهة الشاكية منوط بها حماية النظام الحاكم لنفسه وهي جهة طويلة اليد وسلطاتها متشعبة وذات قوة وأعضاؤها وضباطها والمسئولون بها يتمتعون بحصانات تجعلهم (يشتكونا دون ان نستطيع شكوتهم) . وقال بأنه رغم عدم الشفافية في الإجراءات فانه لا يطلب سوى إعطائه فرصة التعبير عن وجهة نظره قبل ان تحكم المحكمة عليه . وأضاف في حواره مع الناشطة سارة محمد الحسن ( أعتقد لو كانت الأحداث التي حصلت حوالينا كلها لم توجه لهؤلاء الناس رسالة فلا أظن رسالتي تفيد. الرسالة التي وجهتها الأحداث في كل الدول من حولنا أنك إذا مشيت في اتجاه ظلم الناس وانتهاك حقوقهم ، مهما كانت مقدرتك على البطش وعلى القتل وعلى العنف وغيره فإنك في النهاية تتحول من شخص لديه سلطة لشخص مسكين يسترحم، هذا حصل في دول حولنا وسوف يحصل في دول أخرى، وينبغي أن يكون فيها كلها عبرة كافية.. والذي لا يعتبر بالأحداث لا يعتبر بالكلام والذي لا يتعلم من غيره سيتعلم مما سوف يحدث له نفسه وهو أسوأ أنواع التعلم). (نص الحوار أدناه) : (أجرت الحوار سارة محمد الحسن) - نسألك أولا عن المقال سبب المحاكمة السياسية؟ بسم الله الرحمن الرحيم المقال عنوانه الاغتصاب في الشريعة، وقد كتب على خلفية مقطع الفيديو الذي كان وضع وظهرت فيه الابنة صفية إسحق وكانت تتكلم عن أن مجموعة من الناس اختطفوها من شارع الحرية وساقوها لمباني الأمن بقرب من موقف شندي ببحري وضربوها وعذبوها واغتصبوها جميعا. المقال يدين هذا العمل ويشجبه ويدين الجهات التي قامت به والمقال بعد عشرة أيام تحديدا من الحدث ولم يصدر أي نفي لهذه الحادثة من جهاز الأمن ولذلك المقال اعتمد على أن جهازالأمن لم ينف الحدث وصفية أثبتته، فلذلك المقال صدق الكلام الذي قالته صفيه وبنى عليه نقدا لقانون الأمن ولجهاز الأمن وللممارسات السيئة والقوانين المقيدة للحريات التي ما زالت موجودة في البلد رغم تعارضها مع الدستور. والمقال يفضح هذه المسألة من الناحية الدينية والأخلاقية: أنك لا يمكن أن تتكلم عن تطبيق الشريعة الإسلامية، وأنك عملت قانون النظام العام لتحافظ على أخلاق الشعب السوداني، ثم أن بعض المسئولين في أجهزة الدولة الرسمية يمارسون جريمة في بشاعة الاغتصاب, والمهم أن يتم تحقيق لهذا العمل ومحاكمة لمن قاموا به وإلا لن تكون الدولة جادة في موضوع الإصلاح ولن يكون موقفها مقبولا لا دينيا ولا أخلاقيا ولا سياسيا ولا من منظور حقوق إنسان بمنظور عالمي. هل كنت تتوقع ردة الفعل هذه من النظام؟ لم أكن أتوقع شيئا محددا ولم استبعد أي شي ، كل ما كان يهمني في كل ما اكتب أن أتحرى الحقائق وأنأى بكتابتي عن الابتذال والاساءة للناس وأشخاصهم، فليس لي كتابة فيها اساءة لشخص من الناس أو مبتذلة أو من غير تحري الحقيقة، ولا تهمني كثيرا ردة الفعل من النظام. كيف استقبلت الموضوع؟ استقبلته بشكل عادي وكما قلت لوكيل نيابة الصحافة أنني أعتقد أن أية محاولة لمحاكمة كاتب من أجل مقال لأنه انتقد مؤسسة من مؤسسات الدولة هي محاولة خاطئة ومتعارضة مع الديمقراطية ومع الدستور لأن الصحافة دورها هي أن تنتقد مؤسسات الدولة مما يطور أداءها نحو الأفضل وهذا هو الاتجاه المطلوب والصحيح. هل لذلك علاقة بمحاولة فرض الدستور الإسلامي كما يدعون؟ محاولة المحاكمة، ومحاكمات أخرى لكتاب آخرين من كتاب الرأي ممكن تكون مقدمة لمحاولة إخضاع الناس أو لإسكات الأصوات المتوقع أن تعترض على فرض الدستور الإسلامي ونحن نعتبره دستورا إسلاميا مزيفا لأنا لا نعتقد أنه ممكن أن يكون الدستور إسلاميا لأسباب كثيرة منها أنه في الإسلام لو كنت تريد عمل دستور إسلامي يجب أن تكون قدوة في المستوى الإسلامي، ولا يمكن تأتي بمدير للأسواق الحرة مرتبه 18 الف جنيه في الشهر والناس تموت بالجوع والفقر ثم تتكلم عن الدستور الإسلامي الذي يتطلب قدوة غائبة، ويتطلب قاعدة من العدالة الاجتماعية وأن يرفع الفقر من الناس ويرفع التفاوت بينهم حتى يطبق الإسلام وهذا غير موجود، وهو يتطلب أن يكون هناك إيمان بالمفاهيم الإسلامية فالعقوبات الإسلامية شديدة ولكنها لا تتم إلا بتحر دقيق إذا الناس غير مقتنعين بها سيتحايلون عليها وتكون قد علمت الشعب النفاق، وأهم من هذا كله أن الدستور الإسلامي يجب أن يكون من مستوى في القرآن أرفع من الشريعة لأن الشريعة الإسلامية بالرغم من أنها كانت حكيمة كل الحكمة في وقتها الذي طبقت فيه لكنها لا تعمل دستورا، بمجرد أن تتكلم عن الدستور وعن الشريعة يكون هناك خلل لأن الشريعة ليس فيها دستور، أصل الدستور هو القانون الأساسي، وسموه قانون أساسي لأنه يحفظ الحق الأساسي وهو حق الحياة وحق الحرية، إذا كان عندك أي قانون لا يوفر حق الحياة وحق الحرية فلا يمكن أن يكون قانون “دستور”، الشريعة لا توفر حق الحياة وحق الحرية إلا للمسلمين لأنها تفرض السيف على المشركين وتفرض السيف على أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. فالشريعة ليس فيها حق الحياة والحرية لغير المسلمين، وليس فيها مساواة بين المرأة والرجل، ولا فيها مساواة بين الحاكم والمحكوم لأن الحاكم وصي على المحكوم في الشريعة الإسلامية، وخليفة المسلمين بيده كل السلطات، وهو فرد. هذه النظم كلها مقبولة في الماضي وحكيمة في وقتها ولكنها اليوم لا تناسب لأنها تتعارض مع الديمقراطية وتتعارض مع الدستور. ونحن دائما نقول إن الدستور يجب أن يكون ديمقراطيا فإن لم يكن لديك حكم ديمقراطي لا يكون عندك دستور مهما سميته دستورا، وإذا أراد المسلمون أن يضعوا دستورا من الإسلام لا بد من تطوير الشريعة والانتقال منها لصورة أخرى وهذا كلام ظللنا نقوله ، على أي حال إذا لم يفهمه الناس ولا اتفقوا معنا حوله ، فإنهم يفهمون ويتفقون معنا في أنه لا يمكنك أن تعيش في ثراء فاحش والناس في فقر فاحش وتتكلم عن تطبيق الدستور الإسلامي. بالنسبة لنتيجة المحاكمة كل شخص يراها بنظرته الخاصة، بالنسبة لك ما هي نظرتك لها ولنتيجتها تحديدا؟ لا أعرف ماذا ستكون نتيجتها ولكني أرى أنه صاحب إجراءاتها غموض يجعل الناس يتشككون حولها، لأن البلاغ فتح في نيابة الصحافة وقابلنا وكيل نيابة الصحافة، وقال إنه سيتصل بنا بعد أسبوع أو نحوه إذا أراد أن يحولها للمحكمة لكي نستأنف من داخل نيابة الصحافة وإذا شطبها سينتهي الأمر، هذا العمل لم يتم فهو لم يخطرنا ولم يعطنا فرصة للاستئناف وحولوها مباشرة للمحكمة وأخطرونا فقط بموعد المحكمة حتى المواد التي حولت بها للمحكمة من نيابة الصحافة لم يخطرونا بها، فنحن مقبلون على قضية غامضة مجهولة، المواد التي سنحاكم بها غير معروفة، والجهة التي اشتكتنا جهة حكومية بل هي الجهة المنوط بها حماية النظام الحاكم نفسه وهي جهاز الأمن وهي جهة طويلة اليد وسلطاتها متشعبة وذات قوة لأنها حامية النظام نفسه ومع ذلك أعضاؤها وضباطها والمسئولون في جهاز الأمن كلهم عندهم حصانة، ونحن لا نستطيع أن نشتكيهم كما يشتكونا، كل هذه الظروف والملابسات تجعلنا نقول إن المحكمة إلى الآن في إجراءاتها لم تكن فيها الشفافية الكافية التي تؤدي للعدالة، ومع هذا كله لا نريد أن نحكم عليها بما حصل، وبعد هذا كله لو كان القاضي نزيها وأعطانا فرصة، فكل ما نطلب من المحكمة إعطاءنا فرصة لنعبر فيها عن وجهة نظرنا قبل أن تحكم المحكمة علينا. هل لك أية رسالة توجهها للمسئولين في السلطة داخل مؤسسة أمن الدولة أو أية جهة قضائية؟ أعتقد لو كانت الأحداث التي حصلت حوالينا كلها لم توجه لهؤلاء الناس رسالة فلا أظن رسالتي تفيد. الرسالة التي وجهتها الأحداث في كل الدول من حولنا أنك إذا مشيت في اتجاه ظلم الناس وانتهاك حقوقهم ، مهما كانت مقدرتك على البطش وعلى القتل وعلى العنف وغيره فإنك في النهاية تتحول من شخص لديه سلطة لشخص مسكين يسترحم، هذا حصل في دول حولنا وسوف يحصل في دول أخرى، وينبغي أن يكون فيها كلها عبرة كافية.. والذي لا يعتبر بالأحداث لا يعتبر بالكلام والذي لا يتعلم من غيره سيتعلم مما سوف يحدث له نفسه وهو أسوأ أنواع التعلم. من كلامك حول الضبابية وانعدام الشفافية هل لا تعلم التهمة التي ستحاكم بها؟ لا أعرف التهمة، لأنني حينما قابلت وكيل النيابة بل في الحقيقة عسكري التحري كان يحمل المقال فيه فقرات “معلّمة” باللون الأحمر وقال إن (منسوبو) جهاز الأمن يشتكون من إساءة لسمعتهم، ووكيل النيابة أيضا تكلم عن أنه قد تكون هذه القصة غير صحيحة وبسببها تكون أسأت سمعة جهاز الأمن بغير حق. لكن وكيل النيابة الأعلى حول هذه القضية للمحكمة بمواد معينة ولم يخبرني بها وحتى المحامي الذي ذهب لمقابلته لم يخبره بالمواد، وهذا ما اعتبره نوعا من الغموض فلا يمكن تحيل شخصا للمحكمة كمتهم وتستدعيه في اليوم الفلاني ليحاكم بدون أن تخبره بالمواد التي سيحاكم بها .