لا نريد أن نستبق الأحداث، فهي في الواقع تسبقنا ولا ننتظر سماع رأينا إلا أننا نرى أنه لا مفر من تحقيق تسوية سياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب ليس فقط في شأن أبيي وإنما في كل المسائل العالقة لسد الطريق أمام النزاعات والتوترات التي تضر دولتي وشعب السودان في الشمال والجنوب. *بعيداً عن الاتهامات المتبادلة لابد من الاعتراف بوجود أخطاء حدثت من الجانبين بالفعل وبردود الفعل خاصة في منطقة أبيي ولكن علينا أن نتذكر دائماً أنهما استطاعا من قبل إيقاف نزيف الحرب عبر إتفاق نيفاشا 2005م، وأنهما يمكن أن يتفقا على ما يعزز السلام ويستكمله وعدم الرجوع إلى مرحلة ما قبل نيفاشا خاصة في ظل هذه الأوضاع الإدارية والاقتصادية الأصعب التي تنتظر دولتي السودان بعد التاسع من يوليو المقبل. *إن محاولة تغيير التركيبة الإدارية والسكانية لمنطقة أبيي بالقوة ستعقد الموقف أكثر فهناك وجود تاريخي لقبائل المسيرية والدينكا وليس من مصلحتهما ربط مستقبل المنطقة ولا مستقبلهما الإداري والسكاني بالصراع القائم بين حكومة المؤتمر الوطني وحكومة الحركة الشعبية. *مع ذلك نحن نرحب باللقاء الذي كان من المقرر عقده بين الحكومة الاتحادية بقيادة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه وحكومة الجنوب بقيادة نائب الرئيس الدكتور رياك مشار من أجل الاتفاق على تسوية سياسية بينهما تكون خطوة نحو الاتفاق القومي الذي لن نمل الدعوة إليه سواء نجح مؤتمر الدوحة أم لم ينجح. *وبهذه المناسبة فإننا نثمن مشاركة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي د. حسن الترابي والسكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني محمد إبراهيم نقد في مؤتمر الدوحة وإن لم تكتمل فرحتنا بغياب حزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي، ونبارك دعوة فريق الوساطة المشترك بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة مني أركوي وأبو القاسم إمام للانضمام إلى مفاوضات الدوحة، وإن كنا نرى أنه لابد من خطاب دارفوري موحد يتضمن الأجندة الدارفورية التفاوضية مع الحكومة. *للأسف عادت بنا عجلة السياسة إلى الوراء ونخشى أن تعود البلاد إلى أجواء ما قبل نيفاشا وتندلع الحرب اللعينة من جديد في ظروف أكثر تعقيداً اقتصادياً وسياسياً وأمنياً؛ لذلك لابد من إنجاز التسوية السياسية مهما كان الثمن فقد خسرت البلاد الكثير ولابد من الحفاظ على السودان الباقي.