تذكرت ابننا أمانويل تعبان الذي كان يعمل معنا في (السوداني) قبل أن يرحل إلى أهله في دولة جنوب السودان وسؤاله الفلسفي الذي فاجأني به ذات يوم وهو يقول لي “لماذا تكتب دائماً كلام الناس؟ ومتى تكتب كلامك أنت.؟”. *الصحفيون عامة عدا قلة معدودة منهم لا يشتغلون بقضاياهم الخاصة وإنما يغرقون في قضايا وهموم الناس لذلك فهم أكثر القطاعات المهنية حاجة إلى التقدير والتشجيع بل والرعاية المستحقة من الدولة والمجتمع. نقول هذا بمناسبة احتفال الزميلة “الجريدة” بإيقاد شمعتها الثانية الذي للأسف لم أتمكن من حضور فعالياته التي تضمنت تكريماً مقدراً لبعض رواد العمل الصحفي في مختلف مجالات الإبداع التحريري. شملني هذا التقدير والامتنان من أسرة تحرير الجريدة التي يرأس مجلس إدارتها المهندس عوض محمد عوض الذي عشق الصحافة وهو بالخارج وأصر على إصدار “الجريدة” وجعلها صحيفة للشباب، ويرأس تحريرها صديقنا الشاعر المرهف الأستاذ سعد الدين إبراهيم، وخصتني أسرة تحريرها بكلمات طيبات اسأل الله أن يوفقني في أن أكون على قدرها في هذه الظروف الصحفية الأصعب. التكريم شمل كما ذكرت بعض رموز الصحافة وهم أستاذ الأجيال محجوب محمد صالح والخبير الإعلامي البروفيسور علي شمو، ومن رائدات الصحافة النسوية الأستاذة فاطمة أحمد ابراهيم والأستاذة آمال عباس، وامتد التكريم للأساتذة فضل الله محمد وكمال حسن بخيت وإبراهيم عبد القيوم وسيد علي كرار والسر أحمد قدور وعيسى الحلو.. لسنا على رأي صديقنا الراحل حسن ساتي الذي انتقد تكريم الأوشحة والأوسمة والشهادات التقديرية ووصفها بأنها دلاقين وكراتين، لأننا نعتبر أن محبة الناس من محبة الله، التي لا تقدر بثمن مهما كانت حاجة الناس للمال. هذه مبادرة طيبة من مؤسسة صحفية ناشئة استطاعت أن تشق طريقها وسط ظروف صحفية صعبة ومعقدة، حرصت فيها على تقديم تجربة صحفية جديدة وعملت في نفس الوقت على تعزيز قيم التواصل بين الأجيال من خلال هذا التقدير والعرفان لبعض رموز الصحافة السودانية. إننا إذ نحيي هذه المبادرة الإيجابية تجاه بعض الرموز الصحفية نقدر أن هذا التكريم رمزي ولا يشمل كل الرموز التي تستحق التكريم ولكنها بداية طيبة تشكر عليها أسرة الجريدة، لأنها فتحت الباب أمام أسلوب يستحق أن تتنافس عليه المؤسسات الصحفية، ليس فقط من أجل تعزيز التواصل بين الأجيال الصحفية وإنما من أجل دفع مسيرة العمل الصحفي في هذه الظروف الأصعب التي تحتاج بالفعل لمزيد من التضامن الأخلاقي والمهني.