اللطائف والطرائف المروية عن المواقف المشاترة للعُوُر “كرماء العيون” كثيرة، منها أن أحدهم دخل المطعم وطلب فولاً ولكنه أكل باسطة جاره، ومنها أن أحدهم اشترى ديكاً وديكاً أي سميناً وكان أعور أيضاً وعندما همّ بذبحه أعمل السكين في يده بدلاً عن عنق الديك، فتطاير الدم ورش ريش الديك وعندها رأي الديك الدم على جسمه فبدأ يفرفر وعندما رآه صاحبه يفرفر بدأ في نتف الريش، ومنها ما فعله المسنوح بصديقه الأحوص بائع الطعمية عندما حقد عليه بسبب سوء تفاهم وقع بينهما، وعندما كان الأحوص “يدردم” عجينة الطعمية ثم يلقي بها خارج ا?صاج في الواطة كان صاحبه الحقود يقول “تششش” ليوهمه بأنه وضعها في المكان الصحيح، وهكذا على هذا المنوال تمضي الحكايات المنسوجة عن “كرماء العيون” حين يفعلون الشيء الصحيح في المكان الخطأ.. ولكننا على أية حال لن نكون حقودين فنقول لوزارة العدل “تششش” على بيانها مدفوع القيمة الذي نشرته أمس ببعض صحف الخرطوم وليس صحف لاهاي وواشنطون وباريس ولندن، تكيل فيه الهجوم على المحكمة الجنائية الدولية لاصدارها مذكرة طلب توقيف بحق وزير الدفاع السوداني الفريق عبد الرحيم محمد حسين، لن نقول لوزارة العدل “تششش”، لأنها اذا كانت هي عوراء ببيانها ذاك، فإننا نربأ بأنفسنا أن نكون “مسانيح”، وانما سنقول لها إن بيانك المذكور قد اخطأ المكان الصحيح، فمدافعة أوكامبو والمحكمة الجنائية لا تتم هنا في الخرطوم وفي صحف الخرطوم وم?ابرها عبر الخطاب الداخلي وإنما تتم في جهات ومؤسسات وبلدان خارجية لا علاقة للشعب السوداني بها إلا بمقدار ما لحكومته الرسمية من علاقة بها، ولهذا كان الأحرى بوزارة العدل والأجدى لها أن تصوّب أي جهد لها لمكافحة قرارات وطلبات المحكمة الجنائية حيث يجب أن يكون التصويب، أن تتوجه بحججها وبياناتها ودفوعاتها الى المحكمة الجنائية والمؤسسات الدولية والدول الكبرى المعنية ذات الأثر والتأثير، أو أن تتحدى هذه القرارات وتعتبرها كأنها لم تكن فتلخص موقفها في عبارة واحدة “على اوكامبو أن يبل قراره ويشرب مويته” وفقاً للسياسة الم?تهجة في التعامل مع المحكمة، أما أن تخرج على الداخل ومن على صفحات الصحف المحلية تحدث أهل الخرطوم وكاب الجداد وكبكابية ودرديب وفتّابرنو وحشّو فرّوا عن عمالة أوكامبو وتخرصاته وتحرشات محكمته ثم تطرح عليهم حيثياتها ودفوعاتها القوية فذلك لا معنى له إلا إذا كانت وزارة العدل تريد أن تحشد الشعب السوداني وتستنفره لتخوض به البحار فتهجم على مقر المحكمة بلاهاي هجمة رجل واحد، فتدكها دكاً ولا تبقي لها حتى أثراً بعد عين، أو أنها تعتقد أن الشعب السوداني غير مقتنع بعدالة قضية مطلوبيه في المحكمة وتريد أن تقنعه ببياناتها هذه،?ولكن حتى الأخيرة هذه ليست من أعمال واختصاصات وزارة العدل وانما هي عمل سياسي يتطلب إعمالاً للحكمة لتجميع الصفوف وإشراك الجميع في حكم الوطن وإدارة شؤونه ليتقاسم الكل خيره وشره..