شخصى الضعيف ينتمى الى قبيلة عربية من قبائل التماس العربى الجنوبى فى منطقة جودة – القيقر – الرنك . ولدت فى هذه المنطقة ونشأت فيها ونلت فيها جزءا من تعليمى العام . وما زالت اوراقى الثبوتية تقول اننى من ابناء مدينة القيقر ، مركز الرنك، مديرية شمال اعالى النيل ( بالاوصاف القديمة وكل قديم جميل ). بهذه الخلفية كنت مع غيرى من ابناء مناطق التماس ،كنا اشقى الناس بواقعة الانفصال المشئوم لمعرفتنا اكثر من غيرنا بالمآسى الاجتماعية والاانسانية والاقتصادية والامنية التى سيسببها الانفصال غير المحسوب . من هذا المنطلق ركزنا جهودنا من وراء الستار على تخفيف آثار محن الانفصال الضارة . ودفعنا – من وراء الستار ايضا – باتجاه توأمة الاوضا ع كلها بين الشعبين الشقيقين وبين الدولتين الجارتين الشقيقتين .دعونا الى ازدواجية الجنسية ، والى فتح الحدود المشتركة ، والى انسياب التجارة بين البلدين ، وفوق هذا كله ، دعونا الى تأسيس مبادئ الحريات الاربعة بين الشعبين : حرية التملك و التنقل والاقامة والعمل . واذكر اننى كنت معلقا على سماعة تلفونى فى معظم الاوقات لحظة وقوع الانفصال المشئوم احرض اخوانى واهلى وعشيرتى على التزام الصبر وعدم الاستجابة للاستفزاز والتعامل بردود الفعل عندما طوق الجيوش الجنوبى مدينة جودة واعلن انها مدينة جنوبية رغم وجود وشموخ بيرق الحدود الذى وضعه الانجليز فى عام 1905 شموخه الى عنان اسماء حتى اليوم جنوب مدينة جودة وبعد مقابرها التى يتوسد والداى واشقائى الاربعة وعدد كبير من ارحامى ثراها الطيب . كنا نقول لاهلنا ان العلاقات الازلية بيننا وبين دينكا شمال اعالى النيل اسمى من أى مكاسب عارضة ويجب الحفاظ عليها بأى ثمن حتى يقيض الله للبلد مخرجا من هذه الكرب الوقتية . والحمد لله مرت اللحظات العصيبة عند اعلان الانفصال وضم مدينة جودة الى الجنوب - مرت بسلام ولجأ اهلنا الى مسار التحكيم الدولى ومازالوا ينتظرون ولم يلجأوا الى سلاحهم . اسعد اللحظات بالنسبة لاهلنا من عرب ودينكا فى مناطق التماس جاءت يوم اعلن ان اتفاقا بالحريات الاربعة اصبح وشيكا . تذكرون كيف توافدت المجاميع الشعبية فى طرفى البلد نحو بعضها البعض ولم تنتظر حتى اقرار الاتفاق الوشيك . ولكن ، ويالهف نفسى وشقاءها من لكن هذه ، فقد نصح احد مجانين جوبا حكومته نصيحة مهببة ( بلغة اخوتنا ا بناءا النيل ) بأن تحتل آبار النفط فى هجليج . كنوع من اللعب على حافة الهاوية وهو مبدأ سياسى معروف لتسليك المجارى السياسية باخافة الجميع بدفعهم فى الهاوية دون السماح بهذا ، حتى يعيد الجميع حساباتهم . هجليج سودانية واكد على سودانيتها حتى التحكيم الدولى . من هنا يجب القول ان الحسبة التى اجرتها حكومة الجنوب كانت حسبة خاطئة مليون المية . اولا وضعت اصدقاءها فى الشمال فى موقف حرج . فالشماليون الذين يجاهرون بمساندة الجنوب فى كثير من المواقف ليسوا عملاء للجنوب ولكنهم اهل انصاف وتجرد . انهم معارضون لحكومة زمنية قائمة اليوم وقد لا تكون قائمة غدا . وليسوا معارضيبن لوطنهم وشعبهم شماتة فى حكومة الانقاذ . ومكايدة لها رغم سوءات الانقاذ التى لا تحصى ضدهم وضد غيرهم . ففى النهاية لا يصح الا الصحيح . والصحيح هنا هو ان هجليج منطقة شمالية واحتلالها هو احتلال لارض سودانية من دولة اجنبية . دلونى على من يقبل لأى سبب من الاسباب باحتلال جزء من اراضيه من قبل دولة اجنبية . لا احد يقبل بهذا . لقد رفضنا احتلال حلايب والفشقة ومازلنا . وبديهى ان نرفض احتلال هجليج كانت ارضا جردا وصحراء بلقعا امة كنزا يتسربل منه الذهب الاسود . اما اكثر الذين دمر مجنون جوبا الذى نصح باحتلال هجليج مشاعرهم واحلامهم فهم نحن ابناء مناطق التماس . لقد جمد دم الفرح فى عروقنا . واظلم ضؤ الامل فى صدور اهلنا الذين رأوا فجأة نورا يفاجج بين الأكمات المظلمة يغالبها لكى يبين ، حتى اقبل مجنون جوبا فأطفأ البريق . ومع ذلك يبقى الأمل . وقديما قال الشاعر العربى : ما اشقى العيش لولا فسحة الأمل . هجليج سودانية وسوف تبقى سودانية. نحن معارضون لحكومة الانقاذ الزمنية القائمة ولكننا لسنا معارضين لوطن ملغوم بالكبرياء اسمه السودان . ابحثوا معنا عن مجنون جوبا الذى خرب املنا وامل اهلنا على طرفى الوادى فى (حريات ) كانت ستزيل كل النتؤات على سطوح العلاقة بين جارين ليس امامهما الا طريق واحد هو طريق التعايش الاخوى . فالانسان لا يختار جاره . نريد القاء القبض على هذا المجنون والاحتفاظ به فى زنزانة معزولة حتى لا يحدث المزيد من الدمار فى علاقات الشعبين الشقيقين .