كلما دارت معركة في أقاصي الدنيا – ومعناها أي ركن في السودان الشمالي – كلما أدار السدنة معركة مع المعارضة وأي زول ضد الحرب في الخرطوم ذات الهواء البارد ، علي طريقة فيلم الحدود وبطله دريد لحّام . في ذاك الفيلم يظل دريد عالقاً في الحدود بين جمهوريتين عربيتين لوقت طويل بسبب ضياع الهوية دون أن يتمكن من العبور . إذا ذهب لمكتب جوازات عربستان طالبوه بوثيقة السفر الضائعة ، وإذا رجع لجوازات ( إيش ) تان ، قالوا له فين الوثيقة ؟ ودارت الأيّام واحتشد السدنة والهتيفة حوله منددين بما يجري ، وقالوا فيما قالوا أنهم لن يبرحوا مكانهم حتي يعود ( بطلنا ) إلي حضن وطنه ، ثم ركبوا عرباتهم الفارهة وذهبوا وتركوه في حاله . إلي الذين يودون احتلال جوبا وتغيير الحركة الشعبية ، والذين يلبسون الكاكي ثم يطوفون به في أحياء الخرطوم الراقية التي لا تطير فوقها طيارة حربية ولا يسمع فيها صوت دانة . وإلي الصحف التي تؤجج نيران الحرب وترفض أي حديث عن السلام . وإلي المجلس ( داااك ) وأي مجلس آخر يدعو للاقتتال علي طريقة دخلوها وصقيرها حام وإلي تجار الحروب الذين يدورون في فلك الدولار هذه الأيام ومن بعده السكر والطماطم والدقيق ويمدون بصرهم الآن نحو طلمبات البنزين إنتظاراً لجالون السوق الأسود . وإلي الذين ينفقون المال العام علي النفرات والاحتفالات والتعبئة ولا ينفقونها علي الفقراء والصحة والتعليم . وإلي الذين يصيحون الدور الدور علي الطابور وهم أعضاء في طابور الفساد والاستبداد منذ عهد عاد . إلي كل هؤلاء نعيد المقولة الأزلية من أراد الحرب فليذهب إليها برجليه ، ولا يكتفي بدور المحرّض . ومن أراد الجدل نظريا فإن ثمن الحرب أضعاف ثمن السلام ، وهل يقاس الدم المسفوك بثمن ؟! . بثمن الطلقة الواحدة ، نوفر واحد سندوتش لطفل جائع ، فانظر كم طلقة في شريط المدفع . وبثمن دانة المدفع يمكن توفير بخاخ الأزمة ل 100 مريض يختنقون بالربو حتي الموت . وبثمن الكلاش والمدفع ، والمدفعية يتعلم الطلاب مجّانا من المهد إلي اللحد . أما ثمن الطيّارة الميج فإنه يوفر 10 ألف وظيفة للخريجين العاطلين . وكم خسر السودان من أموال حتي الآن بسبب توقف انتاج النفط في هجليج ؟ ، وكم سنخسر من أموال كيما يعود الضخ من جديد حال إنتهاء هذه الحرب اللعينة !! . لا يخشي السلام إلا الضعفاء أصحاب الأهواء ومن لف لفهم من الرجال والنساء