لعلني أكسر حائط الصمت الطويل بعد غيبة وقد تحير بعض قرائي الأفاضل أين أنا، ويرجع فضل كسر الجرة إلى الدكتور حيدر إبراهيم بمقالته هذه المتميزة. ولعلني أتساءل بسخرية هل علينا أن نشكر الديناصور السلفي دفع الله حسب الرسول الذي أستفز قريحة الدكتور حيدر، أم نشكر الدكتور حيدر نفسه؟؟ قطعا أستلهم الدكتور حيدر مقالته الرائعة بفضل هذا الثور السلفي الوهابي الجاهل، وتعتبر مقالته توثيقا كاملا لحقبات منصرمة تقارب القرن، وننصح أن يقرأ القارئ مقالة الدكتور حيدر قبل قراءة هذه المقالة لإتمام الفائدة!! ونهنئ الدكتور حيدر إنه وضع فعلا المثقف السوداني على مشرحته بأسلوب فذ!! ولم يخلوا تشريحه الدقيق من شهادات لا تقبل الدحض!! ولكن ما ينقص مقالة (وثيقة) الدكتور حيدر الفكرية الهامة إنه لم يضع الحقبات السودانية المتلاحقة بدءا بفترة المهدية وسقوطها في نهاية القرن التاسع عشر ثم ما تلاها في العقدية الأولى والثانية والثالثة من القرن العشرين الخ بشكل عضوي ومتقابل ومتوازي بما كان يجري في ساحة الجزيرة العربية والعالم العربي على يد البريطانيين في دعم وتمكين الفكر الوهابي السلفي التكفيري!! ولقد نبهتني لهذه النقطة الهامة الفقرة التالية من مقالة الدكتور حيدر التي أدهشتني: (أولا: المؤسسة الدينية المحافظة التي بدأت بهيئة علماء السودان التي رعاها الاستعمار البريطاني، ويظهر موقفهم في رد علي نقد وجه للإدارة البريطانية: “فان جميع الأمة السودانية قد ارتبطت بالحكومة الحاضرة (الانجليزية) الرشيدة ارتباطا حقيقيا بالقلب والقالب، بصداقة وإخلاص، ونقدرها قدرها بحيث لا نبغي بها بدلا، لما هو شاهد بعين اليقين، من جلب المنافع ودفع المضار، وتعمير البلاد، وتامين الطرق وعمارة المساجد، وبث العلوم الدينية، ونشر المعارف بترتيب العلماء ومساعدتهم بالمرتبات التي إراحتهم، وتشييد الجوامع والمدارس في عموم البلاد حتى أن أبناء الوطن صاروا في تقدم باهر، ونجاح ظاهر، مع إعطاء الحرية التامة لرجال المحاكم الشرعية في المحاكم والأحكام بالشرع المحمدي. وبالجملة فإنها حكومة رشيدة ساهرة بالسعي في كل ما يفيد الوطن وأبناءه. فبلسان العموم نقدم الشكر الجزيل لحكومتنا، ونكذب هذه المقالة بجميع أجزائها تكذيبا تاما وفي الختام نرفع لسعادتكم لائق التحية والاحترام، توقيع: الطيب هاشم – مفتي السودان إسماعيل الأزهري – مفتش المحاكم أبو القاسم احمد هاشم – شيخ علماء السودان). (صحيفة حضارة السودان26/10/1921) ولا أدرى هل إسماعيل الأزهري –مفتش المحاكم- هو نفسه إسماعيل الأزهري الشهير أم شخص غيره؟ لا علينا. فهذه الأسطر القليلة التي خطها شيوخ هيئة علماء السودان في عام 1921م أعلاه مدحا في الكولونيالية البريطانية كافية لكي ندرك إنها نفس اللهجة التي روج لها آل سعود بوصف بريطانيا صديقة لهم!! وبمراجعة كتاب جمال الدين الأفغاني (تجميع لصحيفته العروة الوثقى) نرى أن بريطانيا أرسلت مبكرا مناديب من نجد عام 1884م للسودان في شخص الشيخ الميرغني بمعية أحد الشيوخ المكيين لكي يقنع القبائل السودانية بالخضوع وعدم مقاومة الحملات البريطانية التي أعدت لها بريطانيا بقيادة غردون ثم كتشنر. يقول جمال الدين الأفغاني عام 1884م في عروته الوثقى ص 270 (ص 261 النسخة الإلكترونية) بعنوان الشيخ الميرغني: (وردت برقية من سواكن في 21 مارس مفادها أن الشيخ الميرغني وشيخ آخر يقال أنه من مكةالمكرمة ذهبا في ذلك اليوم إلى المعسكر الإنجليزي ليحضر خضوع الكثير من مشايخ القبائل الذين جنحوا للسلم مع الإنجليز. وفي حين آخر أن هذا الميرغني صاحب فرقة إنجليزية تسير إلى بيرهندوك ليكون على يديه طاعة القبائل في تلك النواحي، ويقال إن أحداها لم تزل مترددة في قبول الطاعة وعدمه. هذا مما يعجب منه أن شيخا يظهر بين المسلمين بمظهر الدين والإرشاد ثم يقود جيشا إنجليزيا لإذلال أبناء ملته، وإخوان دينه وجنسه، وهو يعلم أن شرفه شرفهم، وسيادته بسيادتهم، ولولاهم ما نال الإكرام والإجلال، وما أغدقت عليه النعمة، وتوفرت لديه دواعي الترف والنعيم، وتمتع بكامل لذاته وشهواته، كيف يسوغ له أن يقدم جيوش الإنجليز، قبل الوقوف على مقاصدهم، وماذا يريدون من تذليل جيش العرب وإخضاعهم، هل يصح له أن يأتي مثل هذا وهو يعلم ما يحذره الشرع وما يبيحه اغترارا ببعض الأوهام التي لا أساس لها. وكتب إلينا من مصر والحجاز أن جماعة من العلماء في القطرين حكموا بمروقه وقالوا إن هذا من أعظم الزلات التي لم يرتكب نظيرها في الإسلام، على أنه ليس من العلماء ولا من العارفين بطرق الإرشاد، وإنما نال الاعتقاد عند بعض السودانيين ووراثة أبيه، وأنه لم يتميز عن العامة الأميين في شيء، وإن كان هذا لا يدفع العجب من فعله). ملحوظات: قدم محقق الكتاب سيد هادي خسرو شاهي عند الفقرة الأخيرة أعلاه تبريرا ضعيفا كي يخفف من حدة نقد الأفغاني للشيخ الميرغني!! كتاب العروة الوثقى هو حقا جدير بالقراءة، فيه عن السودان والثورة المهدية الكثير مثل كسر أهلنا البجة المربع الإنجليزي، ويتفوق الكتاب على كتب البريطانيين أمثال تشرشل الخ!! ولا شك أن الأفغاني هو باعث النهضة العربية والإسلامية ضد الكولونيالية البريطانية بلا جدال في العالمين العربي والإسلامي، وهو حفيد من حفدة النبي صلى الله عليه وآله، وترى الأفغاني متشبعا بعلم جده الإمام علي فمثلا قوله: لإذلال أبناء ملته، وإخوان دينه وجنسه؛ والعبارة الأخيرة إخوان دينه وجنسه مصدرها قولة الإمام علي لمالك الأشتر حين ولاه مصر، كتب له كتابا، ومنه: وأعلم يا مالك أن لك في الخلق نظيرين، أخا لك في الدين وأخا لك في الإنسانية”. ولكن كما نرى اليوم فالوهابية القديمة والمعاصرة لا يسرها أحد يحارب صديقتها بريطانيا، فتحمل حملة شعواء على الأفغاني وتلميذه محمد عبده، ما زال بعض البلهاء من أفراخ الوهابية مثل حاج الأمين محمد يرددها!! ونقتبس قطعة أخرى من كتاب العروة الوثقى تخص السودان والمراغنة، وهي بعنوان جراهام وعثمان دقنة: بعث الجنرال جراهام قائد جيش الإنجليز في جهة سواكن، بمنشورات إلى رؤساء القبائل يعدهم ويمنيهم ويهددهم ويتوعدهم لينفصلوا عن عثمان دقنة، وإلى عثمان يرعد له ويبرق، ويرغي ويزبد، ويطلب منه التسليم، فورد الجواب من عثمان يرفض الطلب والاستعداد للحرب، وردت الرسائل من واحد وعشرين شيخا من مشايخ القبائل ناطقة بأنه لا واسطة بين الإنجليز ومساعديهم وبين القبائل السودانية إلا السيف، ثم قالوا إن كل من لا يصدق بدعوى المهدي فإنه سيكون محالة فريسة للموت وطعمة للهلاك. فأضطر الجنرال جراهام لإعادة التهديد مرة أخرى على النحو الأول ويغلب على الظن أن الجواب يكون الجواب. وجاء في جرائد الإنجليز أن الشيخ الميرغني (وهو شيخ طريقة من المسلمين) بعث إلى عثمان دقنة رقيما يستدعيه للطاعة، ويحذره من مقاومة العساكر الإنجليزية، فأجابه عثمان دقنة بأن في عزمه شرب دماء الإنجليز وكل من يساعدهم فإنه يحارب بسيف الإسلام. وفي ختام جوابه نصح الميرغني وطلب منه أن يقوم بإرشاد الإنجليز إلى ترك الحرب ووضع السلاح وهو أولى له من نصح مشايخ القبائل العربية والإسلامية!! وإذا فهمنا أن كلا من توماس إدوارد لورنس (العرب) والسير برسي ذكريا كوكس كلاهما يهوديان، ضابطان بمكتبي المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط والأقصى، الأول عمل بمكتب القاهرة والثاني ترأس المكتب الهندي، والأخير هو من بنى العرش السعودي. وختمت بريطانيا “جهادها” بالسير سنت جون فيليبي الذي حقق الحلم البريطاني السعودي، وأدعى الإسلام وتسمى بعبد الله فيليبي وأصبح مستشارا للمؤسس عبد العزيز، وقد حل محل الكابتن وليم هنري شكسبير الذي قتل في 24 يناير من عام 1915م في معركة جراب ضد آل الرشيد، إذا فهمنا كل ذلك، إذن لا نشك مطلقا أن البريطانيين سعوا حثيثا لنشر الدين السعودي في السودان مبكرا. فالبريطانيون هم الدعامة الرئيسية للوهابية بالأمس واليوم!! ولا نخطي إذا قارنا حال السودان وعلماؤه وقتها بلحاظ المصري محمد حامد الفقي الذي أسس لآل سعود جمعية أنصار السنة بمصر عام 1926م. بينما اللبناني محمد رشيد رضا 1865–1935م الذي كثيرا ما مدحه بوق قطر يوسف القرضاوي أول عميل لآل سعود في التربة المصرية، هو من جند ليس فقط محمد حامد الفقي بل أيضا الشاب حسن البنا لصالح آل سعود!! علاقة حسن البناء بآل سعود ظلت لعقود علاقة خفية ورفع عنها الستار مؤخرا. فعقيدة الأخوان المسلمين في جوهرها عقيدة سلفية وهابية ولكنها تتقنع ببرقع مرن. وليس أخيرا نؤكد أن بريطانيا التي ذاقت الأمرين على يد مسلمي الهند هي التي صنعت دولة الباكستان عام 1947م بدعم سعودي وهابي كامل حين طبقت بريطانيا روشتة التكفير الوهابية السلفية ما بين الهندوس والمسلمين الهنود وأستعر القتل بين أبناء الوطن الواحد، والهدف من ترحيل وتهجير الهنود المسلمين إلى إقليم الباكستان الصحراوي وعزلهم فيما يسمى دولة الباكستان هدف إستراتيجي، فهو الخوف من أن تعتنق قبائل القارة الهندية الإسلام عبر المعايشة والاحتكاك اللصيق بالمسلمين!! ويمكنك أن تقارن فصل جنوب السودان بفصل إقليم الباكستان، وتستنتج الأصابع السعودية حين رفع أمثال جعفر شيخ إدريس والسلفيين عموما شعار الخوف من الحركة الشعبية على العروبة والإسلام لتحقيق انفصال الجنوب خدمة للدوائر الاستعمارية ولأرباب نعمتهم – بينما العكس هو صحيح أن يخاف السودانيون الجنوبيون من العروبة والإسلام – ولقد صدق المثقفون السودانيون المخفوضين فرعونيا هذا الشعار المقلوب!! بهذه الخلفية فقط، وفقط بهذه الخلفية نفهم ماذا كان يدور في السودان في تلك السنوات الغابرة التي اجترها ببراعة الدكتور حيدر إبراهيم، وفقط بهذه الخلفية السياسية والتاريخية للإقليم العربي نستطيع فهم مقالة الدكتور حيدر إبراهيم، وفهم ما أوردته صحيفة حضارة السودان في عام 26/10/1921م على لسان المادحين للغزاة البريطانيين. ولعلنا لا نخطئ حين نقول لصديقنا الدكتور حيدر أن عملية خفاض المثقفين السودانيين في الحقبات الماضية من القرن الماضي ليست كلها فرعونية أو طائفية أو بريطانية، بل أيضا هي سعودية!! والآن يدور التاريخ دورته وتنتصر الوهابية وآل سعود وترتفع رايتهم ليس فقط في مصر والسودان وشمال أفريقيا الخ، بل أصبحوا أيضا خطرا على كل مجتمعات العالم بشكل لا جدال فيه. فهنالك في هذه الأيام دعوات لإنشاء الجمعية العالمية لمناهضة “الوهابية” بوصفها شكلاً من أشكال العنصرية. وهذا ما أكدته مصادر أكاديمية وصحفية بريطانية أن اتصالات تجري منذ أسابيع بين عشرات من المثقّفين والأكاديميين من جنسيات وقارات مختلفة لإنشاء “الجمعية العالمية لمناهضة الوهابية” بوصفها شكلاً من أشكال العنصرية” بعد استشعار أخطارها الكبيرة على المجتمعات كافة. وذكر تقرير عن موقع النخيل أن أكاديمي بريطاني من جامعة أكسفورد قال: إن الفكرة ولِدت خلال نقاش مع أحد الصحفيين السوريين حول ما يجري في سورية والدور الذي تلعبه الوهّابية في عمليات التحريض على القتل الجاري هناك، فضلاً عما لعبته وتلعبه في أماكن أخرى من جاكرتا شرقاً إلى نيويورك غربا. وقالت إحدى الصحفيات البريطانيات من مجلة “The Red Pepper” وهي تُشارك في عملية التأسيس الجارية الآن: إن الوهابية أشدّ خطراً على البشرية ومستقبلها من الصهيونية، رغم أن كلتيهما تشربان من كأس فكري عنصري واحد، بالنظر لأن الصهيونية غالباً ما انحصر نشاطها في إطار رعاية مصالح الدولة (العبرية) في صراعها مع الدول العربية، أما الوهابية فهي صليبية جديدة مضافاً إليها فكر تكفيري لا يتردّد في القتل باسم الله حتى في أوساط المسلمين السنّة الذين يختلفون معها. وأضافت الصحفية أن الصهيونية ورغم أنها وقفت خلف المشروع الكولونيالي في فلسطين، إلا أنها بقيت تنطوي على الكثير من العلمانية، وبالتالي إمكانية وجود ولو مساحة صغيرة للنقاش والحوار مع الآخر الكاذب والمخادع، أما الوهّابية فتريد تحويل العالم ذكوراً وإناثاً إلى مقبرة جماعية للأحياء، إنها تتدخل حتى في طريقة نوم الزوج مع زوجته في غرفة النوم وتعتبر الطفل الوليد من علاقة مضاجعة لا يكون فيه رأس الزوجة باتجاه القبلة ابن زنا، وهو أغرب فكر عرفته البشرية في تاريخها كلّه منذ أن كانت في الكهوف وقبل أن تنتقل للعيش في قرى ومساكن شكّلت المظهر الأول من مظاهر التحضر البشري!! تعتبر الثورة المهدية من أعظم الثورات في العالم، هذه النقطة لا يدركها المخفضين فرعونيا أو المخصيين من المثقفين السودانيين، لقد تجاوزت هذه الثورة حدودها المحلية إلى العالمية وألهمت كل المستضعفين في العالم مثل شعوب الهند والصين وأفغانستان وأفريقيا وأمريكا اللاتينية الخ فهل يعتقد كائنا من كان أن بريطانيا وخدمهم من آل سعود لم يفكروا مبكرا في زرع الوهابية في السودان على يد شيوخ سودانيين هم في الدرجة الأولى شيوخ مخصيين؟ إذ من السذاجة العقلية تفسير نمط الدين الإسلامي الذي في أيدينا اليوم، شكله ومحتواه وأهدافه، وكأنه نمو طبيعي مثل نمو أعشاب السافنا. ليس المثقفين فقط كما أصاب الدكتور حيدر، بل أيضا الدين الإسلامي في كل عصر أخضع لعملية خفاض فرعوني، واليوم أي في عصرنا تدير عملية الخفاض السعودية بدفع بريطاني أمريكي صهيوني!! وليس أدل على ما نقول ما كتبه الكاتب اللبناني جان عزيز بصحيفة الأخبار اللبنانية من كلمات ساخرة حول وفاة نايف بن عبد العزيز وهو الرجل المجرم بجدارة يمدحه السياسيون والمثقفون المخصيون في كافة أنحاء العالم العربي، وهنا نشير للدكتور حيدر أن عصرنا هو عصر الخفاض السعودي!! نأخذ بعض أقوال الكاتب اللبناني من مقالته بعنوان: جهلة أم خبثاء؟ عن أي خسارة تتحدث يا ولد؟…! للمرة الثانية في غضون نحو سبعة أشهر، يموت أحد أبناء بني سعود، من الشاغلين منصباً متقدماً ضمن تراتبية تلك العائلة. وللمرة الثانية نجدنا أمام سيل من الدجل الإعلامي ومن كتابة التبخير السياسي والاسترزاق الصحافي والابتذال التعبيري والخشبية اللغوية والفكرية، مما يلامس العهر الذهني الخالص، ومما لا قدرة لحد أدنى من كرامة بشرية أن تحتمله. لا يقتصر الأمر على نوع معين من السياسيين. ولا هو حكر على من يشكل بنو سعود أولياء نعمهم. فهؤلاء ثمة ما يجعلك تفهمهم. مجرد فهمهم. من دون أن يعني الفهم قطعاً لا التبرير ولا القبول ولا حتى التفهم. لكن الأسوأ أن ظاهرة التسول الرثائي الدجال تلك، لم تعد محصورة بالصفحات الصفراء من كتاتيب البلاط وحاشياته، بل باتت موصولة بأسماء مفترضة بعيدة عن تلك السوق العمومية. ويضيف الكاتب: معقول؟ هذا الكلام عن مسؤول في النظام الوحيد على وجه الأرض الذي جعل شعباً ووطناً ودولة بلا هوية ولا انتماء غير التبعية الاستعبادية لأوتوقراطية عائلية؟ من يرغبها كاملة فهنا: http://www.syrianow.sy/index.php?d=2&id=56267 يعبر مقال الكاتب اللبناني عن حال المثقفين والإعلاميين والسياسيين الذين تم خفاضهم سعوديا في كافة العالم العربي – وعددهم بلا شك مهول، فلو أطلعت على الصحف العربية من الخليج إلى المحيط ستجدهم يبكون ويلطمون على شخص نايف المجرم ويمدحونه كذبا!! والسودان ليس استثناءا، ففي السودان مثلا أفردت صفحات كاملة في نعي نايف ومدحه في معظم الصحف السودانية مثل الانتباهة التي تفتخر أنها ستوزع مطبوعتها في السعودية – من أجل ريالين كئبين، بينما صحيفة السوداني الحكومية نعت نايف بحجم صفحة كاملة على لسان صاحبها جمال الوالي وفاجأنا بأنه يرأس جمعية الصداقة السودانية السعودية!! وأترك جامعة أمدرمان الإسلامية أو الرباط الوطني فهم قطعا لطموا الخدود وشقوا الجيوب بقوة على المقبور وبزوا لطم الشيعة على بن النبي الإمام الحسين!! لقد تفوق الدكتور حيدر إبراهيم بمقاله هذا على نفسه، ولم أجده مطلقا أكثر عمقا إلا في مقالته هذه، وقد بدأ مترددا اعتذاريا في هجومه على المثقفين السودانيين فأحتاج إلى توطئة، ثم إلى مدخل للشخصية الخفاضية، وفي كلاها أجاد وكان مقنعا، ولا أعتقد أن يتجاسر متقعر أو مخصي لكي يرد!! ففي هذه الحقبة أي حقبة الريال والدولار والأزمة السورية والثورة المعلوماتية عبر النيت انكشف المستور بدءا بخدم وحاشية البلاط وانتهاءً بالأنظمة المتعهرة!! كشف وتحليل ونقد أبعاد ذات الشخصية السودانية خاصة المثقفين منهم ونقد العقل السوداني وتفكيك ثوابته التراثية بقصد الدراسة مهمة مطلوبة من الجميع، ويحتاج الأمر إلى ثورة نقدية وعلمية لا تقل في أهميتها عن الثورة السياسية على النظام القائم الرجعي القديم. وكمساهمة من شخصي الضعيف أصب بعض الزيت في نيران الدكتور حيدر إبراهيم، لعل جهده يثمر بصهر الشخصية السودانية وقولبتها من جديد. الدكتورة سعاد موسى –عميدة كلية علم النفس، جامعة الأحفاد- لديها مقالة طيبة عن الشخصية السودانية ستكون المقالة التالية لي مع بعض التعليق عليها..!! لعل مقالتها هذه من منظور علم النفس الاجتماعي تكمل رؤية الدكتور حيدر الفلسفية والتاريخية – وفي هذا الموضوع الهام ليتبارى المتبارون..!! شوقي إبراهيم عثمان