قضايا عالقة ومتشابكة يجدها اول سفير لدولة الجنوب بالخرطوم على طاولته.. اوضاع الجنوبيين المعقدة، وملف المفاوضات المتعثرة، بالإضافة إلى غير هذه الموضوعات ذات الصلة بالمهمة الصعبة التي سيضطلع بها الأستاذ ميان دوت وول، الذي تحدثنا إليه رغم بعد المسافة بيننا، وكان الحوار التالي: * الخطة الدبلوماسية وأهم مرتكزات عمل البعثة الدبولماسية - أنا جئت وفق خطة واستراتيجية متكاملة للتعامل مع الوضع هنا في الخرطوم، وهذه الخطة هي جزء من خطة شاملة لوزارة التعاون الدولي في بلادي للتعامل مع كل بلاد العالم، وهذه الإستراتيجية تقوم على فكرة تبادل المصالح والمنافع مع بقية شعوب العالم عبر الأطر الدبلوماسية المعروفة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، ولكن العلاقة بين الشمال والجنوب علاقة لها خصوصيتها المعروفة والمفهومة، وأنا أريد أن أبني هذه العلاقة التي تقوم على التاريخ المشترك والمصالح المشتركة. وبخصوص السودان نريد أن نخلق علاقة جيدة وود في البداية بين الشعبين، وتنقسم آاليات هذه الخطة لمحورين الأول عبر الجهات الرسمية والثاني عبر الجهات الشعبية والأهلية، ونرى أن هذا سيقود إلى خلق علاقة جيدة بين الدولتين وسيدعم في ذات الوقت التعايش السلمي بالإضافة إلى تبادل المنافع سواء كان في قضايا المياه أو كل المصالح التي ترتبط بالتبادل التجاري. وفي الجانب الآخر لدينا مهام أخرى تخص السفارة وأوضاع الجنوبيين في الشمال، هنالك كمية كبيرة من النازحين وجزء كبير منهم موجود بالميادين في الخرطوم كان من المفترض أن يتم نقلهم ولكن التوترات الأخيرة عطلت هذا الأمر، والآن تحدثنا مع السلطات عن إمكانية فتح معابر لنقلهم والرئيس عمر البشير أبدى موافقته ومن المفترض أن تبدأ السلطات المسئولة بتنفيذ هذا الأمر، هنالك أيضاً قضايا الطلاب الجنوبيين، وهنالك أيضاً قضايا ذات طابع أمني تواجه الجنوبيين في الخرطوم وبعض الولايات. وعلى العموم هذه هي أولويات عملنا في الفترة الحالية التي نحن فيها.. كما لاحظتم، فإن معظم وسائل الإعلام قد اهتمت بأمر تقديم أوراق اعتمادي للسيد رئيس الجمهورية، ولم تهتم بتقديم أوراق بقية السفراء والبالغ عددهم ستة سفراء، لأنني أول سفير لجنوب السودان والذي كان جزءاً من الشمال، أقول إنني وجدت كل الاحترام والتسهيلات الممكنة للقيام بمهمتي كسفير، وأعتقد أن العلاقة بيننا كبيرة وهي أقرب من أية علاقة تجمع بين الجنوب وغيرها من دول الجوار، مثل (أوغندا وكينيا وأثيوبيا وإفريقيا الوسطى)، فاللغة العربية هي اللغة التي تربطنا، بل أن كل الجنوبيين يستخدمون (عربي جوبا) للتواصل بينهم، وهذا يعني أن الذي يربطنا أكثر من الذي يفرقنا، كما أن قبائل (البقارة) يمكثون فترة أطول في الجنوب مع (الدينكا)، وهي أكثر من الفترة التي يقضونها في الشمال. * أوضاع الجنوبيون بالخرطوم - ليست لدينا معلومات عن كل الجنوبيين في الشمال، ولكن لدينا إحصائيات أولية للنازحين في ولاية الخرطوم وهم حوالي 91 ألف في الميادين، ويمكن أن يصلوا إلى 200 ألف في كل السودان، ولدينا طلاب حوالي 8 ألف.. نحن مهتمين بالمواطن الجنوبي في الشمال وعودة الجنوبيين العالقين في الميادين العامة والحدود مغلقة في الوقت الحالي، وهم يعيشون في ظروف قاسية ولأوقات طويلة، كما أن الطلاب الجنوبيين هنا في السودان يعانون من مشكلات كثيرة تبدأ بمسائل توفيق الأوضاع وتنتهي بمشكلة الرسوم الدراسية والتحويلات المالية، وهم بالمناسبة، الأكثر عدداً من بين الطلاب الجنوبيين الذين يدرسون في الخارج. هنالك مشاكل أمنية تواجه بعض الجنوبيين هنا بالرغم من امتلاكهم لوثائق ثبوتية، ولقد تلقينا تقارير بتعرض بعض الجنوبيين لمضايقات من سودانيين خاصة في مناطق الحاج يوسف، كما توجد مليشيات مسلحة جنوبية تقوم بمضايقة الجنوبيين.. وبالإضافة لذلك هنالك نحو عشرة آلاف أو أحد عشر ألف سجين جنوبي في السجون السودانية، وهنالك مذكرة تفاهم بين وزيري داخلية البلدين لتبادل السجناء، وهذه المذكرة تم توقيعها في وقت سابق من هذا العام، ولم يتم تنفيذها، وأنا سأعمل وبالتعاون مع السلطات هنا وهنالك من أجل يتم ترحيل النزلاء إلى الجنوب وترحيل السودانيين المسجونين في الجنوب إلى الخرطوم، لأن نفس القوانين المطبقة هنا مطبقة هناك، لأننا مازلنا نتعامل بالقانون الجنائي السوداني، ويمكن للنزيل أن يتم فترة سجنه في بلده. * مفاوضات أديس أبابا - كل القضايا الأمنية شبه محسومة، ماعدا منطقة الميل 14، وأنا أعتقد أن عودة رئيسي الوفدين للشؤون الأمنية والسياسية ووزيري الدفاع بالبلدين إلى كل من (جوبا) و(الخرطوم) للتشاور بمثابة منح الضوء الأخضر للاتفاق. ليست هنالك مشكلة سوي الميل 14 وكل الأمور شبه محسومة، وأنا أعتقد أن البلدين ليسا في حاجة للعودة إلى الحرب وإنما يودان السلام، وبالتالي فإن رئيسي البلدين سيوقعان على جملة من الاتفاقيات بنهاية الفترة التي حددها مجلس الأمن الدولي، ليكونا شاهدين على ذلك، لأنه بعد انتهاء أجل التفاوض لن يكون هنالك وجود للوساطة، وسيكون الرئيسان مسؤولان أمام مجلس الأمن إذا حدث أي شيء آخر، باعتبار أن الوساطة سينتهي دورها بنهاية الشهر الجاري. كما قلت فإن العقبة الوحيدة الآن هي في الخلاف حول الميل 14، وبعد ذلك المسألة ستكون أمام مبعوث مجلس ليأخذ قراراه، هذا بالنسبة لنا وعلى حسب ما أمتلك من معلومات فلم يحدث تقدم جديد حتى الآن، وباقي الملفات توقفت حتى يتم حسم هذا الأمر. ولا توجد لدينا مقترحات جديدة، نحن وافقنا على ما تقدم به الوسيط وتم رفع ذلك لمجلس الأمن، ومافي حاجة تاني، دة بالنسبة لينا. والعقوبات التي يلوح بها مجلس الأمن ليست للطرفين، والآن كل التنديد في مجلس الأمن لموقف السودان، ومؤخراً حتى مبعوث الولاياتالمتحدة للسودان وجنوب السودان كان يقول أنه على السودان قبول هذه الخارطة، في جانبنا لا نرى أية خطورة علينا.. انا أفتكر أن العقوبات ستنزل تلقائياً على الطرف الذي سيماطل، هو هكذا؛ الطرف الذي سيماطل ستطاله العقوبات، وإذا وجدوا أنه لا جدية من الطرفين ستكون عليهما معاً وبالنسبة لنا في جوبا نحن قمنا بما علينا وتجاوبنا مع الوسيط والمجتمع الدولي وفي نفس الوقت لدينا خطة دبلوماسية لتفادي أي عقوبات محتملة علينا. * وماذا عن التمديد - نحن نرى أنه إذا لم يحدث تقدم في الملفات الحالية لن يكون هنالك تمديد، وفي الأساس المسألة ليست بيد الطرفين، الوسيط هو الذي سيقدر هذا، وهذا يعتمد على مدى الجدية، وفي المرة السابقة عندما تم توقيع إتفاق النفط كان هذا سبباً في أن يشعر الوسيط بجدية الطرفين، وهو ما أدى إلى التمديد.. انا أقول أن الأمر في الأخير بيد الوسيط، هو الذي سيحدد، يمكنه أن يعتبر هذا الطلب مماطلة، لذلك لابد من حدوث التقدم. * فيما يتعلق بإتفاق الحريات الأربع - والله أتمنى أن تطبق هذه الاتفاقية بشكل جيد، والآن هنالك لجنة حدود تتكون من فنيين أفارقة تمت إضافتهم للجنة الفنية القديمة، والخلاف أصلاً حول (20%) من أصل الحدود بعد أن تم الاتفاق حول (80%)، وأعتقد أن هذه اللجنة ستساعد الطرفين للوصول إلى اتفاق، وبالتالي فإن اتفاقية الحريات الأربعة يمكن أن تجد لها أرضية خصبة للتنفيذ. * عقد قمة بين سلفا كير والبشير - الوساطة الإفريقية بقيادة “ثابو امبيكي” هي من ترتب لهذه القمة، وهو يريد رفع مستوى المفاوضات لأن مجلس الأمن وضع يوماً محدداً لنهاية التفاوض وهو نهاية الشهر الجاري، ويريد أيضاً من الرئيسين أن يوقعا على الاتفاقيات التي تم انجازها مثل النفط والحريات الأربعة وتجارة الحدود والترتيبات الأمنية حتى يكون ملزماً للرئيسين عندما يقدم تقريره إلى مجلس الأمن الدولي. * بخصوص استئناف حركة الطيران - نعم، بعد أن قابلت رئيس الجمهورية “عمر البشير”، طلبت منه المساعدة لكي يتم استئناف الطيران من أجل مصلحة شعبي البلدين، ولقد وافق الرئيس على ذلك، ووجه السلطات المختصة بتنفيذ هذا الطلب فوراً بتسهيل وإزالة العقبات أمام هذا الأمر، والآن لا توجد مشكلة، وكل الأمر يتعلق بأمور فنية تحددها سلطات الطيران في البلدين، وكما تعلمون، فإن حركة الطيران بين (الخرطوم) و(جوبا) أصبحت دولية وليست محلية كما كانت في السابق، وهذا يحتاج إلى ترتيبات جديدة تتعلق بشروط الطائرات ومدى صلاحياتها، بالإضافة إلى ترتيبات أخرى. وبالفعل ناقش وكيل وزارة الخارجية “رحمة الله محمد عثمان” هذا الملف خلال زيارته الأخيرة إلى (جوبا) مع المسؤولين هنالك، وتم الاتفاق على كل شيء، وأؤكد لكم أن حركة الطيران ستستأنف قريباً. * مليشيات جنوبية بالخرطوم - هنالك مليشيات تستهدف الشباب وتقوم بخطفهم، جزء من الشباب يقومون بتجنيدهم ليصبحوا قوة تتبع لهذه المليشيات وتنفذ أجندتها وآخرون يطالبون بفدية ومن ثم إطلاق سراحهم، وقد قمنا بتبليغ وزارة الخارجية بهذا الأمر، وقبل أسبوع أو أكثر كان هنالك حوالي ثمانية طلاب تم إختطافهم وتدخلت السلطات الأمنية وأطلقت سراحهم من منطقة الفتيحاب. ولديهم حراسات في بيوتهم حيث يسجنون المختطفين. وهم يعتبرون إمتداد للتمرد في الجنوب، وأغلبهم كانوا في الجيش السوداني، وقد ناقشنا وضعهم هذا مع الرئيس البشير، وطالبنا بتفكيكهم. * قطاع الشمال ومبادراتكم في إطار الحل - نحن نقول باستمرار أننا لا ندعم قطاع الشمال، ونؤكد مجدداً أنه حدث فصل بعد استقلال الجنوب، ودانيال كودي الموجود هنا حالياً في الخرطوم كان قد أكد هذا الأمر، فالرئيس سلفا كير كلف ثلاثة من أعضاء المكتب السياسي للحركة هم ياسر عرمان ومالك عقار وعبد العزيز الحلو بانجاز هذا الأمر في كل الجوانب العسكرية والسياسية والتنظيمية وتمت العملية.. ومع ذلك فقد قدمنا مبادرات في إطار الحل لهذه الأزمة، لكن الأخوة في الخرطوم كان لهم رأي فيها ورفضوه. ومع كل هذا نحن ما زلنا نتقدم بمبادراتنا باستمرار لحل مشكلة قطاع الشمال. ونجد أن القضايا سياسية ويجب على حكومة الخرطوم أن تعمل على إيجاد حل سياسي في المقابل، نحن نركز على الحلول السياسية للأزمة.