ماذا يعني أن يهاتفك صديق أوصديقه ويقول لك: الى ماذا يريد هذا الوطن أن يحوِّلنا؟ أو انت كيف هسي؟ ح تعملي شنو؟ أهلك ح يمشوا ولا قاعدين؟.. أغلب صديقاتي شماليات، وصديقتي هذه التي تدعى إيمان أغلب صديقاتها جنوبيات، فإيمان هذه لا تناقش البتَّة موضوع الانفصال، واذا اشتركت في النقاش تمتلئ عيونها بالدموع…الخ. أعلاه منقول عن يومية للاستاذة استيلا قايتانو في جريدة (أجراس الحرية) بتاريخ 25/12/2010 بعنوان السوءات الثلاث، بعد أن خلصت من القراءة وبللت دموعي الجريدة اتصلت هاتفياً بالصديقة إيمان تحدثنا طويلاً عن نقاوة الضمير وحب السودان الوطن الواحد الذي قد كان ولا ندري الى أية صيرورة ينتهي. وتحدثنا عن الحب، والغناء في كل فم، والحياة للجميع، كما تحدثنا عن الأشراف الذين قتلوا غيلة في ظلمة الدروب وعن الانذال حين يخطفون كسرة الرغيف من أفواه الصغار المعدمين او هكذا تحدثتا عن المكبوت.. والمنسي.. والملغي.. والحلم المعطل بحدود امكانات جيوبنا المفرغة. أستيلا.. ليس من المفروض دوما أن نسمع وحسب الأصوات المسموعة، فهنالك أحيانا حشرجة مخنوقة تقول بصدق ما يكفي لخنق أعلى التوترات الصوتية، فلا نشد اللحاف لرؤوسنا ونتعمَّد الاستغراق في النوم. وما دمنا لم نصل الى الوحدة لأسباب عدة مثل سيادة منطق السوءات الثلاث (سوء الظن، سوء النية، سوء التصرف)، وأيضا لعدم اعترافنا بحق الغير المختلف. أية وحدة تحاول أن تستتبع الآخر لن تعمِّر طويلاً فان الخطاب الذي لا يزيد عن كونه تكرارا لهوية فاقدة لمقوماتها عادمة لعناصرها لن يصنع وحدة قط. هكذا ينبغي للكل ان يكتبوا بيان الاختلاف معترفين ببعضهم البعض مقرِّين ان الواحد هو شطر الاخر، وهذا يتطلب ذهناً مفتوحاً وعقلاً نيراً، كما يتطلب شجاعة وزهداً، لبناء وحدة تجمع بين شعوب وقبائل وملل وطوائف وأحزاب لكافة أهل الألف.. السين.. الواو.. الدال.. الألف.. النون.. فالوحدة حقاً.. بناء وتكامل. امير موسى