ابدى رئيس البنك الدولي الاربعاء “تفاؤله” حيال المستقبل الاقتصادي لتونس، داعيا في الوقت عينه الى اجراء “اصلاحات مؤلمة” في هذا البلد الذي يعاني مشاكل اجتماعية وتناميا للفقر بعد عامين على الثورة. وقال جيم يونغ كيم الذي يزور تونس حاليا “نعلم بان الاصلاحات الجارية حاليا صعبة ومؤلمة الا اننا نعلم ايضا بان كل المجتمعات التي اتخذت هذه التدابير وادارت هذا الالم على المدى القصير تمكنت من بناء اسس نمو اقتصادي على المدى الطويل”. واضاف في مؤتمر صحافي “علينا التأكد من ان تونس تظهر بنجاح ان الاسلام والديموقراطية منسجمان وان من الممكن حصول تنمية اقتصادية تشمل الجميع”. وبحسب رئيس البنك الدولي فإن القادة التونسيين “ملتزمون القيام بما يلزم”، الا انه لم يفصل برنامج الاصلاحات المطلوب. وشكل الفقر والبطالة (18% تقريبا) عاملين اساسيين في اشعال فتيل الثورة التي اطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي. ولكن بعد عامين، بدأ الامل يتبدد خصوصا في منطقة وسط تونس المحرومة. وشهدت الاشهر الاخيرة في تونس تزايدا في اعمال العنف الناجمة عن النزاعات الاجتماعية، كما ان النمو، رغم انه يفترض ان يتخطى 3% العام 2012، يبقى غير كاف لاستيعاب المستويات الكبيرة للبطالة. ويقارن التونسيون بين عامين من زمن الثورة وما كان قبلها، خصوصا فى ظل الارتفاع الكبير للأسعار والتضخم المالى ومعدل البطالة واتساع دائرة الفساد المالى والإدارى فى مؤسسات الدولة، الأمر الذى انعكس على وضع تونس فى تقرير الشفافية الدولية ليتراجع من المرتبة 59 فى 2010 إلى 75 فى 2012. ورغم إعلان حكومة النهضة عن تراجع نسبة البطالة بحلول نهاية عام 2012 إلى 17% مقابل 19% فى نوفمبر/تشرين الثاني 2011، يقول سالم العيارى، رئيس الاتحاد التونسى للمعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات “بعكس ما تقول الحكومة، فإن نسبة البطالة زادت منذ الثورة وأصحاب الشهادات الجامعية يمثلون نحو ثلث مليون طالب عمل. ورغم وعد “النهضة”، خلال الحملة الانتخابية، بتوفير 400 ألف فرصة عمل رقم اعتبره الخبراء مضرب من الخيال، تظهر الأرقام الرسمية التى نشرها موقع وزارة التشغيل أن عدد الباحثين عن عمل في فبراير/شباط 2011 كان 187 ألفاً، بينما ارتفع العدد فى فبرايرمشباط 2012 إلى 300 ألف. ويضاف إلى هذه الأرقام هروب الاستثمارات الأجنبية، وحتى الوطنية، في ظل تدهور الوضع داخل تونس إلى دول أخرى كالمغرب وتركيا. ونشرت وكالة «النهوض بالاستثمار الخارجى» أرقاما أظهرت تراجع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 26.3%، وتراجعت الاستثمارات الصناعية بنسبة 6% فى 2012 على المستوى الوطنى، وبنسبة 20 إلى 40% فى المناطق الغربية من البلاد التي كانت مهد الثورة. وظهرت علامات تراجع الاقتصاد التونسى بقوة، عندما بثت وكالة الأنباء التونسية الرسمية خبراً ذكرت فيه أن “السيولة الموجودة فى الحساب الجارى لخزانة الدولة لا تتجاوز 126 مليون دينار، فى حين تقدر نفقات الأجور العمومية ب600 مليون دينار، وهو ما يثير المخاوف، حول قدرة الدولة على صرف أجور الشهر الحالى”. ورغم محاولات وزير الدولة للمالية سليم بسباس بث الطمأنينة لدى التونسيين، مؤكدا أن الحكومة بصدد تغطية أجور العاملين، وأن هناك سيولة نقدية كافية لحل هذه الوضعية، فإن حالة من الفزع باتت تسيطر على التونسيين، مترقبين ما هو أسوأ وهو إشهار إفلاس الدولة.