يزخر السودان برصيد وافر من التراث الشعبي الذي يمثل خليطا عربيا إفريقيا شكل الوجدان السوداني، وهو ثروة هائلة من والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية، وتختلف الفنون من منطقة إلى أخرى نظراً لتعدد مكونات القبائل السودانية. في جبال النوبة خاصية وخصوصية تبلورت عند السكان لمواجهة كافة أطوار المد والجزر في دائرة التعايش سلماً وحرباً، أنهم يعرفون كيف يرقصون للمآسي ينشدون في الأحزان أو يصفقون عند الابتلاءات.
تراث وثقافة تبرز في تراث جبال النوبة الموسيقى، الرقصات الشعبية، الفلكور والمصارعة، ويذهب الكثير من المهتمين بتراث النوبة في سائر أقوالهم إلى أن فن الغناء والرقص ليس تراثاً وثقافة وحسب، لكنه نهج حياة وسلوك بشر، وهي ممارسة يومية عادية جداً كالغناء والرقص الجماعي في نفير الكديب عند إعداد الأرض وتنظيفها من الأشجار، وفي نفير زمن دق العيش والتخزين في سويبات النوبة التقليدية، كما ان النوبة حقنوا شرايين هذا الوطن بالكثير من الأفذاذ، وضمخو بالروعة مختلف المجالات؛ عدد إن شئت مختلف ضروب الفن، كرة القدم، الفكر والإبداع، ولا تنس نصيبهم من الشجاعة والإقدام، فكم من الجند البواسل انحدروا من التلال هناك، بخلاف المصارعين الأشداء، فضلاً عن الرقص الأفريقي المهول، إذ تضرب أقدام الخير على وقع الطبل، ليتداخل النساء والرجال، حلقات إثر حلقات، وصفوفاً بين صفوف، يضربون الأرض بأقدامهم، فيعطون من خلالها إيقاعات ترمز لروح الشموخ والعزة أو التحدي في وجه كل أشكال الصعاب وألوان الأزمات. تاج الملوك يقول أمير كوكو الباحث في تراث جبال النوبة بحسب صحيفة الحراك السياسي: نملك ثقافات عديدة من بينها الجرتق، وهو زفة ملك النوبة وتمارس لمعظم القبائل السودانية، بجانب المشاط الذي يعد زينة للنساء والرجال، لكن بعد دخول الإسلام تركوه، وهو ثقافة نوبية كوشية قديمة ظهرت قبل الميلاد، ومن بين أسماء المشاط (المساير، الضفاير والخنفس). وأضاف: هناك الطاقية أم قرنين، وهي تاج ملوك النوبة قديماً ولا تزال موجودة إلى الآن. عادات وتقاليد يقول أمير: توجد عادة الجلد بالسوط خاصة عند مجموعة اللقوري ومجموعة كادقلي كيقا الخيل، وأشار إلى ظهور الشلوخ في عهد الممالك النوبية القديمة قبل الميلاد، وكان يستخدم للعلاج والزينة وتستخدم الموس والعطرون والرماد، مبيناً أن الشلوخ تمثل علاجاً لتقوية النظر، وتسمى (شلوخ النظارات).
الكمبلا والمصارعة الكمبلا من الرقصات التقليدية، وتشتهر بها قبائل النوبة باعتبارها تقليداً اجتماعياً يمارس في فصل الخريف وفترات من الشتاء، كما تمارس احتفاءً بموسم زراعي مزدهر وقبيل الأعراس، وهي مهرجان بحد ذاته وترافق الرقصة أغان عن الشجاعة والكرم، أما المصارعة أو "الصُّراع" بالعامية فيمارسه فتيان قبائل النوبة، وهي رياضة لاستعراض العضلات شأنها شأن "المصارعة الحرة"، وتعتبر الأشهر من بين الرياضات في تلك المجتمعات وتمتاز بالإقبال الجماهيري الكبير والتعصُّب الذي يفوق تعصُّب مشجعي كرة القدم، وتجرى مبارياتها في الأرياف موسمياً في فصل الخريف و"الدّرت" أي وقت الحصاد- وتُقام المباريات بين القبائل أوالمناطق أو القرى ويفوز فيها الذي يتمتع بمهارات حركية فائقة وقوة جسدية خارقة وتُعد المعسكرات للاعبين أسوة بلاعبي الأولمبياد في العالم، وتكون مقفولة ويكلّف بعض المساعدين لخدمتهم ويعرفون ب "السبّارة"،كما مثل إيقاع "الكرنق" في مناطق جبال النوبة رمزاً ثقافياً وعنواناً للثرات الشعبي.
الكجور يأتي "الكجور" على رأس الحياة الدينية التقليدية لدى النوبة، وحوله تبني وتدور كل الممارسات والمراسم للحياة الروحية لديهم، والكجور هو الشخص الذي تحل فيه روح الجد وتدخله في غيبة تقام له في نهايتها طقوس يتولي بعدها هذه المهمة،ويصبح هذا الوسيط بين الناس وتلك الروح.