رويداً رويداً بدأ الإسلاميون في الظهور في الساحة السياسية في أعقاب احتجابٍ لسقوط نظام البشير، وكان لافتاً أنّه منذ الإجراءات التي قام بها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي، الظهور إلى الواجهة لقيادات المؤتمر الوطني المحلول من خلال تدشينهم المبادرات لفكّ أسرى النظام البائد القابعين في السجون. ومبكّراً أعلن المؤتمر الوطني المحلول عن عدم دخوله في تحالفٍ سياسي لمعارضة الحكومة الانتقالية التي قادها وقتها عبد الله حمدوك، وتمسّك بقيادة معارضة منفردة لإسقاطها، لإيمانه بقدرته في إزاحتها بالطرق السلمية. وكان لافتاً خلال مخاطبة إبراهيم غندور مبادرة إطلاق عبد الرحيم محمد حسين، مطالبته بخطوة عملية تمثّلت في الخروج إلى الشارع والوجود فيه باستمرار وتكوين جبهة وطنية عريضة لإنزال العدل وانتزاع الحقوق ولو بالأيدي، وهو ما بدا واضحاً كمرحلة جديدة للإسلاميين بعد حالة من السكون استمرّت طويلاً. ويقول الخبير القانوني عضو هيئة الاتهام في قضية انقلاب الانقاذ، المعز عثمان حضرة، إنّ إبراهيم غندور وكرتي وغيرهما من الإسلاميين، لم يبدأوا في الظهور إلاّ بعد الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، بحصولهم على الضوء الأخضر. وعدّ حضرة في حديثه ل (الانتباهة)، أنّ ذلك دليلٌ على أنّ انقلاب البرهان هو انقلاب الإسلامويين لعودتهم تدريجياً حتى يمتصّوا غضب الشارع وعودتهم إلى كلّ مرافق الدولة. وتابع قائلاً: (كرتي ظهر في العلن والمتعافي كذلك وغندور أصبح يصرّح، وهم قبل (25) أكتوبر لم يكونوا يصرّحون). ويرى المعز حضرة أنّ تصريحات قيادات المؤتمر الوطني المحلول جاءت بعد ان أتاح لهم البرهان الفرصة، والشارع السوداني الذي خرج ضدّ هؤلاء الانقلابيين لن يسمح لهم بالعودة مرة أخرى. ويضيف قائلاً: (يجب أنّ يعوا أنّ الشارع لفظهم ورفضهم ولن يعودوا إلاّ على أجساد هؤلاء الشباب والكنداكات). جرائم ضد الدولة وتأسف المعزة عثمان حضرة على عدم فتح النيابة لبلاغات ضدّ الدولة تّجاه مطلقي خطابات الكراهية، مشيراً إلى أنّ الدعوة التي أطلقها إبراهيم غندور بتحريض الإسلاميين بأخذ حقوقهم بأيديهم وانتزاعها ما هي إلاّ جرائم ضدّ الدولة. وتابع قائلاً: (هذه التصريحات لو كانت في دولة حقيقية أو نيابة مفترض تفتح ليهم بلاغات جرائم موّجهة ضدّ الدولة، فقد لاحظنا خطابات الكراهية قبل أيام من قبل زعيم الرزيقات وسبقه كيان الشرق، وهذه جرائم في وقتٍ سابقٍ كانت النيابة تفتح بلاغات ضدها لأنّها موجهة ضدّ الدولة وحالياً لا توجد للأسف). ويرى حضرة أنّ الإسلاميين عقليتهم مبنية على كتائب الظل والعنف، معتبراً أنّ ذلك فات عليه الأوان. وأكمل قائلاً: (هذه الأساليب هي ديدنهم، ولكن فات عليها الأوان، والناس تخطّت مرحلة الخوف والتهويل لمثل هذه الخطابات التي لا تغني شيئاً). عودة الشرّ المستطير ووصف عضو المكتب السياسي بحزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين ما يقوم به النظام البائد حالياً ب (فرفرة المذبوح)، مبيناً أنّ الشعب السوداني سيظل يتعامل مع بقايا المؤتمر اللاوطني باعتبارها شراً مستطيراً، وأنّ عودته إلى الحياة السياسية ستكون وبالاً على البلاد. وقال نور الدين صلاح الدين في تصريحاته ل (الانتباهة) إنّ هذا الأمر لم يأّتِ من فراغٍ، بل عن تجربة استمرت (30) عاماً من الحكم، وسبقها كثير من الممارسات الفاسدة سياسياً ما قبل انقلاب 89م. ويرى صلاح الدين أن مجموعة النظام البائد مطالبة بأنّ تعيّ أنّ واحداً من أهمّ أهداف هذه الثورة إزالة تمكين هذا النظام والجسم السياسي الذي يمثله. وأضاف قائلاً: (على العموم هم أحرار في ما يريدون أنّ يفعلوا، لكن عليهم أنّ يعوا تماماً أنّ واحداً من أهمّ أهداف هذه الثورة وبإذن الله سوف يتحقق هذا الهدف مع استئناف التحوّل المدني هو إزالة تمكين هذا النظام). ويشير نور الدين إلى أنّ ذلك لا يعمّم على جميع الإسلاميين، لجهة أنّ هناك تيارات إسلامية لها حقّ الممارسة والفعل السياسي. وأضاف قائلاً: (لا حجر على أيّ فكرٍ أيّاً كان، ولا حجر على أية محاولةٍ لتنظيم الناس في مجموعاتٍ سياسيةٍ متى ما كانوا مقتنعين بها). وتابع قائلاً: (فقط نحن نتحدّث عن المجموعات التي أجرمت في حقّ الوطن وحق البلاد). بضاعة كاسدة ويفسّر نور الدين حديث القيادي بالمؤتمر الوطني المحلول إبراهيم غندور الأخير عن العمالة والتدّخل الأجنبي، بأنه البضاعة الوحيدة التي يملكونها، مشيراً إلى أنّها بضاعة كاسدة لن يجدوا من يشتريها في السوق. ويمضي قائلاً: (الشعب السوداني على قدرٍ كبيرٍ من الوعي، وهذا الشعب الذي أطاح بهذا النظام يعي ماهية وأغراض هذه الاتّهامات منذ زمانٍ بعيدٍ، فالكل يعرف شكل الممارسة السياسية الفاسدة التي يتبناها تنظيم المؤتمر الوطني). ويشير نور الدين صلاح الدين إلى أنّه لن يكون هناك مستجيب لمثل هذه الدعوات إلاّ المجموعة ذات المصالح المرتبطة بالمؤتمر اللاوطني. وأوضح عضو المكتب السياسي بحزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين، أنّ المؤتمر الوطني إنّ أراد العودة إلى الحكم مرة أخرى، فإنّ ذلك سيكون حُلماً بعيد المنال، مشيراً إلى أنّهم لن يستطيعوا فعل ذلك الا بالوسائل الأمنية والعسكرية ولا حتى بالوسائل السياسية. وأتمّ قائلاً: (لن يستطيعوا فعل ذلك، لأنّ الشعب السوداني يرفض هذه المجموعة رفضاً تاماً، ولا يوجد من يتعاطف معهم إلا المنتسبين إليهم ومن تدور مصالحهم في فلك هذا التنظيم). ودعا نور الدين هذه المجموعة إلى تقديم مراجعات سياسية وفكرية لما قامت به من جرائم في البلاد خلال (30) عاماً التي تمثّل فترة حكمهم. وأردف قائلاً: (عليهم أنّ يقدموا اعتذارهم إلى الشعب السوداني، وأنّ يذهبوا من تلقاء أنفسهم إلى المحاكم، لعلّ وعسى أنّ يطّهرّوا أنفسهم من الأخطاء والجرائم التي ارتكبوها). تقرير: عبدالعظيم عمر