السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    إبراهيم عثمان يكتب: عن الفراق الحميم أو كيف تخون بتحضر!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعم السريع قامت بتدمير السجل المدني وإحراق دار الوثائق وسجلات الأراضي والسلطة القضائية

خلال الأيام الأولى للصراع في السودان، كان لافتًا ما عمدت إليه قوات الدعم السريع من عمليات تخريبية أقل ما يقال عنها بأنها تستهدف دولة 1956 في السودان. إذ قامت بالسيطرة على مقر وزارة الداخلية وتدمير السجل المدني، كما عمدت إلى إحراق دار الوثائق القومية التي تعتبر الذاكرة التاريخية للسودان، وتدمير سجلات الأراضي والعقارات، كما أرشيف السلطة القضائية وسجلاتها ومتحفها. بالإضافة إلى تدمير ثمان متاحف قومية تحتوي على آثار السودان، وعندما سئل المخربون عن سبب التدمير قالوا بكل بساطة لأنها لا تعبّر عنهم. ولدى التأمل بتاريخ الاستيطان والتوطين في السودان والذي جرى خلال الفترة الانتقالية وازداد منذ عام 2019، يربط الباحث السوداني في الشؤون الإقليمية الدكتور محمد حسب الرسول بين هذه الأحداث وبين المشروع الصهيوني في فلسطين، في مقابلة مع موقع الخنادق.
الاستيطان والتطهير العرقي في السودان
بالإضافة إلى الحاضنة السياسية، يعتبر الخطاب السياسي من ركائز الحرب، وقد ركّز على عناوين رئيسة منها إعادة السودان إلى المجتمع الدولي وتبني النيوليبرالية بأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية. بالإضافة إلى قبول وصفات وشروط البنك الدولي والتطبيع مع الكيان المؤقت، وقد مثلت تلك العناوين مضامين خطاب تحالف الحرية والتغيير "المجلس المركزي" الذي يُعتبر الحاضنة السياسية لمشروع الحرب في السودان بطبيعتها الاستعمارية الاستيطانية. يرى الدكتور حسب الرسول أن هذا المشروع لا يمكن أن يكتمل من دون توفر العامل الديموغرافي المفضي إلى صناعة سودان جديد يفاصل تاريخه السياسي والثقافي والاجتماعي والتاريخي والحضاري، "لهذا تمت عمليات تهجير مدروسة من عربان الشتات الذين تعثر عليهم الاندماج في مجتمعات دول الساحل والصحراء الأفريقية بعد هجرتهم إليها منذ القرن الخامس عشر الميلادي، فتم تهجيرهم من تشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى وليبيا، ومن بقية دول الساحل الأفريقي إلى السودان، وقد وفرت دولة خليجية المال اللازم لعمليات التهجير والاستيطان داخل السودان". يقول حسب الرسول. ويشير إلى أنّه في السنوات الأربع الماضية، تمّ توطين بضعة ملايين من المهاجرين من أعراب الشتات في السودان أو "أرض الميعاد الجديدة"، في دارفور وفي وسط وشمال السودان، وعلى امتداد نهر النيل. وذكر أن مليوناً ومئة ألف من هؤلاء المهجرين استخرجت لهم قوات الدعم السريع أرقامًاً وطنية وجوازات سودانية من مركزين أسستهما لهذا الغرض، أحدهما في جنوب ليبيا، والآخر في دولة مالي.
استنساخ المشروع الصهيوني في فلسطين
يرى الباحث والكاتب محمد حسب الرسول بأن محاولة السيطرة على السودان تمرّ الآن بالمراحل نفسها التي استخدمتها الحركة الصهيونية في فلسطين. وما قامت به عصابات "هاغانا" التي تأسست في فلسطين عام 1921 في تأسيس "دولة" الكيان يشابه ما تقوم به منظومة الدعم السريع، بل إن الأخيرة تضطلع بالدور ذاته الذي قامت به الأولى، إذ قامت بدور عسكري مشابه للدور العسكري ل"الهاغانا"، وكررت الدور نفسه الذي قامت به "الهاغانا" في عمليات تهجير الفلسطينيين، وفي عمليات التطهير العرقي، وفي عمليات الاستيطان، وفي إنشاء المستوطنات. ولئن ارتبطت "الهاغانا" بمنظمة "الهستدروت" (النقابات الصهيونية) و"الماباي"، فإن الدعم السريع يرتبط بنظراء لهذه المنظومات على المستوى المحلي إذ تشكل له ظهيراً سياسياً، ومثلما أصبحت "الهاغانا" نواة ل"جيش" الكيان المؤقت، فإن الظهير السياسي للدعم السريع أعلن عن ضرورة تشكيل جيش (وطني) جديد تكون قوات الدعم السريع نواةً له، فكم هي أوجه الشبة بين حالة فلسطين قبل 1948 وحالة السودان الآن؟!
السودان من المنظور الاستراتيجي للكيان المؤقت
يحظى السودان بأهمية كبيرة في منظومة التفكير والعقائد الصهيونية، ويعد الكتاب المقدس أهم مصدر لهذا الاهتمام، فقد ورد اسم السودان فيه 55 مرة تحت اسم كوش، ويحظى السودان كذلك باهتمام خاص من بعض الجماعات الدينية الصهيونية التي ترى أن أجزاء واسعة من السودان هي جزء من جغرافيا حياة نبي الله موسى، وبشكل خاص مولده وإلقاؤه في اليم والتقاطه جنوب مصر ولقاؤه بالرجل الصالح في مقرن النيلين الأزرق والأبيض، والصخرة العظيمة التي تدل على موقع هذا اللقاء، والتي يزورها اليهود كل عام، فضلاً عن اهتمام هذه الجماعات بمنطقة شرق السودان، التي تعتقد أن نبي الله موسى قد كلم الله في بعض جبالها (علمًاً بأن الجماعات اليهودية لا تجتمع على هذا الرأي، كما أن غالب المسلمين لا يوافقونه).
وقد شاعت أنباء عن عمليات قطع طالت جبلاً في هذه الولاية منذ حقبة حكم الرئيس جعفر نميري، واستمرت حتى بداية الألفية الجديدة، وتم تصدير حجارته إلى دولة أوروبية. ومن تلك الحجارة تم قطع وتجهيز مكونات هيكل سليمان البديل، وتم ترحيل هذه القطع إلى داخل فلسطين لأن الأحكام التي استنبطها الحاخامات تقتضي بناء الهيكل من حجارة مباركة وفق الأحكام التوراتية. يرى الدكتور حسب الرسول أنّ الصهيونية جعلت حدود دولة الكيان من النيل إلى الفرات ورمزت لهما بخطين أزرقين في أعلى وأسفل العلم بينهما نجمة داؤود، في تكامل بين الديني والاستراتيجي. ووضع في هذا السياق ما ذكره وزير أمن الاحتلال عام 2008 آفي دختر عندما تحدث عن إضعاف دول ما بين النهرين لتعظيم قوة إسرائيل، وقال إن السودان، بموارده ومساحته الشاسعة، من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول مثل مصر والعراق والسعودية، وإنه يشكل عمقاً استراتيجياً لمصر، وهو ما تجسّد بعد حرب 1967، عندما تحول إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري والقوات الليبية، كما أنه أرسل قوات مساندة لمصر في حرب الاستنزاف عام 1968. وبناء عليه، لا بدّ من إضعاف السودان كضررورة من ضرورات الأمن القومي الإسرائيلي.
أوجه الشبه بين ما يجري في السودان وما جرى في فلسطين قبل عام 1948
أبرز أوجه الشبه بين تجربة استيطان عربان الشتات ويهود الشتات تتمثل في التشابه إن لم يكن التطابق في خطط الاستيطان كما يراها الدكتور محمد حسب الرسول. وتتشابه في واقع المهجرين من عربان الشتات ويهود الشتات في عدم انسجامهم في المجتمعات التي عاشوا فيها قبل تهجيرهم إلى السودان وفلسطين، كما أن التشابه يشمل أهداف الاستيطان وآلياته التي حولته من خطة إلى واقع معاش. وذلك على الشكل التالي:
– هجرت قوات الدعم السريع التي ينتمي غالب أفرادها إلى دول الساحل والصحراء الأفريقية، هجرت الملايين من عربان الشتات الذين تحدروا منهم إلى السودان بعد ان تعذر عليهم العيش في تلك الدول، وتعذر عليهم الانسجام مع مجتمعاتها أو الاندماج فيها برغم إقامتهم الطويلة فيها، الأمر الذي صنع لهم حالة ووضعاً أشبه ما يكون بحالة اليهود الذين ضاقت بهم المجتمعات الغربية وصنع ذلك ما عرف بالمسألة اليهودية. رأت نخب عربان الشتات أن حل أزمة وجودها في دول الساحل والصحراء الأفريقية يكمن في إقامة وطن بديل أطلقت علية اسم دول قريش، وقد وجدت تشجيعًاً من الغرب في ذلك وتأييدًاً ودعمًاً، وهنا يتبدى وجه شبه بين ما قامت به قوات الدعم السريع وما قامت به منظمات أرغون والهاغانا في فلسطين قبل عام 1948.
– وسعت قوات الدعم السريع من جغرافيا الاستيطان، فقامت بشراء البيوت والأراضي الزراعية في مناطق ذات أبعاد تاريخية وحضارية، وبشكل خاص على امتداد نهر النيل وبين النيلين وعلى امتدادهما، وجعلتها مسرحًا للتوطين والاستيطان، وهو الذي قامت بها المنظمة الصهيونية في فلسطين عامة وفي المدن الفلسطينية، وبخاصة جماعة شوفوبانيم، ومنظمة لاهافا.
– محو الذاكرة الوطنية ومحاولة صناعة سردية تاريخية جديدة يدعي فيها المستوطنون الجدد امتلاكهم لأرض السودان، والادعاء بعدم أحقية السكان الاصليين بحقوقهم التاريخية وكافة حقوق المواطنة، وفي ذلك صدى للسرديه الصهيونية التي إدعت وتدعي أحقيتها التاريخية لفلسطين والذي ترجمته عبر تهجير الفلسطينيين واقتلاع بيوتهم ومحاولات السطو على تراثهم وإرثهم الحضاري، وترجم كذلك في منعهم من حقوقهم كافة بما في ذلك حقوقهم المدنية، وهو يشبه ما قامت به جمعية عطيرا اليوشنا في فلسطين.
أسئلة ملحة
يتساءل الباحث والكاتب في الشؤون الإقليمية الدكتور محمد حسب الرسول عن التشابه في تجربتي الاستيطان فهل هي محض صدفة؟ وكيف لقائد الدعم السريع ونائبه وأسرته وهم من غير المتعلمين، ولم تتوافر لديهم القدرة على التعرف على طرق التخطيط وأنماطه، كيف لهم أن يضعوا خطة لتأسيس دولة يجتمع فيها ذويهم من دول غرب أفريقيا على هذا النحو الدقيق من التخطيط والتنفيذ؟، وهل لمشروع الاستيطان في السودان صلة بالمشروع الذي تم تنفيذه في فلسطين؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.