رئيس القضاء يصدر قراراً بتأسيس محكمة جنايات تختص بمكافحة الفساد ومخالفات المال العام، ونظر الدعاوى الخاصة بقضايا الفساد واستغلال النفوذ والتعدي على المال العام، وتخريب الاقتصاد الوطني. بمعنى تأسيس محكمة خاصة بقضايا الفساد، تُحاكم كل من ثبت تورطه في القضايا المرتبطة بالفساد. وقبل قرار إنشاء المحكمة، -حسب التيار – كان قرار تشكيل مفوضية لمكافحة الفساد في العام 2011م، ورغم أنَّ لا حاجة لإنشاء مفوضية، لكنَّ إنشاءها أعطى إشارة جادة لمكافحة الفساد، لكن منذ تأسيس مفوضية "أبو قناية" حتى تاريخ حلها لم تحصل على حالة فساد واحدة، رغم أنَّ سيل المستندات قبل إنشاء المفوضية كان لا يتوقف عن صفحات الصحف. في أبريل عام 2014م وافق البرلمان بالإجماع على إخضاع عدد من القوانين المتصلة بحماية المال العام للمراجعة وهي، قانون الثراء الحرام والمشبوه، القانون الجنائي، قانون غسيل الأموال، قانون المراجعة القومي، وقانون الجمارك والشركات. في يونيو 2014م أجاز البرلمان اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد لعام 2012م، وكان ذلك تزامناً مع اتفاق معلن بين النيابة العامة ومفوضية حقوق الإنسان، على ضرورة رفع الحصانات التي تتمتع بها عدد من الجهات، لتسهيل سير العدالة والشفافية في المحاكمة. في 2015م أعلن الرئيس البشير عن تشكيل هيئة للشفافية ومكافحة الفساد بصلاحيات واسعة تتبع لرئيس الجمهورية، وانتهى الأمر إلى إصدار قانون بشأنها، لكن القانون بعد ما مرره البرلمان أُعيد إليه وسحبت المادة الخاصة برفع الحصانة، ما يعني أنَّ القانون أصبح غير مجدٍ لأنَّ عائق الحصانة باقٍ. قبل أيام، أُعلن عن نية الحكومة تفعيل قانون الثراء الحرام. خطوة إصدار قرار بإنشاء محكمة خاصة للفساد، تشبه تماماً الخطوات التي اتخذتها الحكومة منذ عام 2011م لكسب المزيد من الوقت، ومحاولة إظهار جدية لمكافحة الفساد. قضايا الفساد واستغلال النفوذ وغيرها هل تحتاج محاكم خاصة أو قوانين جديدة، هل الحاجة الحقيقية إلى قانون أو مفوضية أو توقيع على اتفاقية أممية. الإجراءات التي خادعت بها الحكومة الرأي العام تجاه محاربة الفساد، أصبحت فاقدة لفعاليتها تماماً.. في سبيل إظهار جدية لمحاربة الفساد سوف تؤسس هذه المحكمة الخاصة بقضايا الفساد على وجه السرعة، لكن هل سيمثل أمامها فاسد، أم تُغلق ل "عدم كفاية الأدلة".
