أخيراً توقف إطلاق النار في غزة بنتيجة خلاصتها 70 ألف قتيل والكثير من مبتوري الأطراف، وآلاف المعتقلين الفلسطينيين، بينما يقف الفلسطينيون يرنون إلى غزة التي تم تدميرها بالكامل، فلا يعرفون يفرحون بوقف نزيف الأرواح والقتل اليومي والإبادة المقننة، أم يتحسرون على ما آل إليه أمرهم. وقد قدرت منظمات الأممالمتحدة أن إعادة بناء القطاع الصحي، فقط في غزة، تحتاج إلى 5 مليارات دولار حسب تقديراتهم، والسؤال كم ستحتاج غزة من الأموال والوقت وجهود الإغاثة وإعادة البناء لتعيد بناء نفسها وتصبح قابلة للعيش مرة أخرى؟ الأمر ليس سهلاً، وحسابات الخسائر ليست متاحة بالسهولة التي نتخيل، فتحت ركام البنايات والبيوت والمشافي والمدارس والأسواق بشر لم تطلهم يد الإنقاذ في خضم ذلك الجحيم، وإذن فجهود إعادة البناء لن تكون سهلة أبداً، وستعيد فتح الكثير من الجراح بلا شك، لكن وقف الحرب أفضل ألف مرة مما كان يحدث، أياً كانت الصدمات الآتية! لقد بذلت البلاد العربية جهوداً مضنية في عملية الوساطة الدولية، خلال مراحل هذه الحرب، فقامت مصر والإمارات وقطر والسعودية والأردن و… بجهود لا يمكن نكرانها، والتجاوز عنها بهذه المزاعم التي تضج بها السوشال ميديا. حيث يسهل إطلاق مزاعم بالتقاعس والتخاذل.. إلى آخر هذا القاموس المبتذل من المزاعم في وجه دول حاولت وبذلت أقصى ما تسمح به إمكاناتها الدبلوماسية، وبصدق حقيقي، لأن الجميع يعلم أن القضية الفلسطينية هي حجر زاوية ثابت في السياسات العربية عامة والخليجية تحديداً ودون مزايدات تافهة. لقد قادت الإمارات جهود إغاثة مشهودة خلال الحرب، وقادت مصر جهوداً دبلوماسية قوية بما هو معروف عن مصر من ثبات وقوة في مواقفها السياسية من قضية فلسطين، ولذلك كان للقاهرة الدور الأبرز في اتفاق تسليم الرهائن ووقف إطلاق النار الأولي، تمهيداً لبحث النقاط العالقة (نزع سلاح حماس وإدارة القطاع وجهود الإعمار). إن موازين القوة محكومة بمعادلات سياسية وعسكرية صعبة وليس بأمنيات، والشرق الأوسط على بركان يغلي، ويحتاج إلى الكثير من الحكمة السياسية.