وضع تقرير دولي السودان ضمن قائمة الدول الأكثر فقدانًا للقوة الشرائية في العام 2025، مع ارتفاع معدلات التضخم الذي يدفع الأسعار إلى التصاعد ويقلّل من قيمة المال. وتضم القائمة، إلى جانب السودان، كل من زيمبابوي وبوروندي وفنزويلا، وفقًا للتقرير الصادر عن فيجوال كابيتاليست الذي يستخدم معدلات التضخم المتوقعة من صندوق النقد الدولي (IMF). وفيجوال كابيتاليست هي منصة إعلامية كندية تأسست عام 2011، متخصصة في تبسيط المعلومات المعقدة عبر الإنفو غرافيك والفيجوال داتا تهدف إلى تقديم محتوى بصري سهل الفهم حول الاقتصاد العالمي، الأسواق المالية، التكنولوجيا، الطاقة، الجغرافيا السياسية، والمواضيع المرتبطة بالبيانات الضخمة. وتعتمد في تقديراتها على مصادر رسمية موثوقة مثل البنك الدولي والوكالات الإحصائية والشركات البحثية الكبرى. ووضع التقرير تقديراً لما ستساويه قيمة 100دولار في بداية العام بحلول نهاية 2025 في مختلف البلدان. ومع ارتفاع معدل التضخم، بحسب قياس المعدلات في السودان، ستصبح قيمة 100 دولار مدّخرة في بداية العام حوالي 67 دولارًا فقط بحلول ديسمبر، كما تتأثر زيمبابوي وبوروندي بشدة، إذ من المتوقع أن تنخفض قيمة 100 دولار فيهما إلى نحو 77 دولارًا بحلول نهاية العام. ويلقي التقرير الضوء على معدلات التضخم المرتفعة بالسودان والتي تأثرت بالأوضاع السياسية القائمة والتي القت بظلالها السالبة على الاقتصاد القومي والذي ظهر جلياً في معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية امام العملات الاجنبية. وتراجع معدل التضخم في شهر اكتوبر الماضي الى 77.80 بالمئة، خلال أكتوبر الماضي، مقارنة مع 83.47بالمئة في سبتمبر السابق له. والاربعاء الماضي جاء في بيان صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، أن معدل التضخم الشهري انخفض بنسبة 1,4بالمئة في أكتوبر مقارنة بالشهر السابق له. ونسبة التضخم المرتفعة في البلاد، تعود بشكل رئيس إلى تدهور سعر صرف العملة المحلية (الجنيه)، إلى متوسط 3500 جنيه مقابل الدولار الواحد، وسط تذبذب في وفرة النقد الأجنبي. وسجل معدل التضخم وفقا للنشرة الشهرية لجهاز الاحصاء، في المناطق الحضرية 83.37% بينما سجل معدل التضخم في المناطق الريفية 74.64%. وأوضح المحلل الاقتصادي، د. هيثم محمد فتحي إن القوة الشرائية مفهوم اقتصادي يؤثر على مستوى المعيشة والرفاهية، ويعبر عن قدرة المستهلك على شراء السلع والخدمات بوحدة نقدية معينة في فترة زمنية محددة. وقال ل(المحقق) ان القوة الشرائية تحدد كمية السلع والخدمات التي يمكن للفرد شرائها بمقدار واحد جنية مثلاً. وتتأثر القوة الشرائية بالتضخم حيث يؤدي ارتفاع معدل التضخم إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود، ويزيد من أسعار السلع والخدمات. وأشار فتحي إلى تأثير ارتفاع أسعار السلع والخدمات على القوة الشرائية، من خلال تقليل القدرة على شراء المزيد من السلع والخدمات. كذلك يتأثر الاستهلاك بشكل كبير بحجم الدخل المتاح للفرد، ويزيد كلما زاد الدخل. ونوه الى ان الأزمات الاقتصادية تؤثر على القوة الشرائية، وتزيد من البطالة وتقلل من الدخل المتاح للفرد، وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليل الاستهلاك وهذا ما يعانيه الان السودان مستويات التضخم المرتفعة. وأكد فتحي الى ان الاوضاع الاقتصادية في السودان حدت من القدرة الشرائية للمواطن، وأدت الى زيادة نسب الفقر، بالإضافة الى تغيير سعر الصرف للجنية السوداني مقابل العملات الأجنبية، الذي يعد السبب الرئيسي لارتفاع نسب التضخم مما أدى الى فقدان المواطن نسبة من القوة الشرائية لدخله أكبر بكثير من نسبة انخفاض قيمة العملة بسبب عدم السيطرة على الأسواق وارتفاع الاسعار لجهة ان الارتفاع دفعت ثمنه الشرائح محدودة الدخل، ومن ثم قاد الى توسع فجوة الفقر وزيادة حجم البطالة. كذلك غياب دالة الإنتاج، وانخفاض الصادرات، وارتفاع التكاليف على المتطلبات السلعية، وارتفاع الضرائب والرسوم الحكومية ويقول الخبير الاقتصادي أحمد بن عمر ل(المحقق) إن تصنيف السودان ضمن أكثر الدول فقدانًا للقوة الشرائية في 2025 يعكس ثلاث حقائق مترابطة: تضخم مرتفع، تدهور مستمر في قيمة الجنيه، وانكماش في الدخول الحقيقية للمواطنين. وأضاف: عمليًا، هذا يعني أن نفس المبلغ من المال بات يشتري كميات أقل بكثير من السلع والخدمات مقارنة ببداية العام، نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد، تعطل الإنتاج المحلي، وضعف سلاسل الإمداد بسبب الحرب. وأشار إلى أن هذا التراجع لا يرتبط فقط بالسياسات النقدية، بل أيضًا بتدمير البنية التحتية، وتقلص النشاط الزراعي والصناعي، واتساع السوق غير الرسمي. وأوضح أن النتيجة المباشرة هي ضغط حاد على الأسر، تآكل المدخرات، واتساع دائرة الفقر، مع انتقال الاقتصاد من نمط التنمية إلى نمط "البقاء". ولفت إلى أن هذا المؤشر يجب أن يُقرأ كإنذار مبكر بضرورة الإصلاح الهيكلي العاجل، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو الإنتاج والاستقرار المؤسسي، وليس مجرد السيطرة الظرفية على الأسعار وقال إن إحدى أهم بوابات الإصلاح في السودان تتمثل في مراجعة وضبط معدلات عرض النقود، لأن جزءًا كبيرًا من موجة التضخم الحالية مرتبط بالتمويل بالعجز والتوسع في الطباعة النقدية دون وجود مقابل إنتاجي حقيقي زيادة الكتلة النقدية في اقتصاد يعاني من انكماش في الإنتاج وتدهور في سلاسل الإمداد تؤدي بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار، وليس إلى نمو اقتصادي. وتابع أي سياسة جادة لممارسة ضبط التضخم في السودان يجب أن تبدأ بكبح التوسع النقدي، وربط الإصدار النقدي بالنمو الحقيقي في الإنتاج، مع تعزيز استقلالية البنك المركزي وإيقاف التمويل التضخمي للحكومة. من جهته أكد استاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية، د. محمد الناير على صحة ماورد في تقر فيجال كابليست باعتبار أن السودان خلال العام 2025 كان من أكثر الدول فقدانا للقوى الشرائية. وأوضح أن عند اندلاع الحرب كانت قيمة الدولار 570 جنيه مستمرا حتى عام بعد الحرب الا إن اسعاره بدأت غي التصاعد بشكل مستمر وقفز الى 2500 جنيه ومن ثم قفز الى 3500 جنيه خلال العام الجاري. وأشار الناير ل(المحقق) إن قيمة ال 100 دولار تراجعت من بداية العام وحتى نهايته لتصل الى ما يقدر بنحو 67 او 65 دولار بنسبة تزيد عن ال 30 %. واعتبر ان ما يحدث من تغييرات في اسعارالعملة هو نتاج للحرب المستمرة زهاء الثلاث اعوام وهو ما يجعل الاقتصاد منهكاً بسبب توفير الايرادات للمجهود الحربي والفصل الاول لكل العاملين. وكشف الناير ان الدولة تباطأت في وضع المعالجات للحد من التضخم حيث لم تأخرت كثيرا في قضية تبديل العملة. وأوضح ان الخطوة التي لجات اليها الدولة عبر التعامل الالكتروني وايداع النقود كان من الممكن أن تتم في الشهور الاولى للحرب حتى تصبح العملة المنهوبة من البنوك والمنازل غير مبرئه للذمة. وأكد أن عملية تبديل العملة حتى الان لم تتم بشكل كلي ولا تزال بعض الولايات لم تتم فيها عملية التغيير مثل الخرطوم، الجزيرة والنيل الابيض والذي عده خلل كبير. واقترح الناير معالجات تشمل تغيير العملة بشكل كلي وسحب ثلاث اصفار منها للحفاظ على استقرار صرف العملة الوطنية امام العملات الاجنبية والتاثيرايجابا على معدلات التضخم الذي اثر على القوى الشرائية بشكل كبير. المحقق – نازك شمام إنضم لقناة النيلين على واتساب Promotion Content بعد مماتك اجعل لك أثر في مكة سقيا المعتمرين في أطهر بقاع الأرض ورّث مصحفا من جوار الكعبة المشرفة