انا لن اعطي صوتي لرجل اسود. بالجملة الصارخة هذه، نطق العجوز" بيل "، عامل في مصنع، في مدينة اوهايو، حين استطلعوه، قبل التصويت في المدينة، عن من سيعطي صوته، لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الامريكية. وهذا بعض، مما قد يعانيه مستقبلا، السيناتور الاسود، ذو الاصل الافريقي، باراك اوباما، الذى اعلن، نهاية الاسبوع، حسابياً بأنه مرشح حزبه الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، بعد حملة انتخابية شرسة، وفريدة على الاطلاق، مع منافسته هيلاري كلينتون سيناتور نيويورك،التي رفعت امس الراية البيضا لاوباما. ولكن عزاء المرشح الزنجي المغمور، الذي صعد نجمه خلال اشهر، فقط، الى سطح احداث العالم، عزاؤه ان من حملوه الى منصة الترشيح عن الحزب، هم من فئة الشباب، بغض النظر عن لونهم او عرقهم.هؤلاء يمثلون" 70 % "من الشباب الامريكي. ولا شك انهم هم الشباب الذين اخرجتهم احداث 11 سبتمبر من اثقالها، من حالة انكفاء واكتفاء بأمريكا، ولا شئ سوى امريكا، تبدأ منها الدنيا وتنتهي بها،من تلك الحالة، الى فضاء آخر. الاحداث قالت لهم: ان هناك شيئا ما في الجانب الآخر من الكون، فالتفتوا لمعرفة ذلك الشئ الآخر، يتفحصونه. في الاثناء ظهر الساحر اوباما بسحر راق لهم التعاطي معه. وليس الشباب وحدهم هم من استهواهم شعار" التغيير"، الذي حمله اوباما - (46) عاما - وشق به الطريق، الى ان وصل المقدمة في هذه المرحلة من الانتخابات الرئاسية، ولكن العلماء والمثقفين والباحثين، هؤلاء سحرهم" الساحر بشعار «التغيير».. بهذا الشعار استطاع أوباما ان يكسب الشباب القلق ، وكل من تستهويه فكرة التغييرعموما، بل من يتخذونه منهجا في حياتهم. ودعاة التغيير أصلاً لا يعيرون اهتماما ل «الالوان والسحنات». والتغيير عند اوباما سياسات وبرامج جديدة، مغايرة ، توفر خدمات الصحة وتكبح الفقر، وتجد الوظيفة للخريج، وترتب حال العاطل، وتنهي اختلال التجارة الداخلية، وسياسات وبرامج، يتصور انها تخرج الامريكي من محنة تضخم يطأه بكلتا رجليه، في صحته ومعاشه وتعليمه وحله وترحاله. والتغيير في التعاطي مع السياسة الخارجية:العراق سحب القوات خط استراتيجي للعمل الخارجي، ثم البحث عن ثغرة في جدار الملف النووي بين ايران وامريكا، حوار بين الاسلام والغرب وتصميم وجه جديد للامريكي، يكون مقبولا للآخر، فوجه الامريكي الآن في نظر الآخرين، بائس، في افضل التوصيفات، هو وجه مرعب، ووجه القاتل، ووجه الظالم، ووجه من لا لغة له سوى لغة القوة، وجه الفوضى البناءة . انها عناوين جانبية، حاول سيناتور ألينوي، عبرها ان يجيب على سؤال" التغيير"، الذي طرحه، ولهج به لسانه، وان يشق طريقه الصعب الى المقدمة، وقد نجح، حتى اللحظة ، لان الشعار، وعناوينه، وقوالبه التي صبت فيه، صادفت هوى في قلب الامريكي الديمقراطي، بغض النظر عن كونها شعاراً وعناوين وقوالب قابلة لاحدث التغيير على الارض حقيقة، ام لا. ويشير هذا الاندفاع نحو شعار" التغيير" الى ان الامريكي قد" شبع " لحد التخمة، من" النظرية الأمنية" وما فيها من عناوينها مثل الفوضى البناءة، التي حكم بها بوش لفترتين، افرط في ضخ النظرية، حتى انفرطت في الاتجاه الآخر، الاوضاع الداخلية المتعلقة بضمانات الحياة الكريمة، وكل وما يعين الامريكي على مواصلة الحياة، كما ينبغي، او كما كان. بشعاره هذا، سيكسب اوباما في مقبل الايام كثيرا، وحظوظه في الفوز اوفر، خاصة ان منافسه الجمهوري جون ماكين، يقدم، في حملته، نسخة غير منقحة من كتاب بوش. المنافسة الآن، بين" بقاء الحال كما هو عليه، وبين التغيير"، حسب تعبير احد المحللين.