نعم لم يكن أوكامبو هو المتآمر الوحيد ضد السودان وضد رمزه الوطني والسيادي السيد رئيس الجمهورية. لقد كانت مع أوكامبو أطراف أخرى كثيرة.. محلية.. تعاني مرارات تجاه الحكومة وتجاه رئيسها وكل رموزها.. وأصبحت تحتل موقعاً متقدماً في خارطة الشامتين.. وقوى أخرى إقليمية معروفة تتخذ من النظام التشادي مركز انطلاق للعداء ضد السودان، وهذه القوى الإقليمية عملت ومازالت تعمل وبكل قوة وبكل الدعم الذي لا تملكه من أجل إسقاط النظام في السودان.. وقوى أخرى عالمية ممثلة في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وأمامهم الكيان الصهيوني بموساده. لذلك جاءت اتهامات أوكامبو من منطلقات سياسية وليست قانونية وهذا أمر أكده كل خبراء القانون الدولي من مختلف دول العالم الذين نشطوا بشكل واضح إبان ظهور هذه الأزمة. ولأن القرار قرار سياسي وليس قانونياً جاءت تحركات الحكومة من هذا المنطلق وقامت وفود الى مختلف الدول العربية لعرض القضية وإظهار الحق.. وحتى لاتقع في الشر وتعلن وقوفها مع الشر كثير من الدول العربية.. كان موقفها منذ البداية موقفاً غير واضح.. لم تعلن استنكارها للقرار الظالم ولم تؤيده.. إلا بعد انفضاض اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد أخيراً.. لكن هناك دولاً مؤثرة من ناحية ثقلها السياسي والمالي.. لم تكشف عن موقفها حتى الآن.. وهي أقرب إلينا من كثير من الدول. الموقف المصري.. كان أوضح المواقف منذ اللحظة الأولى.. فقد أدان الرئيس المصري موقف أوكامبو.. وطالب أمريكا بخطورة تطورات الموقف في السودان إذا استمر أوكامبو في حيثياته ضد السودان، لذلك على الدولة التحرك في جبهات عديدة منها العربي والإقليمي والعالمي.. وكذلك يجب أن لا ننسى (المحلي) لأن كثيراً من القوى الطامعة في السلطة.. قد أعماها هذا التطلع.. وأصبحت لاتفرق بين الموقف الوطني والموقف الخياني. وبالرغم من أن هذا (المحلي ) ضئيل وضعيف لأن معظم القوى السياسية السودانية سجلت موقفاً واضحاً.. تناست فيه الخلافات السياسية والشخصية (إلا .... )، ونأمل أن تتفوق حكمته وخبرته ووطنيته وإمكاناته على مراراته الشخصية، فينسجم مع الموقف العام.. لأن الكبير يجب أن يظل كبيراً.. ويجب أن يتجاوز المرارات ويجب أن يسمو فوق الصغائر. الموقف خطير.. ويتطلب تضافر الجميع وتوحد الجميع.. لخروج الوطن سالماً وموحداً، لأن استهداف الرئيس هو استهداف للوطن ولوحدته ولثرواته، لأن كل القوى المعادية تعمل من أجل تمزيق السودان وتقسيمه على دول الجوار. إن المؤامرة أمريكية الخطة، فرنسية السيناريو وصهيونية التنفيذ. ومن الغريب أننا لم نشعر بأي تحرك جاد لقيادة الحركة الشعبية التي أعلنت أنها سوف تبطل اتهامات أوكامبو.. لكن لم نسمع أي تحرك ملموس لقيادة الحركة لإطفاء هذا الحريق، خاصة أن علاقتها الوثيقة بالإدارة الأمريكية يمكن أن تؤثر فيها لإفساد هذه المؤامرة.. وإن لم تفعل الحركة الشعبية هذا فسوف تطير في الهواء ألف علامة استفهام. ويجب على قيادة الحركة أن تفهم جيداً أن هذا القرار يستهدف اتفاقية السلام استهدافاً مباشراً، وهذا يعني خسارة كبيرة للسودان وأهله في شمال وجنوب البلاد. المطلوب حركة سريعة لقيادة الحركة لاحتواء الموقف.. أقول هذا وأنا أتذكر ان الفريق سلفا كير ميارديت هو رئيس اللجنة المكلفة بإدارة الأزمة.. هذه الأزمة يجب ان تُحل في الخرطوم.. وليس من جوبا. المطلوب وجود اللجنة في المركز أي في الخرطوم وتظل في حالة إجتماع متواصل لتخطط حركتها وتحدد إتجاهاتها وأهدافها التي يمكن من خلالها تحديد الأهداف هدم المعبد على رأس أوكامبو وأعوانه المتعاونين معه. الحل العربي.. دائماً يقف في الخط الرمادي لكن بالتعاون مع الأفارقة يمكن ان يتحول الرمادي الى موقف واضح ناصع البياض. على الحكومة إسراع الخطى لحل مشكلة دارفور والإسراع بمواجهة القرار الظالم وأن لا تعتمد على المواقف الهلامية لوزراء الخارجية العرب.. الأمر الذي جعل عمرو موسى يستحي من الحديث عن الخطة التي خرج بها مؤتمر وزراء الخارجية العرب.. وهو أمر مؤسف للغاية. والله من وراء القصد وهو المستعان.